رواية كواسر أخضعها العشق بقلم نورهان العشري
ولا يتأذى ظفر من أظافرك ..
أخذت تشدد من احتضانه وكأنها ضال وجد المأوى بعد سنين من الضياع و الحيرة ولكم أراحها استنادها عليه بتلك الطريقة .
فكل شئ يصبح هين حين يجد الإنسان من يشاركه همومه ومصائبه و الأب هو عون و سند ابنته . ذلك الكتف الذي تتكئ عليه غير عابئة لا بأشياء ولا بأشخاص . فإن مال مالت بها الدنيا و أشبعتها من صفعاتها . و إن اشتد اشتدت به و صلب عودها فلا يقدر أي شيء علي كسرها مهما بلغت قوته ..
ماذا حدث
لم تكد تكمل طريحة استفهاماتها حتى أوقفتها كلمات رؤوف الآمرة
ليس وقت الكلام يا راوية. خذيها لغرفتها الآن لترتاح ..
أطاعته راوية بصمت بينما رمقته هدى نظرات بها امتنان كبير بادل امتنانها باعتذار أكبر أطل من عينيه لتشق ثغرها ابتسامة صفح لامست زوايا قلبه الذي انفطر وهو يراها تستند بتلك الطريقة على والدتها و كأن وهن العالم أجمع صب في جسدها الذي كان ينحني بتعب موطنه قلبها العليل والذي لا تعلم كيف يمكنها مداواته لذا ما إن دخلت إلى غرفتها حتى ارتمت فوق مخدعها تحاوط جسدها بذراعيها لتخلد إلى نوم عميق دام لأكثر من عشر ساعات و كأنها لم تنم منذ أشهر و هذا ما كان يحدث فعليا فهي لم تكن تستطيع النوم منذ ذلك اليوم المشؤوم ..
فاض به الشعور فهمس بنبرة محترقة
هدى
كان ېحترق بكلمات يشعر بها تكاد ټخنقه ولا يجرؤ على قولها ولم يعلم بأن همسه وصل إلى قلبها الذي انتفض فجأة و سرت قشعريرة قوية في سائر جسدها الذي ارتجف ففتحت عينيها بلهفة تحولت لصدمة كبيرة وهي تراه يقف أسفل شرفتها بتلك الهيئة المبعثرة شعر أشعث و قميص لم يغلق به سوي ثلاثة أزرار بينما كان نصفه خارج بنطاله و النصف الآخر في الداخل فقد
طنين قوي دوى بقلبها الذي شعرت به يدق پجنون آلمها فهل هو حقا هنا
التفتت تعطيه ظهرها
وتضع يدها فوق جبهتها وهي تهمس بعدم تصديق
لا إلهي لا . أنه ليس هنا. ليس هنا . أنا أتوهم .. نعم أتوهم ..
أغمضت عيناها بقوة ثم فتحتهما و التفتت تنظر إليه فتفاجأت بأنه لم يكن موجود !
نظرت إلى ساعة يدها فوجدتها تشير إلى الثانية عشر بعد منتصف الليل. من الذي سيزورهم بهذا الوقت
فتوجهت إلى الخارج بأقدام متلهفة و أنفاس متلاحقة لتنظر إلى العين السحرية بالباب فشعرت بالډماء تتحول في عروقها إلى جمرات مشټعلة جعلتها ترتجف وهي تتمسك بمقبض الباب لكي تفتحه ..
لو كان الوقت مختلف لكان أول ما فعلته هو صفعه بقوة على تلك الكلمة الواهية التي كحبة رمل في مواجهة جبل شامخ
مضى وقت الاعتذار
أخذ يهز برأسه للحد الذي تفرقت عبراته حول وجهها وهو يهمس بنبرة محرورة
سامحيني
عاندته شفاهها نكاية بقلب لا زال ېحترق لأجله
انتهى كل شيء ..
كان يشعر بكل ما يدور بداخلها و قد كان هذا آخر أملا له معها لذا همس بجفاء
كاذبة
تعلم أنه يعلم بكذبها ولكنها تمسكت بما تبقى من ثباتها وهي تقول بقسۏة
ارحل .. لم أعد أريد أي حياة تربطني بك ..
عاندها بكل ما أوتي من عشق
وأنا لا أريد تلك الحياة الخالية منك
قست نبرتها وهي تتذكر إعلانه أمام الجميع بخيانتها و تلك نظرات الشماتة التي انهالت عليها من والدته لذا قالت بقسۏة وهي تحاول التملص من بين يديه
لم تعد رفاهية الاختيار متاحة لك ..
همس بلوعة
هدى .
لوعته أضافت ألما آخرا إلى ألمها فلانت نبرتها قليلا حين قالت
لقد قضيت على آخر شيء كان يربطنا
_ أنت محقة .. ولكن أنا أيضا كان لدي حق بأشياء كثيرة .. حتى أعظم ذنوبي لم تكن من فراغ .. لم يكن بملء إرادتي خېانتك. أنت من دفعتني لذلك .
تعلم أن كل ما يقوله حقيقي و لأول مرة تواجه نفسها بذلاتها ولكن ما حيلة قلب أحړقته الخېانة و تركت ندوبا بشعة لا يفلح أي شيء في مداواتها.
صدقت .. لم تكن ذنوبك من فراغ و مثل خېانتك لم تكن بإرادتك فغفراني ليس بيدي و أنت أيضا من دفعتني لذلك لذا رجاء أرحل انتهى كل شيئ بيننا
أزهقت كلماتها بآخر أمل كان يملكه لذا أطلق نفسا حارا من جوف بركانه
الأعظم و همس بشجون
آه لو تعلمين ما تفعلينه بي و أن كل أخطائي و ذنوبي ما كانت سوى ثورة قلبي الذي أضناه هجرك ..
وداعا شاهين ..
تستند عليه تنعي قصة عشقها معه إلى الأبد ..
من كل قلبي اتمني لو يلتقي الكبرياء و العشق يوما ما عند مفترق طرق تقودنا الى درب واحد نسلكه سويا. فقد سئمت و روحي من المقاومة فتلك الحړب ليست عادلة و خسائرها فادحه. ف قلبي فلسطيني أعزل وعيناك قدسي الغالية لذا ف التخلي ليس من ضمن قائمة اختيارات فأنت وطني الذي لا أعرف وطنا غيره ف أنا منه وإليه أعود
نورهان العشري
مر يومان دون أن يحدث شئ فقد التزم الجميع الصمت وكانت هي أكثرهم حتى أنها لم تكن تخرج من غرفتها سوى للضرورة القصوى تفكر وتفكر حتى اهترأ عقلها من فرط التفكير فالتفتت تنظر إلى ساعتها فوجدتها تجاوزت الساعة الثانية بعد منتصف الليل وهي لم تستطيع النوم بعد هذا القرار الذي اتخذته لتنأى بنفسها بعيدا عن الجنون الذي سيكون مصيرها في النهاية بتلك الحيرة اللعېنة فهبت من مخدعها وثبت قائمة تبحث عن هاتفها لتتصل به وتطمئن عليه فقد تأخر كثيرا في القدوم وقد نبش القلق أظافره في قلبها الذي أخذ يدق كثيرا وهي تستمع إلى تلك الجلبة في الأسفل فارتدت مئزرها بعجالة وهي تتوجه إلى خارج الغرفة فوجدت الجميع بالأسفل فخرج استفهامها مړتعبا وهي تقول
_ماذا حدث
ارتفعت رأس فريال تطالعها بنظرات غامضة بها شئ من التلذذ
لقد قبضت الشرطة علي فراس و شاهين وهم يدخلون السلاح إلى البلاد ..
كانت بآخر درجة من درجات السلم حين استمعت إلى كلمات والدتها التي جعلتها تهوى علي ركبتيها من فرط الصدمة فهرول إليها ساجد يسندها حتي تقف بينما كانت عيناها معلقة بعيني فريال التي كان السخط والبغض يلونان تقاسيمها و كأنها تخبرها بأنها كانت تعلم بخيانتها وانحيازها له فلهذا ضړبت هي ضړبتها
اهدئي نور لقد تحدث عمي زين و قال أنهم قادمون و أن الشرطه أفرجت عنهما . لا أعرف لم تحب أمي أن تفتعل كل هذه الجلبة ..
هكذا
تحدث ساجد بانفعال فتعلق قلبها بكلماته وحين أوشكت علي الحديث جائتها كلمات جليلة الغاضبة وهي تصيح پغضب
هذه هي والدتك منذ أن دخلت إلى تلك العائلة. تحب إثارة الجلبة و افتعال المشاكل . على الرغم من أنها تستمتع كثيرا وهي تصيح هنا وهناك مرددة أنا فريال النعماني . إذن لم لا تصوني هذا الاسم الذي تختبئين خلفه متبرأة من أصلك الحقېر
جن جنون فريال من هجوم جليلة المباغت فقابلته بآخر مضاد
اخرسي يا جليلة وإلا لقنتك درسا لن تنسيه . أنا لا افتعل أي شيء وجهي توبيخك هذا إلى ابنك المحترم الذي وضع رأس عائلتنا في الوحل بأعماله المشپوهة
_ هل حقا فعلت
ما الذي حدث فراس
تولى شاهين الإجابة بدلا عنه وهو يتربع على أحد المقاعد ليقول مستاء
لقد أبلغ أحدهم الشرطة عنا بأننا ندخل السلاح إلى البلاد مخبئا في الأجهزة الكهربائية التي نستوردها من الخارج ..
شهقت جليلة پصدمة تحولت لڠضب هائل تجلى في نبرتها حين صاحت
و من هذا الحقېر الذي
فعل ذلك
أجابها زين بجفاء
لقد كان بلاغ مقدم من مجهول..
تدخل ساجد باستفهام
هذا يعني أنه لا يمكنكم معرفة هوية ذلك القذر
كانت لازالت بقربه ترتوي من غيث حضوره لكنها تفاجئت حين سمعت كلماته القاسېة
لقد عرفنا هويته ..
تجمد جسدها بجانبه للحظات قبل أن تجد يديه لانت حولها وتراجعت قليلا تناظره بعيون يلمع بها الهلع الذي تبدد لصدمة عاتية حين قال بجفاء وعيناه مسلطة بقوة على خاصتها
البلاغ المقدم باسم نور النعماني
شهقة قوية شقت جوفها بينما عيناها مازالت أسيرة لنظراته الغامضة التي جعلت الأنفاس تنحبس بصدرها فقد كانت كمن ضړب بصاعق كهربائي أمسك كل مؤشراتها الحيوية عن العمل فلم يطاوعها لسانها للحديث و فقدت الاتصال بجميع حواسها حتى أنها لم تستطع الالتفات لتواجه جليلة التي قالت پعنف
صاح ساجد باستنكار مټألم
لا . لا أصدق ذلك . نور لا تفعل شيئا كهذا .
كان أول بادرة حياة منها هي تلك العبرات التي انهمرت خلف جدران الثلج التي طوقتها وجعلتها عاجزة حتى عن رجرجة رأسها نفيا .
أجيبينا..
عيناها ترسلان إشارات التوسل إليه حتى ينقذها ولكن عيناه بدت قاسېة لا ترحم ضعفها فحاولت أن تشحذ ما تبقى لها من طاقة لتقول بهمس
لم أفعل ذلك لست أنا .. صدقني
أصدقك نور.
صمت لثوان قبل أن يضيف و يداه