رواية خطوات نحو الهاوية بقلم منال سالم
انت في الصفحة 8 من 8 صفحات
النوم لأنخرط من جديد في نوبة صامتة حذرة من البكاء المقهور.
مضى شهر وراء الآخر واعتدت تقريبا على طباعه الجافة قل التواصل بيننا حتى بات أمرا عاديا إن لم نهاتف بعضنا أو نتحدث لأيام خلال سفره المستمر نعم أفقت من وهم الحب الحالم معه وبت مثله واقعية لا أفكر فيما يحتاجه القلب من مشاعر صادقة و الوجدان تسلحت بالجمود والفتور وسعيت فقط لإكمال صورة العائلة السعيدة بالإنجاب لكن تعذر حدوث ذلك لتباعد فترات الاتصال بيننا آنذاك أخبرني طبيبي النسائي بوجود وسائل طبية لحدوث ذلك في حال سفر الزوج تحمست للفكرة إلى حد ما فلما لا أشغل وقتي بطفل أوليه حبي وأمنحه كل ما عجزت عن الحصول عليه قرأت عن المسألة وتقصيت من المختصين ليكون أبعاد الموضوع مكتملا عندي حينما أفاتحه فيه وتبقى لي النقاش معه لنحسم سويا ما راود عقلي مؤخرا بعد أن زاد إهماله لي وعانيت أكثر من قسۏة الوحدة اخترت مفاتحته في عطلته الأخير كالعادة كان مسترخيا على الفراش يتبادل حديثا مكتوبا مع أحدهم لوقت ليس بالقليل هتفت قائلة بنزق لأقطع متابعته معه بعد أن تملكني الضيق من تجاهله الزائد عن الحد.
نظر لي من طرف عينه نظرة باردة ثم رد متسائلا
وما المطلوب مني
رددت بجدية تامة
أن نفعل المناسب لكي ننجب
زفر قائلا بوجه ممتعض
هذه مشيئة الله حينما يأذن سيحدث
علقت عليه بإصرار
ولكن أمرنا الله أن نأخذ بالأسباب هناك وسائل طبية قد تتيح لنا حدوث ذلك
تفاجأت به يقول بجدية بالغة
سألته مصډومة من مصارحته العلنية الهادمة لجذوة الحب الصغيرة الباقية بداخلي
ماذا تقول
رد بنبرة جمعت بين القسۏة والجمود
ما سمعتيه ناردين
هتفت مدافعة پجنون عن حلمي الأخير خاصة أن مدة زواجنا قد طالت دون وجود صغار
كل زوجين يحلمان بأن ينجبا طفلا وأنت تقول لي هذا الكلام الفارغ أنا لا أصدقك!
لأني في بداية طريقي مازال أمامنا بضعة سنوات لننجب وأنا لا أرغب في طفل يعوق مخططاتي حاليا
انحبست العبرات المصډومة في طرفي تنفست بعمق لأمنع صدري الذي اختنق من أن ينفجر بصړاخ لأقول ببطء وأنا أرجوه
إنها رغبتي الأخيرة حبيب اعتبره طلبي الوحيد
وكأنه لم يتأثر بحالتي الواجمة ليرد بوجه متحجر الملامح قاسې النظرات
لم أتحمل المزيد خرج صوتي منتحبا صائحة به
وأنا لن أنتظر مرور العمر لأحصل منك على طفل ألا يكفيك تركي وإهمالي لترفض منحي أحد حقوقي!
رمقني بنظرة جافة خالية من العطف معلقا علي
ناردين أنت تريدين الشجار على أمر تافه!
رفعت حاجبي للأعلى مستنكرة تبريره للأمر متسائلة
أجابني ببرود.
نعم فأنا لا أريد طفلا يقيد حريتي بالمزيد من المصروفات ويلزمني بمسئوليات أنا في غنى عنها الآن وأنت لن تغصبيني على ذلك
فاض بي الكيل ورأيت حياتي على المحك صړخت به معبرة عما يجيش في صدري من آلام وأوجاع أرهقتني على الأخير
لقد سئمت من تلك الحياة العقيمة التي لا تقدم لي سوى التعاسة
الآن تتذمرين
سألته بحدة وأنا أبكي العبرات الحاړقة
لماذا تزوجتني حبيب ألم تكن تحبني
أجابني دون تردد
نعم كنت!
كان رده مقتضبا لكنه أصاب قلبي في مقټل ابتلعت ريقي في حلقي المليء بالعلقم لأسأله وأنا أتوقع الرد مسبقا
والآن
رد بفتور
لا أعرف
بكيت كما لم أبك من قبل التهبت حدقتاي من حړقة الدمعات التي صړخت عني سمعته يضيف ببرود
وأرجوك لا تضغطي علي فلا أتفوه بالحماقات دعيني لأنام
رفضت صائحة بصړاخ
لا
زفر متسائلا بنفا
صبر
ماذا تريدين
سألته بعتاب وقد أدمى حديثه قلبي المفطور.
هل هناك ما لم تفعله لتهمل مشاعرنا
هدر مستنكرا
تتحدثين عن المشاعر مرة أخرى أخبرتك من قبل أني لست برجل حالم أنا واقعي و...
قاطعته بنبرتي الباكية
والاهتمام لا يتطلب أن تكون عاشقا متيما فقط امنح شريكك ما يستحقه على قدر اهتمامه بك لو كنت تعاملني مثل رفاقك لما اشتكيت أبدا
أشاح بوجهه بعيدا عني مرددا
عدنا إلى نقطة الرفاق مجددا أنت تغارين منهم حقا النساء عاشقات للنكد!
تحركت لأقف قبالته وأنا أسأله بنفس منكسرة
وماذا عنكم أنتم معشر الرجال أتمنحون السعادة للنساء
رفع كفه أمام وجهها قائلا
لا أريد الحديث ناردين
سألته بإلحاح
وماذا عني ألم تشفق على...
قاطعني بقسۏة
أتعلمين لقد مللت من چحيم حياتك
نظرت له پصدمة من بين عبراتي التي غلفت مقلتاي ثم سألته بذهول
أباتت حياتي معك چحيما
أجابني متعمدا أن يكون شرسا في رده
نعم هل ارتاح قلبك
رددت عليه.
أنت لم تحب إلا نفسك
بدا فجا وهو يعلق
وما العيب إذا منحت نفسي بعض الاهتمام
رمقته بنظرة مليئة باللوم قبل أن استطرد قائلة
يا ليتها كانت نفسك فقط لكنك تمنح كل من حولك الاهتمام إلا زوجتك أتذكر تاريخ زواجنا أتذكر يوم ميلادي أتذكر أي تفصيلة تخصني متعلقة بنجاحي
عقب بوقاحة
كفاك أوهاما تتصيدين الأخطاء لمجرد رفضي لمسألة الإنجاب!
صحت رافضة ما يقول وأنا أكفكف عبراتي بظهر كفي.
ليست بأوهام إنها الحقيقة حبيب أنت لم تف بوعودك القديمة لم تمنحني الحب قصرته فقط على أصدقائك وأهملتني حتى أنك ترفض الإنجاب كي لا تتقيد بطفل فتبقى حرا غير ملتزم بأي مسئوليات
أردف قائلا
من حقي أن...
قاطعته بحدة قبل أن يختلق لنفسه المبررات ومشيرة بسبابتي نحوه
معذرة ليس من حقك وحدك فأنا شريكتك
منحني نظرة لم تعرف الحب أبدا ليقول بعدها بجحود
أحيانا أتمنى لو كنت أعذبا.
رددت عليه ببقايا كبرياء مستنزف
يا ليتك بقيت هكذا ولم تظلمني معاك
صدمني قائلا
لقد وصلنا إلى مفترق طرق ناردين
سألته وأنا أحاول الحفاظ على الجزء المتبقي من ثباتي
ماذا تقصد
أجابني بعد زفير قصير
نحن بحاجة للابتعاد عن بعضنا لبعض الوقت
ارتجف بدني من تصريحه العلني برغبته المتنامية داخله بالانفصال عني وإن كان قد انتقى من الكلمات ما يهون به وطأة الحقيقة القاسېة على روحي المتعبة تابع قائلا بعزم.
لنعطي لأنفسنا فسحة لنفكر في القادم من حياتنا إن أردنا إكمالها بتلك الصورة سويا وأشك أن نفعل
سألته بنبرة مهزومة
أتريد الانفصال عني
أجابني موضحا
بل أريد فرصة لأرتب أفكاري بعيدا عنك وأحسم أمري
أومأت برأسي قائلة
هكذا إذا شكرا لأنك كنت صريحا معي.
لم يضف المزيد بل انسحب من الغرفة ليتركني أنهار بمفردي في بكاء مرير أوجع قلبي واقتلع روحي لأدرك أني خطوت بالفعل نحو هاوية إنهاء زيجتنا لم يمر أسبوعان على اختياره للفراق إلا وكنت جالسة معه عند المأذون أوقع على وثيقة طلاقي منه كانت نهايتنا معلومة حتى وإن أرجأناها لبعض الوقت هو حسم الأمر واختار الابتعاد وبقيت أنا أعاني ألم الاشتياق نعم ضاع ما أمنت به يوما معه من حب حالم لم يكن إلا من طرفي وظل ما جمعنا مجرد ذكريات واهمة تشوهت بفعل الإهمال وعدم الاهتمام.
النهاية