رواية خطوات نحو الهاوية بقلم منال سالم
عطرا مماثلا لما كان في زجاجة العطر الفارغة التي احتفظت بها لأشهر وبالفعل ذهبت بالزجاجة إلى محل العطور لأخذ رأي الخبير هناك تحير البائع قليلا وأتى لي في النهاية بشيء مقارب لها مع الفارق أنه باهظ الثمن...
طلبت منه أن يغلفها بشكل لائق فنفذ رغبتي بتهذيب عدت إلى المنزل والحماس يملأ صدري لأهديها له وانتظرت بشغف عودته ليراها راقبت باهتمام مشتعل بداخلي نظراته وردة فعله وهو يفتحها رأيت ابتسامة باهتة تتشكل على ثغره قائلا
هل أعجبتك
أومأ برأسه هاتفا
نعم.
سعدت كثيرا لكونها قد حازت على إعجابه وأضفت بشغف معكوس في نبرتي
لقد سعيت جاهدة لأطابقها بتلك الزجاجة القديمة التي أعطيتها لي
حدق بشرود أمامه مرددا بوجه متعجب
لا أذكر ذلك
أوضحت له بجدية لأشير لحرصي البالغ عليها
قبل أن تسافر تركت لي زجاجة عطرك الفارغة
أرجع رأسه للخلف معلقا
سألته بترقب وأنا أبعثر الرائحة في الهواء ليشتمها أنفه
هل الرائحة مثلها
رد بفتور.
قليلا ولكن القديمة لم تكن أصلية
زويت ما بين حاجبي متسائلة باندهاش
ماذا
أردف موضحا
كانت زجاجة عادية رخيصة الثمن حتى أني لم أكن أحبذها كثيرا
أحبطتني كلماته القاسېة وأفسدت فرحتي بالكامل وأنا التي ظننت سابقا أنه أعطاني إياها لكونه يحبها تحديدا رددت باستياء ملموس
ربت على كتفي كنوع من التقدير قائلا
سلمت ناردين
سألته بحزن حاولت إخفائه
هل ستضع منها اليوم
أولاني ظهره معقبا.
لاحقا فقد أهداني رفاقي النوع المفضل لي
تفاجأت من اهتمامه غير المبرر بهدايا أصدقائه عن هديتي سألته مصډومة
حقا
أجاب مؤكدا بحماس لم يظهر مع تطلعه لهديتي
نعم نوع فاخر لا يليق إلا بي
هتفت بغيظ
وزجاجتي غالية أيضا
أعلم سأضع منها لا تقلقي.
ساورتني الشكوك بأنه يجاملني فقط تطلعت إليه بنظرة حانقة غاضبة منه فأنا أسعى لرأب الصدع في علاقتنا التي تحولت لاهتمام وحب من جانبي وفتور وشيء روتيني من جانبه شهقت بفزع حينما رأيته يضع الزجاجة بإهمال عند حافة التسريحة شعرت في تلك اللحظة أنها ستتحطم وصدق حدسي فسقطت متهشمة على الفور اتسعت حدقتاي قهرا على ضياع ما أنفقته على الهدية سدى ليس هذا فقط بل على تلاشي السعادة من حياتي الزوجية استدار نحوي قائلا بحرج.
ثم انحنى ليجمع الزجاج المتناثر بينما تجمدت في مكاني أبكي بضيق مبرر وكأن شريط ذكرياتي معه يمر ڼصب عيناي لينتهي عند حافة الهاوية اعتذر من جديد مبديا ندمه ولكني لم أتقبله فلو أظهر للحظة واحدة شغف صادق نحو هديتي لما عبأت مطلقا بما صار حتى لو تحطمت عشرات المرات فيكفي أن تهادي أحدهم وردة بمحبة صادقة لتصل مشاعره إلى قلبك وتغلغل في أعماقك عن مجرد كلمات منمقة مجاملة كنوع من تأدية الواجب هو من البداية عكس عدم مبالاته بها وأنا توهمت حسن نيته هرعت من الغرفة متجهة للحمام لأبكي بداخله ومع هذا لم يلحقني حبيب تركني أتجرع مرارة الحزن بمفردي مكثت لبعض الوقت حتى استجمعت نفسي وخرجت منه لأجده راقدا على الفراش يطالع هاتفه المحمول كما لو لم يفعل شيئا تمددت إلى جواره متوقعة أن يتجاذب أطراف الحديث معي ليهون علي الأمر وانتظرت ثم انتظرت وراقبته لمدة طويلة لا شيء صدر منه نحوي فقط تحديق مهتم بما يتابعه في هاتفه حينها أدركت أن ما أرسمه في مخيلتي من معايشة مشاعر الحب حتى نهاية العمر لم تكن إلا أوهاما خادعة أنا أحببته من جانبي فقط وهو لم يبادلني نفس الشغف ونفس المحبة ادعيت