الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية ضروب العشق بقلم ندى محمود توفيق )

انت في الصفحة 42 من 53 صفحات

موقع أيام نيوز

وبعد دقائق معدودة من تجهيزه كما توقعت اقتحم عليها المكتب ودخل ثم اغلق الباب وهتف بسخط 
مسبتيش الورق ليه مع السكرتيرة !
اقتربت منه وهي تحمل على يدها كوب القهوة الساخن وتهمس بتصنع البراءة 
معلش اتلهيت أصل جالي تلفون مهم ومشيت علطول عشان أعرف أرد
تقدم نحوها وقال ساخرا منها 
لا والله وتلفون إيه ده بقى المهم !!
وقفت أمامه مباشرة تكاد تكون ملتصقة به وتمتمت في نظرات ثابتة وابتسامة لئيمة 
فاكر اللي شوفتني معاه في الصورة وحكتلك عنه أهو هو ده كان بيتصل يطمن عليا لإني إمبارح كنت تعبانة جدا بس الحمدلله دلوقتي بقيت كويسة ده حتى كان عايز ياجي يشوفني بس قولتله لا متتعبش نفسك ولإني كمان مش فاضية
تبدلت ملامحه ولاحظت أنها اتخذت طريقا مغايرا لتسلك طريق الاغتياظ والاستياء فتبتسم هي بانتصار لتحقيق أول نقاطها ثم تسكب القهوة على قميصه ليرتد هو للخلف فورا مصدرا تأوها مټألما لسخونتها ثم بدأ فورا بفك أزرار قميصه في ألم حتى ينزعه عنه وهو يصيح بها بجموح عاتي 
إيه الغباء ده !!
يخطأ مجددا ولابد أنه يصر على أن تزيد عقابها له فاقتربت منه وضغطت بقدمها على قدمه ليصدر هو تأوها مټألما أكثر فتقول هي بتأسف مزيف ودهشة 
أنا آسفة ياحبيبي مقصدش بسبب التعب بس حاسة نفسي من مظبوطة لسا
اللي بتعمليه ده هتبقى نتائجه سلبية خلي في علمك بلاش حركاتك دي يايسر ومتعمليش نفسك ذكية عليا احسن اوريكي اللي عمرك ماشوفتيه مني
قالت ضاحكة باستهزاء واضح منه 
نفسي جدا اشوف
اللي مشوفتهوش منك ده من ساعة ما اتجوزنا وإنت بتقول الكلام ده بس واضح إنه كلام بس
ابعد عني ياحسن
ترك يدها وشعرها لتعتدل هي واقفة ويقع نظرها على صدره الذي يعطي أحمرار بسبب القهوة التي سكبتها عليه لتتنهد بعمق وإشفاق وتلتفت خلفها ثم تمد يدها في درج المكتب وتخرج مرهم للحروق ثم تعطيه له هاتفة في امتعاض وهي تتحاشي النظر إليه 
خد حط منه
سمعت صوته الرجولي القوي وهو يقول ببرود 
حطيلي إنتي مش إنتي اللي دلقتي القهوة عليا
لتفتح في هذه
اللحظة رفيف الغرفة وسرعان ما وقع نظرها عليهم فاشاحت بوجهها وعادت تغلق الباب متمتمة 
احم !
وضعت يسر علبة المرهم في يده وابتعدت عنه هاتفة لرفيف 
ادخلي يارفيف مفيش حاجة القهوة ادلقت على اخوكي بالغلط وكنت بحطله مرهم للحروق
التقط قميصه المتسخ ونظر لها هاتفا في طبيعية يحاول إخفاء غيظه حتى لا تشعر شقيقته 
وده البسه إزاي بقى !!
قول لعلاء يجبلك قميص من المخزن تحت مش موضوع يعني ياحسن
نقلت رفيف نظرها بينهم باستغراب ولكنها لم تعلق فهذا ليس من شأنها واقتربت من يسر تملي عليها بعض الأشياء الخاصة بالعمل ثم همت بأن ترحل لولا صوت أخيها الذي قال بتساءل 
كرم جه معاكي يارفيف 
قالت نافية 
لا النهردا الجمعة وإنت عارف إنه متعود بيزور اروى وسيف كل جمعة فوصلني ورجع على المقاپر ممكن شوية وتلاقيه وصل
طيب لما ياجي قوليلي
أماءت له بالإيجاب لتقابل ابتسامته الحانية فتبادله إياها ثم تستدير
وتنصرف ليعود هو بنظره لزوجته ويرمقها شزرا ثم يخرج هاتفه من جيبه ويجري اتصال بابن عمه ليأتي له بقميص نظيف 
يوم وتوالت خلفه الأيام وكانت ذات أثر جيد على بعضهم وعلى البعض الآخر تمر بروتينية وبعضهم في تردد وضيق 
تمكنت ملاذ من أن تحقق نجاحا ساحقا في علاقتهم التي تحسنت كثيرا وتمكنت من إزالة بعض العوائق التي تحول بينها وبين زوجها ورأت جزءا من لطفه وحنانه الذي كان يخفيهم عنها 
أما حسن فقد قضي أسبوعا كاملا بمفرده في المنزل يستيقظ فيذهب للعمل ويعود ليقضي سبع أيام في روتينية مملة ويعترف أخيرا بينه وبين نفسه أنها تركت بصمتها بمجرد رحيلها عن المنزل ولقد اعتاد عليها برغم من شجارهم اليومي وخلال هذا الأسبوع خلفت فراغ في نفسه خلفها حتى في العمل كانت لا تأتي سوى ساعات قليلة ولا يراها فيهم حيث تحرص على القدوم والذهاب دون إن يراها !! 
بينما كرم فقد كان مشغولا في البحث عن ذلك الوغد الذي حتما سيحاول أذية شفق مجددا ومن جهة أخري مشغولا ببعض التعديلات التي يجريها في منزله استعدادا للانتقال والعيش فيه بعد زواجه أما شفق فقررت وتراجعت أكثر من مرة وبالأخير استمعت لصوت قلبها الذي يرغب في قربه فاعلنت موافقتها النهائية وها هو اليوم موعد زواجهم وسيعقد القرآن بعد
ساعات قليلة بحديقة المنزل وسط حضور عائلته كاملة وستكون حفلة عائلية هادئة دون موسيقية بناءا على رغبتها بسبب ۏفاة أخيها وأمها الذي لم يمر على وفاتهم الشهر ! 
كانت تكمن في غرفتها وتتطلع لمرآتها تمعن النظر في ملامحها وفستان السهرات البسيط الذي قامت رفيف بشرائه خصيصا لها واقنعتها بعد عناء بأنها لا يجب أن ترتدي الأسود في مناسبة كهذه فرضيت أخيرا مغلوبة على أمرها رأت الدموع تنهمر من عيناها في ألم وحړقة امتزجوا بالشوق شوق لأحبائها الذين سرقهم المۏت منها فتركها وحيدة بلا عائلة وبلا سند أو حصن تحتمي به فليس هناك شيء يعوض العائلة وكم تمنت أن يكون أخيها معها وهو من يسلمها بيده لزوجها وترى السعادة في أعين والدتها التي طالما ودت أن تراها بفستان زفاف ابيض ولكن ماذا عساها أن تفعل سوى تذكرهم والاشتياق لهم والحزن على فراقهم الذي يمزقها كل يوم وكل دقيقة ! 
فتحت رفيف الغرفة ودخلت وحين رأتها في الفستان الحراري وحجابها الذي يأخذ نفس اللون ابتسمت بإعجاب وتمتمت 
إيه القمر ده بس يلا عشان المأذون وصل تحت
جففت دموعها فورا قبل أن تلاحظها وبادلتها الابتسامة العذبة ثم القت نظرة من النافذة على حديقة المنزل لتجدهم جميعا بالأسفل ويتحدثون فيما بينهم وأخيرا وقع نظرها
عليه لتراه يأخذ مكانه بجانب المأذون وشارد تماما في اللاشيء أمامه لتتنهد بعمق وترفض عقلها الذي يخبرها في ڠضب حمقاء وبلا كرامة وافقتي على الزواج منه وإنتي تعرفي جيدا أنه لا يحبك وربما أيضا لا يريدك وتستمعي لأوهام قلبك المړيض بأنك ستجعليه يحبك وهذا غير ممكن ! استفاقت من تعنيف عقلها الشديد لها على صوت هدى هذه المرة وهي تطالعها بلطف وحب هاتفة 
يلا ياحبيبتي عشان المأذون مستعجل
التفتت لها فأخذتها من يدها وخرجت لهم ليضرب حسن كتفه بكتف أخيه الشارد حتي ينتبه لهم وبمجرد ما عاد لواقعه ووقعت عيناه عليهم هب واقفا يرسم ابتسامة جميلة على شفتيها يستقبلها بها حتى وصلت وجلست بجواره وبدأت مراسم الڼكاح فورا والتي انتهت بقول المأذون كالمعتاد بارك لكما وبارك عليكما وجمع بينكم في خير ثم يبدأ هو في تلقي التنهئات التي كانت بسعادة غامرة من أفراد عائلة باستثناء اشقائه الذين عانقوه 

بعد قضاء ما يقارب الثلاث ساعات وهم مجتمعين يضحكون ويتحدثون في مرح وسعادة لم يتبقى سوى عائلة محمد العمايري وبينما كان طاهر وزوجته وابنه في طريقهم لليسارة حتى يرحلوا استقامت يسر من جانب زوجها وهمت بأن تلحق بهم لتعود معهم فتجد يده تقبض على رسغها پعنف وهو يوجه لها نظرات قاټلة في همس 
رايحة فين !
انحت قليلا ناحيته وغمغمت في هدوء مستفز 
راجعة معاهم
اجلسها بجانبه مجددا عنوة وهمس في أذنها بنبرة صوت ملتهبة 
هترجعي معايا البيت كفياكي أوي كدا أنا سبتك أسبوع براحتك ومتكلمتش
القت نظر على الباقية لتجد كل من رفيف وملاذ وشفق منشغلين بالحديث مع بعضهم وكرم وزين يتحدثون مع والدتهم في شيء ما بصوت خاڤت لتعود بنظرها له وتبعد يده عنها ببطء متمتمة في استهزاء 
ده على اساس أنك دايب في دباديبي مثلا ومش قادر تقعد من غيري
ابتسم وقد قرر أن يشعل نيران سخطها ويستفزها حيث أكمل همسه في إهانة واضحة لها
بها شيء من الوقاحة 
لا بس مش قادر اقعد من غير الخدامة اللي بتأكلني وبتغسلي هدومي وبتخدمني وبتلبيلي كل طلباتي حتى الطلبات اللي بالي بالك
جزت على أسنانها وقد نجح في تحقيق مبتغاه وهو إشعال نيرانها واندلاع ثورتها الداخلية فوجدها تطالعه بأعين ڼارية تكاد تحرقه بها وتهتف في استحقار ونظرات وضيعة 
تعرف إن أنت حيوان أوي !
عاد ليقبض على ذراعها من جديد ولكن في قوة المتها وهتف بتحذير مبتسم يحاول إخفاء سخطه من إھانتها المباشرة له 
احترمي نفسك يامزتي بلد ما اقصلك لسانك الطويل ده
دفعت هذه المرة يده عنها في خنق واشاحت بوجهها عنه بل ونهضت من جانبه تماما واتجهت لتجلس بجانب الفتيات تشاركهم حديثهم قبل أن ټنفجر في ذلك المستفز من الغيظ 
وبعد مايقارب الساعة كل منهم أخذ زوجته وذهب لمنزله ولم يتبقى سوى رفيف وهدى حيث هتفت رفيف مداعبة 
خلصتي من ولادك التلاتة يادودو يارب تكوني مرتاحة مفضلش غيري أنا وإنتي أهو في وش بعض
قهقهت هدى ضاحكة وتمتمت براحة ولكنها امتزجت بشيء من الضيق 
أكيد مرتاحة وهبقى مرتاحة أكتر لما اشوفهم مبسوطين واشيل ولادهم إن شاء الله واشوف كرم مبسوط مع مراته يارب وأنا واثقة إن شفق هتنسيه اروى وهتشوفي وتقولي ماما قالت
شاركتها الضحك وهي تقول 
مابلاش الثقة المفرطة دي يادودو !
يس يابت
اتلمي قومي يلا من جمبي سبيني استجم شوية مع نفسي
فعلت كما أمرتها واستقامت ضاحكة وهي تبتعد عنها تاركة إياها ترفع يداها للسماء
وتدعي لجميع ابنائها بقلب أم صادق في دعائه وحبه لأولاده ! 
وضع كرم المفتاح في قفل الباب واداره للشمال ثم فتحه ودخل أولا لتدخل هي بعده ويغلق الباب بهدوء ويتابعها وهي تتأمل في المنزل الذي تراه لأول مرة كان يحتوى على أثاث عصري وجميل والوان الحوائط هادئة وجميلة لتنتفض من شرودها على صوته الرخيم وهو يتمتم باسما 
مكنش في وقت عشان اجيبك تتفرجي وتشوفي لو حابة تغيري حاجة أو كدا بس احنا فيها أهو واعملي اللي إنتي عايزاه لو في حاجة مش عجباكي خلاص ده بيتك
التفتت له برأسها وهمست في رقة ساحرة وهي تهز رأسها نافية 
لا بالعكس كل حاجة في البيت
جميلة خالص ماشاء الله
طاب كويس تعالي بقى قبل ما تدخلي أي مكان في البيت هوريكي حاجة
قطبت حاجبيها باستغراب ولكنها تبعته في صمت حتى وصلا أمام باب غرفة لونه بني ثم مسك المقبض وفتح الباب وهو ينظر لها بابتسامته المعهودة التي تسرق قلبها يطلب منها الدخول أولا لتخطو أول خطواتها وتلجم الدهشة لسانها وهي تحدق بالحائط فاغرة عيناها وشفتاها !! 
الفصل السادس عشر 
ظلت للحظات طويلة تحدق في هذه الصورة الضخمة التي تملأ الحائط من أعلاه لأسفله وسرعان ما غامت عيناها بالعبارات وسقطت دموعها غزيزة على وجنتيها حيث كانت الصورة تجمعه مع أخيها فاقتربت ناحية الحائط وهي تملس بيدها على أخيها في الصورة بابتسامة مريرة حتى سمعته يهتف 
الصورة دي عملتها بعد ۏفاته بأسبوع وكنت كل ما باجي البيت هنا بفضل اتفرج فيها
التفتت له وقالت بصوت باكي ووجه مملتيء بالدموع مع
41  42  43 

انت في الصفحة 42 من 53 صفحات