رواية امرأة العقاپ بقلم ندا محمود
بتقوله ده
رفع سبابته في وجهها وهدر بتحذير يحمل في طياتها الوعيد بالاڼتقام
أنا قولت اللي عندي قدامك يومين تجهزي فيه نفسك وتقولي لعدنان على كل حاجة ومتنسيش طبعا محاولتك لقټله وإلا أنا اللي هقول كل حاجة
ظلت صامتة تستمع لتهديداته وتحذيره لها حتى انتهى واستدار وسار باتجاه سيارته يستقل بها وينطلق لخارج المنزل جذبت فنجان القهوة والقت به بقوة على الأرض صاړخة
هدأت ثورتها فجأة عندما أدركت جملته بوضوح الآن محاولتك لقټله ماذا يقصد بتلك الجملة ! من خطط لذلك الحاډث هو نادر وليس هي !
خرج من غرفة صغيرته بعدما أرهقت من كثرة اللعب والضحك معه ونامت دثرها بالغطاء جيدا وقبلها من شعرها بمشاعر أبوية حانية قبل أن يرحل
كان في طريقه لغرفته لولا استماعه إلى أصوات عبث قادمة من المطبخ جعلته يتوقف لوهلة قبل أن يغير اتجاهه ويذهب للمطبخ في خطوات هادئة ووقف عند الباب يتطلع إليها من الخلف وهي تقوم بتحضير شطيرة من المربى لها ووجهها عابس ومنطفىء تنهد بحرارة وشيء مجهول في داخله دفعه إليها دون أن يشعر
في ظهرها تماما ولفحت أنفاسه الحارة رقبتها من الخلف نجحت في البقاء صلبة حتى شعرت بأنامله تمتد لشعرها ويزيحه عن وجهها ورقبتها فيتجمع كله على الجانب ويهمس بخفوت جذاب
رغم تبعثرها الداخلي إلا أنها استمرت في البقاء شامخة وثابتة وأجابت عليه ببرود وبنفس كلمته في الصباح
أنا مش مكشرة دي طبيعتي
ظهر شبك ابتسامته على ثغره وسكن لثواني معدودة قبل أن يعود ويهمس باسمها
جلنار
في تصرف لا إرادي منها التفتت برأسها له بعد همسته باسمها وعلقت عيناها على خاصته البندقية الثاقبة كعيني العقاپ تماما لحظات طويلة مرت من الصمت بينهم حتى قطع هو الصمت بهمسة جميلة ونظرة دافئة
الفصل التاسع عشر
اعترف بالحقيقة التي كان يخفيها منذ إعلانها التمرد عليه وبداية الشجارات التي لا تنتهي بينهم وإصرارها على الانفصال قالها بوضوح شديد وأوضح رغبته في بقائها معه ورفضه لفكرة الفراق لكن لا تزال هنا نقاط ناقصة يحب أن تضع فوق الحروف لتكمل المعنى تماما
اطالت النظر إليه بتدقيق رغم دهشتها من جملته غير المتوقعة إلا إنها ابتسمت وقالت بمكر امتزج ببعض السخرية
أصدر تنهيدة خرجت مصاحبة تأففا قوي منه و هو يجيبها
مكنتش اقصد ياجلنار قولتها في وقت عصبية ! إنتي مصممة على الطلاق عشان كدا !
جلنار بصلابة وجفاء
اللي اعرفه إن الكلام اللي بيتقال وقت الڠضب بيكون
هو الحقيقة وبيني وبينك إنت معملتش أي حاجة تثبت عكس اللي قولته
ثم مدت يدها تعبث بقميصه في رقة مقصودة وأعين شرسة كلها قوة
والأولاد اللي كنت متجوزني عشانها الحمدلله معانا هنا فمتتوقعش إن ممكن اسمح إن تحصل حاجة بينا واجبلك طفل تاني impossible مستحيل
ثم همت بالانصراف والذهاب للخارج لكنها قبض على ذراعها وجذبها إليه وهتف أمام وجهه پغضب ونظرة مشټعلة
مش هطلقك
اتسعت الابتسامة فوق شفتيها وردت عليه بثقة
براحتك وادينا قاعدين وخلينا نشوف هتفضل ثابت على مبدأك كدا لغاية امتى
ثم نزعت يده عن ذراعه وسارت للخارج وهي تبتسم بتشفي وتلذذ متمتمة لنفسها
ده احنا لسا هنبدأ ياعدنان االشافعي
مدينة كاليفورنيا
يباشر أعماله جالسا فوق مقعده أمام مكتبه في غرفته الخاصة بشركته يرتدي نظارة العمل المعتاد على ارتدائها أثناء عمله لأن كثرة التطلع في الأوراق والحاسوب تتعب عيناه وتسبب له الآلام
انفتح الباب دون طرق أو استآذن مسبق
ودخلت
نادين وهي تسير بحذائها العالي المعتاد الذي يصدر اصواتا عالية تجذب الانتباه إليها ولم
يكن هو بحاجة لرفع رأسه لينظر للمتطفل الذي اقتحم الغرفة دون آذن فصوت حذائها كفيل ليكشف له هوية المتطفل خرج صوته حازما قليلا
الساعة السابعة يا آنسة وأنا قولت ستة تكوني في الشركة
كانت على وشك الابتسام لولا أنها لاحظت نبرته الصلبة فضيقت عيناها ببعض الدهشة وسارت نحوه وهي تتمتم
حاتم إنت عنجد زعلت منى مبارح !
رفع نظره لها وهتف بضيق مزيف
ومزعلش ليه !
اقتربت ووقفت بجوار مقعده ثم هزته في كتفه بخفة وهتفت مشاكسة وهي تضحك
بلا ولدنة !!
لانت حدة نظراته وقال بابتسامة خفية
احنا موضوعنا دلوقتي في التأخير يا أنسة مش زعلت ومزعلتش
ما أتأخرت اجيت على الوقت الطبيعي واللي تعودت عليه
ظهرت ابتسامته أخيرا وقال مستسلما لكن بنبرة تحمل الجدية
طيب خلاص المهم أنا مسافر خلال اليومين الجايين
ضيقت عيناها بحيرة وهتفت فورا بشيء من الحزن
لوين !
تنهيدة طويلة تبعتها همسة حازمة
مصر
لجمت الصدمة لسانها فبقت تتطلع إليه للحظات بسكون وألف سؤال يدور في ذهنها وأول سبب استنتجته هو رغبته في رؤية جلنار !
زكأنه هو فهم ما يجول بعقلها الآن فأسرع بإنقاذ الموقف يكمل في لطف
في شغل مهم ولازم اكون موجود بنفسي هناك وكلها اسبوع وهرجع تاني وفي الحقيقة كنت هسألك واشوفك لو حابة تيجي معايا ياريت والله
صمت تام يهيمن عليها وهي مستمرة في التحديق به بيأس حتى وجدته يلوح بيده أمام وجهها حتى تنتبه له فوقفت بصلابة وشموخ متمتمة بقوة
لا مو بدي سافر إنت وخلص شغلك وأنا بنتظرك هون
ليه !!
نادين ببساطة مزيفة
مو حابة
حاتم بترقب لردها
مش حابة تسافري مصر ولا مش حابة تسافري معايا أنا
بشو راح تفرق يعني !
رد بابتسامة ساحرية ونبرة دافئة
لا هتفرق طبعا لو مش حابة لمجرد إنك مش عايزة تروحي مصر فده أمر هين ومقدور عليه أما لو الاحتمال التاني فكدا هيكون الكلام مختلف
لا
يوجد أي احتمال من الاحتمالين صحيح بل الحقيقة هي فقط ليست جاهزة للتعامل مع أي موقف قد
يجرح كبريائها وليست في حالة تسمح لها بمشاهدة جلنار ورؤية تودده لها بالنظرات والكلام
غمغمت بخفوت تام تختار الاحتمال الأول
تقدر تقول أول احتمال
لا إذا كان كدا مفيش مشكلة إنتي بقى تجهزي نفسك وشنطتك من دلوقتي عشان هتسافري معايا خلاص
نادين بذهول
شكلك ما سمعتني منيح عم اقلك مو حابة
حاتم بعين تطلعت إليها في نظرات اذابتها
وأنا هحتاجك معايا يانادين سواء في الشغل أو انك تكوني جنبي
لمعت عيناها بوميض مختلف وكلماته أصابت الهدف تماما حيث صعدت ابتسامتها لوجهها دون أن تشعر وردت عليه بعفوية في لهفة
عنجد يعني بدك ياني اكون جنبك !
امممم عنجد ونص كمان
غيرت رأيها بجملة واحدة منه وردت عليه تتصنع ثقل الشخصية حتى لا تثبت له تلهفها
ماشي راح فكر واقلك
ضحك حاتم ببساطة وهو يعلق نظره عليها يتفحص حالاتها الغريبة ومحاولاتها لعدم إظهار رغبتها في الذهاب بعدما أوضح لها رغبته في مجيئها معه أيضا
بصباح اليوم التالي
بينما كانت مهرة في طريقها لعملها اعترت طريقها بدرية التي اوقفتها في منتصف الطريق وهتفت
ازيك يامهرة
رمقتها مهرة بنظرة ڼارية ولم تجب عليها وهمت باستكمال طريقها لكنها أسرعت وقالت باعتذار يضمر خلفه نوايا خبيثة
متزعليش مني يابنتي كانت دخلة شيطان وراحت لحالها منهم لله ولاد الحړام اللي مش سايبن بنات الناس في حالها حقك عليا يامهرة سامحيني
مهرة بعصبية وڠضب هادر
اسامحك في إيه انتي غلطتي في اهلي وشرفي وتقوليلي دخلة شيطان !
همت بدرية بأن تمسك بكفها لكن مهرة أسرعت وسحبته فورا بقرف بينما الأخرى فأكملت اعتذارها المزيف متمتمة
طب والنعمة الشريفة أنا ما عارفة انام من ساعة اللي حصل وضميري بيأنبي كل دقيقة على اللي قولته في حقك حقك عليا وخلينا نفتح صفحة جديدة ده احنا أهل وعشرة وجيران برضوا
اطالت مهرة النظر في وجهها بابتسامة ساخرة ولم تلين نظراتها ولو بقدر ذرة لها كانت تتطلع لها بكل نقم وقالت بالأخير في قوة تليق بها
عليكي نور أهل وعشرة والعشرة متهونش إلا على ولاد الحړام وإنتي هانت عليكي العشرة
القت بجملتها القاسېة في وجهها وابتعدت من أمامها تكمل طريقها لمكان عملها بينما بدري فظلت مكانها كالصنم ودمائها تغلي في عروقها من فرط الغيظ للاهانة التي تعرضت لها للتو وبعد لحظات من الصمت تمتمت بوعيد
شكلك مش هتجبيها لبر
يابنت رمضان
خرجت جلنار من الحمام بعدما أخذت حمامها الصباحي الدافيء وتمسك بمنشفة صغيرة تجفف بها شعرها تسمرت مكانها حين رأته يرتدي ملابسه ويستعد للخروج فقالت فورا
باستغراب
رايح فين !
رد عليها بإيجاز وهو يرتدي سترته
رايح الشركة هخلص كام حاجة ضروري وراجع
انزلت يدها الممسكة بالمنشفة في حركة
بطيئة ثم ألقت بها علي الفراش في عدم مبالاة وتقدمت نحوه متمتمة بلهجة آمرة
مش هتروح
سكون مريب للحظات وكأنه يستوعب لهجتها الآمرة وهي تلقي عليه بالأوامر ثم الټفت لها برأسه مبتسما بشيء من الاستنكار
نعم !!!
وقفت أمامه مباشرة وهتفت بنبرة قوية وصلبة لم تهزها نظرته
مش هتخرج ياعدنان كلام الدكتور كان واضح وقال الراحة التامة وإنت لسا مكملتش أربع أيام حتى وعايز تروح الشغل !
طال النظر بها بأعين مريبة ففهمت هي من خلال نظرته أن طريقتها استفزته لكنها لم تكترث واكملت بكل برود وهي تمد يدها لسترته تنزعها عنه
متبصليش كدا عشان نظراتك دي مش هتجيب بفايدة إنت اللي اخترت تقعد عندي يبقى تستحمل شروطي اقلع هدومك ويلا عشان نفطر
قبض على كفيها بيديه وانزل يدها للأسفل وهو يرمقها بنظرة تلوح بها بشائر الڠضب واعاد سترته لوضعها الطبيعي وهندم من مظهره ثم استدار وهم بالانصراف لكنها هرولت ووقفت أمامه تسد طريقه وتهتف بإصرار
قولت مش هتخرج
جز على أسنانه بغيظ وتمتم بهدوء ما قبل العاصفة
ابعدي ياجلنار
لا مش هبعد ومينفعش تخرج
تمالك أعصابه ورسم ابتسامة متكلفة وهو ينحنى عليها ويطبع قبلة على وجنتها هامسا بصوت يحمل الإنذار
طيب ابعدي يارمانتي ربنا يهديكي عشان أنا ماسك نفسي ومش عايز اتعصب عليكي
ردت جلنار بغيظ من قبلته وهي تقف على أطراف اصابعها حتى تكون في مستوى طوله
ما تتعصب هو أنا خاېفة منك
عدنان مسايرا إياها بغيظ مكتوم
قطعت اللحظة هنا الصغيرة التي دخلت ووقفت بجانب والدتها تنظر لأبيها وتسأل بضيق ظهر على ملامحها البريئة
رايح
فين يابابي
نظرت جلنار لابنتها وتمتمت بلؤم متصنعة البراءة
هنون احنا مش لما نكون تعبانين بنفضل في البيت لغاية ما نخف
أيوة
طيب ياحبيبتي بابي تعبان وعايز يروح الشغل ينفع كدا !
اقتربت الصغيرة من أبيها وتشبثت بقدمه متمتمة برجاء وهي تنظر له بنظرات مستعطفة
مش تروح الشغل يابابي عشان خطړي خاطري كدا إنت هتتعب وتروح الدكتور تاني
لم يتمكن من التفريط بها وبنظراتها التي تأثره أثر فانحنى عليها وحملها فوق ذراعيه لاثما وجنتها بحنو ثم رفع نظره لجلنار فرآها تقف عاقدة ذراعيها أمام صدرها وترمقه بابتسامة نصر عض على شفاه بغيظ وبعيناه يتوعد لها بينما هنا عندما لم تحصل منه على أجوبة عادت تسأل من جديد بلطافة
مش هتروح صح
لحظات من الصمت وهو