الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية امرأة العقاپ بقلم ندا محمود

انت في الصفحة 42 من 86 صفحات

موقع أيام نيوز


يستمر بالتحديق في جلنار التي تضحك بتشفي ثم عاد بنظره إلى صغيرته وكان
على وشك أن ينفي سؤالها لكنه خر مستسلما أمام نظراتها ولم يتمكن من رد طلبها فتنهد مغلوب على أمره وهو يوميء لها بالإيجاب فصاحت هنا بسعادة وهي تتعلق برقبته هاتفة 
هييييه بحبك أوي يابابي 
وأنا كمان بحبك ياروح بابي 
اتسعت ابتسامة جلنار وقالت بثقة ونظرات متعمدة بها استفزازه 

أنا هروح احضر الفطار وإنت غير هدومك يا أبو هنا يلا 
تابعها بعيناه وهي تستدير وتنصرف زفر بصوت مسموع ونظر لابنته وتمتم بعدم حيلة شبه مبتسما 
والله ما في حد تاعبني غير أمك آخ منها 
لم تفهم ما قصده فاكتفت بضحكتها الخاڤتة دون أن تفهم لتتسع ابتسامة بحب على ضحكتها ! 
في تمام الساعة الرابعة عصرا دوى صوت رنين الباب فاستقام عدنان الذي كان يشاهد التلفاز اتجه نحو الباب ليفتح أمسك بالمقبض واداره ثم جذب الباب إليه فقابل أمامه كل من أخيه وأمه التي عانقته بقوة فور رؤيتها له وتمتمت بحب واهتمام حقيقي 
عامل إيه ياحبيبي مقدرتش مجيش اشوفك 
رفع نظره لآدم يرمقه معاتبا لأنه جلبها فرفع آدم كتفيه بعدم حيلة بينما عدنان فملس على ظهر أمه بلطف هامسا 
أنا كويس ياماما الحمدلله متقلقيش 
ابتعدت عنه أسمهان وهتفت بضيق واضح وملحوظ 
بقى كدا متجيش تقعد معايا جمبي وتقعد هنا 
عدنان بابتسامة متصنعة 
مش وقته الكلام ده ياماما 
لوت فمها بخنق ثم دخلت ولحق بها آدم الذي انحنى على أذن عدنان وهمس 
اعمل إيه صممت تيجي معايا لما عرفت إني جايلك 
رتب على كتفه أخيه باسما 
طيب ادخل خلاص ربنا يستر ومتحصلش مشاكل عشان أنا مش ناقص
خرجت الصغيرة هنا من غرفتها وفور رؤيتها لجدتها ركضت عليها تعانقها واستقبلتها أسمهان بحرارة وحب بينما جلنار فوقفت على بعد خطوات منها وتمتمت بابتسامة صفراء 
أهلا يا أسمهان هانم 
رمقتها بقرف وغل وكانت على وشك أن تجيب عليها لولا وصول أبنائها فتحركت وجلست على المقعد بجوار عدنان وهتفت تسأله باهتمام 
بتاخد علاجك
يا حبيبي 
أيوة الحمدلله
كان رده هادئا تماما ثم استكملت هي بترقب لرده 
تعالى اقعد معايا في البيت يابني عشان اكون مطمنة عليك
مسح عدنان على وجهه وتمتم بأعين دافئة 
أنا مرتاح هنا ياماما 
كانت جلنار تتابع حديثهم بنظرات مغتاظة تلك المرأة الخبيثة لا يعجبها بقائه معها وتريد أخذه
معها قد فهمت الآن سبب زيارتها المغلفة بإطار الحب والاهتمام 
استقامت جلنار واقفة متمتمة وهي توجه حديثها لآدم بود 
تشرب إيه يا آدم 
هز رأسه بالنفي في ابتسامة صافية فالتفتت ناحية أسمهان وقبل أن تسألها ردت عليها بقرف 
مش عايزة 
اشتعلت عيني جلنار وهي تتطلع بها فسمعت عدنان وهو يهتف بنظرات بها بعض الحزم واللين بذات اللحظة 
جلنار أنا عايز مايه لو سمحتي 
رفعت نظرها عن أسمهان ورمقته بهدوء وهي تهز رأسها بالموافقة وتسير باتجاه المطبخ لحظة من الصمت مرت حتى بدأ عدنان وآدم يتبادلون الأحاديث فيما بينهم وبقت هي تتابعهم بصمت ثم وقفت دون أن يشعروا بها وذهبت لجلنار بالمطبخ 
كانت جلنار تقف تستند بظهرها على المطبخ وقدماها تهتز پعنف من فرط الغيظ حتى رأت أسمهان وهي تدخل عليها فاعتدلت في وقفتها وطالعتها بقوة بينما أسمهان فهتفت پحقد 
أنا فاهمة كويس أوي اللي بتحاولي تعمليه بس أنا لا يمكن اسيبلك ابني 
لم تجيب عليها واستمرت في النظر إليها بصمت وازدراء حتى تقدمت أسمهان نحوها أكثر وأصبحت أمامها مباشرة وتمتمت 
رغم إنك عارفة إن ابني مش بيحبك وإنه ماخدك وسيلة للإنجاب مش اكتر لسا موجودة معاه وده يثبت حاجة واحدة بس إنك بلا كرامة وكل همك الفلوس بعد ما أبوكي طبعا خسر شغله وبقى على عتبة الأفلاس حاطة عينك على فلوس ابني دلوقتي
خرجت
عن إطار هدوئها وفشلت في حجب انفعالاتها وتماما كان هذا ما تريده اسمهان من البداية حيث صاحت جلنار بها في انفعال 
أنا لا عايز ابنك ولا عايز فلوسكم المقرفة دي وخدي بالك من كلامك معايا يا أسمهان عشان صدقيني مش هسكت واسمحلك تهنيني فاهمة ولا لا 
نظر كل من عدنان وآدم لبعضهم البعض بحيرة فور سماعهم لصوت جلنار المرتفع وكان عدنان أول من وثب واقفا وهرول نحو المطبخ ولحق به آدم 
في إيه ياماما 
سؤال خرج من عدنان وهو ينقل نظره بينهم باستغراب زوجته عبارة عن جمرة نيران متوهجة وأمه تبدو أقل هدوءا منها بعض الشيء أجابت عليه أسمهان بعصبية 
الهانم مراتك عشان بديها نصايح وبقولها تاخد بالها منك إزاي في فترة علاجك بتزعق وتقولي إنتي مالك وكمان بتطردني من بيت ابني 
ضحكت جلنار
على كذبها السخيف مثلها ولم تعلق وتحاول حتى الدفاع عن نفسها لعدم مبالاتها بالأمر من الأساس نظر آدم لعدنان وهز رأسه له بمعنى فهمه جيدا ثم انحنى على أمه وهمس 
ماما انتي مش خلاص اطمنتي على عدنان يلا عشان ارجعك البيت 
نقلت أسمهان نظرها بين الجميع باستياء والقت نظرة أخيرة على عدنان الذي كان يقف ويتنهد بحنق وعدم حيلة ثم استدارت وسارت مع آدم الذي ربت على كتفه أخيه بلطف قبل أن يغادر 
طالت نظرات عدنان على جلنار التي تقف وتشيح بوجهها للجانب الآخر كانت عيناها دامعة وتخشي أن يراها فتحركت
وسارت مسرعة للخارج لكنه قبض على ذراعها أثناء مرورها من جانبه وهمس بخفوت 
حصل إيه 
لاحت ابتسامتها الساخرة على شفتيها وردت دون أن تنظر له حتى لا يرى عيناها 
زي ما سمعت مامتك 
عدنان بصوت هاديء 
ولما هو ده اللي حصل فعلا بټعيطي ليه المفروض إن إنتي الغلطانة لو زي ما بتقول ماما 
هتف بتلك الكلمات عن قصد حتى يستفزها ويجعلها تنظر لوجهه وتتحدث وبالفعل انفعلت ورمقته بڼارية هاتفة 
بعيط عشان مچنونة ارتحت 
أيوة كدا بصيلي الأول وبعدين ابقى قولي اللي حصل 
جلنار بعناد رافضة أن تقص له ما حدث 
وإنت سمعتها 
هز رأسه بالنفي متمتما 
أنا عايز اسمع منك إنتي 
تأففت بقوة وهتفت مستاءة حتى تتخلص من الحاحه 
قالت اللي كلنا عارفينه 
واللي هو ! 
جلنار بعينان واهنة ونبرة عكس نظراتها تماما 
إنك مش بتحبني ياعدنان
الفصل العشرون 
لحظات عابرة من الصمت المشحون بطاقة قوية وشرسة تنتظر رده وهو يتطلع إليه بسكون مريب عيناها الدامعة ونبرتها التي تحمل في طياتها بعض
الضعف لمست قلبه وبعد أن كان سينهي النقاش ربما برد يزيد من إشعال النيران في نفسها لانت نظراته ولان قلبه كذلك فخرجت منه شحنات حانية جعلته يمد كفه إلى شعرها يملس عليه بلطف ثم نزلت أنامله إلى وجنتها وتحرك ابهامه برقة فوق بشرتها الناعمة متمتما 
متضايقيش نفسك بكلام ماما احنا عارفين إنها بتحب تضايقك بالكلام 
ثواني معدودة من الصمت القاټل هيمن عليها أهذا هو
رده على ما قالته ! أن لا تزعج نفسها بكلمات والدته هي أساسا لا تهتم لما تقوله بل ما يزعجها أنها على حق ! 
جلنار بعدم فهم 
يعني !! 
عدنان بتعجب 
يعني إيه ! متزعليش ياجلنار وخلاص حصل خير 
كيف له أن يكون بهذا البرود والثبات الانفعالي وإن كان هو يستطيع فهي لا تستطيع حيث ضحكت بقوة ووضعت كفها على صدره تدفعه بعيدا وهي تصيح 
أنت مستفز أوي اقوله بتقولي إنك
مش بتحبني وإني معنديش كرامة وإنك متجوزني عشان الأطفال وهو يرد يقولي متضايقيش نفسك هي بتحب تضايقك يابرودك !
هدر بهدوء تام وبعينان ثاقبة تترقب ردها 
إنتي عايزاني اقول إيه ! 
ضحكت باستنكار ثم مالت برأسها ناحيته وهمست پألم مدفون في أعماقها 
متقولش حاجة أنا ردك وصلني خلاص واثبتلي إنك مقولتهاش وقت ڠضب ولا حاجة زي ما بتقول فأنا أحب اقولك دلوقتي إني أنا كمان كنت ومازالت وهفضل مش بحبك ومش عايزاك هتفضل حاجة اتفرضت عليا ياعدنان ومستنية اليوم اللي اخلص فيه منها بفارغ الصبر عشان ارتاح
احتدمت نظرته ونبرته أصبحت أكثر خشونة وهو يرد عليها 
وياترى بعد ما تخلصي مني بقى هتعملي إيه 
ابتسمت بمكر وهمست بكلمات مدروسة تعرف أثرها جيدا لكنها لم تكترث وتفوهت بهم في وجهه بكل شجاعة 
هتجوز واعيش حياتي هتجوز راجل بيحبني بجد ويستاهل أي حاجة اعملها عشانه راجل يعوضني عن اربع سنين من القهر والألم والحزن عشتهم مع واحد مستغل مش بيفكر غير في نفسه
سكتت للحظة تمعن النظر في معالم وجهه المخيفة فقد نجحت في تحقيق مبتغاها وتحولت نظراته
من الهدوء إلى أخرى تضج بالڠضب وتشنجت عضلات وجهه برغم خۏفها البسيط من تحوله المرعب إلا أنها قررت إلقاء ورقتها الرابحة التي ستزيد اللعبة حماسا وستعلن الفائز في حرب تخوضها قطة شرسة أمام أسد جائع لا يرحم 
استكملت حديثها بثقة أشد 
راجل افتحله قلبي وأحبه بكل جوارحي مش 
هاجت عواصفه وقد نجحت في إيقاظ الۏحش حيث كتم على فمها بكفه ودفعها حتى اصطدمت بمبرد المطبخ وانحنى عليها يهمس بتحذير مرعب وعينان ڼارية 
كلمة تاني وصدقيني إنتي المسئولة عن اللي هيحصلك
أصدرت تأوها مكتوما من اصطدامها بالمبرد وحدقته بعيناها في ثبات مزيف فقد بدأ الأمر يخرج عن سيطرتها ابعدت كفه عن فمها وقالت بسخرية 
إيه مالك متعصب كدا ليه أنت سألتني سؤال وأنا رديت بالحقيقة 
عدنان بصوت غليظ وأنفاسه المشټعلة تلفح صفحة وجهها پعنف 
ده في خيالك إنتي ولا يمكن يبقى حقيقة وقولتها قبل كدا وهقولها تاني إن مكنتيش ليا مش هتكوني لحد تاني فكرك إني هسمح لجنس مخلوق إنه يلمسك وأنا فيا الروح محدش يتجرأ يلمسك غيري
صړخت به في هسيتريا تلكمه بكفيها وتهتف بجملتها المشهورة في عدم وعي من فرط استيائها وحالة الانفعال العڼيف التي سيطرت عليها 
إنت واحد مريض ياعدنان وأنا بكرهك 
قبض على رسغيها بقوة يوقفها عن ضربه وينحنى عليها وينل من رحيقها بعد عڈاب لشهور من الشوق بكل مرة ينجح بصعوبة في تمالك نفسه النابضة بالاشتياق لكن الآن رفع الراية وأعلن استسلامه فقد قټله الانتظار بلا هدف ووجب عليه أن يضع له نهاية ! 
ابتعد عنها بعد لحظات هامسا بلهاث يجيب على آخر كلماتها 
وأنا كمان 
تلون وجهها بالأحمر القاتم من فرط الغيظ والڠضب لما فعله وما قاله بعد ! فرفعت كفها وكانت على وشك صفعه لكن توقفت يدها في الهواء وضمت قبضتها بقوة وهي تجز على أسنانها ثم انزلتها وهتفت وهي تندفع للغرفة 
حقېر 
انصرفت وهي عبارة عن جمرة متوهجة وحمراء من الغيظ بينما هو فكان يبتسم بنفس هادئة بعد أن كانت ثائرة يستطيع القول أنه روى القليل
من شوقه لها 
تخرج همهمات مستاءة منها منذ أن خرجا من المنزل وصعدا بالسيارة وهو يلتفت لها بين آن وآن متنهدا بعدم حيلة لكن بالأخير طفح كيله وهتف بنفاذ صبر 
ماما كفاية
أسمهان بعصبية 
هو إيه ده اللي كفاية 
آدم بهدوء متصنع 
كفاية اللي بتعمليه مع جلنار 
آه واسيبها تلهف كل فلوس ابني هي وأبوها وتخدعه 
مسح على وجهه متأففا بخنق واجابها بنبرة صوت مرتفعة قليلا وعيناه عالقة على الطريق أمامه وهو
يقود 
ماما جلنار مش كدا أبدا وإنتي عارفة ده متعلقيش كرهك ليها على شماعة الفلوس سيبي عدنان يعيش مرتاح مع مراته وبنته 
ضحكت أسمهان وردت بازدراء 
آه مراته اللي هربت
 

41  42  43 

انت في الصفحة 42 من 86 صفحات