الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية كواسر أخضعها العشق بقلم نورهان العشري

انت في الصفحة 19 من 25 صفحات

موقع أيام نيوز

شخص منا ففراس قد يهدم الدنيا لأجله فهو تحمل الكثير من أجل سلامة الجميع تماما كوالده فقد كنا جميعا نحترمه ونقدره لأنه كان يستحق.
بدأ شعور من الراحة يتسرب إلى داخلها شيئا فشيئا من حديث عمها ولكن بقى الكثير مما تتوق إلى معرفته كما أن هناك الكثير من الثغرات التي تود إغلاقها إلى الأبد لذا قالت باستفهام
_لم لم تتولى أنت أو أبي إدارة شؤون العائلة بعد ۏفاة عمي رفيق! أقصد لم فراس! فأنت وبابا تكبرانه ومن المؤكد أنكما تتفوقان عليه من ناحية الخبرة بحسب العمر.
توقع هذا السؤال منها فابتسم قبل أن يجيب ببساطة
_سأخبرك أمرا قد يدهشك ولكن لا أنا ولا والدك كنا جديرين بهذا الأمر.
تبلور الاندهاش بعينيها... فتابع زين وهو يسرد ماضي يحمل الكثير والكثير
_نعم نحن نعمل معا وكلا منا يفعل ما بوسعه من أجل العائلة ولكن أن تكون القائد أمرا صعبا وأيضا في شبابنا لم نكن بهذا التعقل.
انكمشت ملامحه بحزن دفين قبل أن يتابع بشجن
_كنا طائشان قليلا وكثيرا ما كنا نجلب المشكلات على عكس رفيق كان رجلا منضبطا صالحا وكذلك فراس إنه يشبه أباه في كل شيء فهو رجل شهم ونبيل والأكثر من ذلك أنه ليس أنانيا 
على عكس ما توقعت لم يستطع حديثه سد ثغرات الماضي المبهم بالنسبة لها بل فتح أبواب لاستفهامات أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها لذا
حاولت أن تحثه على المتابعة حين قالت
_بالطبع لا يوجد أحد منا كاملا ولكن فراس أيضا له أخطاء.
زفر زين بشجن وفاجأها حين قال بلهجة مشجبه
_ قد تندهشين من حديثي ولكن في كثير من الأحيان يكن خطأك الوحيد أنك شخص جيد.
لونت الدهشة ملامحها وتجعد ما بين حاجبيها بحيرة فقام زين باحتواء حيرتها بكفوفه التي عانقت كفوفها المتوترة وهو يحاول أن يطمئنها فقال لها
_ اسمعيني جيدا نور أكثر شخص تستطيعين الوثوق به في هذا العالم هو فراس لا تضجر رأسك بتلك الأسئلة فوالله لو طلب مني أن ألقي بنفسي في البحر لأطعته لأني أعلم أنه لو لم يكن الأمر في مصلحتي لما طلب مني فعل ذلك.
تعاظمت دهشتها أكثر وتجلى ذلك بنبرتها حين قالت
_لهذه الدرجة!
زين بصدق
_نعم والأمر لا يقتصر علي فقط بل الجميع هنا كذلك.
طرأ استفهام ملح على عقلها ولم تستطع شفتاها قمعه حين قالت بترقب 
_وهل ينطبق الأمر على والدي أيضا!
زين مشددا على كل حرف يخرج منه 
_والدك كان أكثرنا ثقة به وإلا لم كان سيوصيه عليك قبل أن ېموت!
عودة للوقت الحالي... 
اخترقت كلمات زين عقلها الذي لم يتوقف عن التفكير بها منذ ذلك الحين ولكنها لن تستطيع الإنكار أنها أفسحت لها المجال للتنفس قليلا وإضفاء بعض من السکينة على قلبها برفقته وإخماد نيران الذنب بصدرها كلما كانت معه.
_نعم هناء ما الذي تريدينه صرعتي رأسي باتصالاتك منذ الصباح ماذا هناك! 
هكذا صاح شاهين في الهاتف باستياء فأتاه صوت هناء المحتقن ڠضبا
_هل هكذا تحادثني بعد ما فعلته بي ذلك اليوم و تركتني بعده اسبوعا بأكمله لا أعلم عنك شيئا!
تجاهل ما تشير إليه بصفعه لها وصاح باستهجان
_تركتك أسبوعا! كم عمرك لتقولي هذا الكلام! وأيضا هل أنا تركتك في أحد الشوارع! أنت تجلسين معززة مكرمة في منزلك.
فاض الكيل بها فصړخت بانفعال
_منزلي أم تقصد ذلك السچن الذي زججتني فيه محرم علي الخروج إلا معك تمنع عني أبسط الأشياء كرؤية أصدقائي أو الترفيه عن نفسي ولو قليلا.
شاهين محاولا قمع غضبه قدر الإمكان فقد ضړبت بحديثه عرض الحائط
_سامحيني كنت أحاول أن أجعلك امرأة محترمة يا سيدة هناء. 
شهقت پصدمة من حديثه وقالت مټألمة
_هل تراني غير محترمة يا شاهين!
شاهين بقسۏة
_فلتوجهي هذا السؤال لنفسك ماذا يطلقون على المرأة التي تريد السهر بالخارج دون زوجها وتتفاخر بمجموعة من الحمقى وتطلق عليهم لقب أصدقائها.
صاحت بانفعال
_لقد تزوجتني وأنت تعلم أن هذه هي حياتي.
قاطعها مصححا بقسۏة
_لا ليس كذلك تزوجتك بعدما كررت مئات المرات عن كونك مللت من هذه الحياة وتودين الاستقرار والهدوء والآن اتضح أن كل ذلك كان عبارة عن تمثيلية لم تحتملي دورك بها لأكثر من شهر.
ضاقت ذرعا بتجبره من وجهة نظرها فهدرت پعنف
_أجل لم أعد أحتمل كما لم أعد أحتمل تسلطك بتلك الطريقة.
شاهين بصوت حاد كنصل السکين
_حسنا كما تريدين لن أجبرك على شيء.
قالها وأغلق الهاتف بوجهها وهو يترجل من سيارته ليتوجه إلى داخل القصر 
_أخبرتني أنك تريدني من أجل العمل.
هكذا تحدثت نور بهدوء وهي تجلس على المكتب أمامه فطالعها بعينين التمعا بهما الشغف والإعجاب للحظات فقد كانت جميلة بقدر بساطة ما ترتديه لم تفرط في زينتها ولا تبرجها إنما ارتدت فستانا صيفيا بلون الكريمة وتركت شعرها ينساب كستارة حريرية أحاطت ظهرها من الخلف واكتفت بوضع ملمع شفاه أضفى بريقا رائعا على مظهرها. 
انتهت عيناه من تقييمها قبل أن تعود عينيه إلى لونهما الطبيعي وهو يتحدث بعملية تليق برجل أعمال مثله
_نعم هذا صحيح في الواقع نحن بصدد بناء فندق كبير في أحد المدن الساحلية ونحتاج إلى فكرة تكن مميزة تليق بروعة المكان وتجذب الأنظار إليها من دون الحاجة إلى عمل دعايا أو إعلان.
مازحته قائلة
_اممم تريد أن توفر أموال الدعايا إذن يا لك من رجل أعمال ناجح.
تراقصت الابتسامة على شفتيه من مزاحها وقد راق له تحسن مزاجها بدرجة كبيرة
_هذه ميزة أخرى يمكنك إضافتها بجانب كوني مستفز.
هكذا تحدث ساخرا فهبت مستنكرة
_وهل الاستفزاز بالنسبة إليك ميزة!
فراس بخشونة
_الأمر نسبي. 
_بمعنى!
أسند ظهره إلى المقعد خلفه ليسترخي أكثر في جلسته قبل أن يقول بكسل
_يتوقف الأمر على الشخص الذي أمامي مثلا إن كانت امرأة فاتنة بعينين تزدهر بهما أشجار الزيتون و كأنهما قطعتي
زمرد فالاستفزاز يكون متعة بالنسبة إلي
كلماته جعلت دماء الخجل تروي خديها فنبت الورد فوقهما مما جعله يقول بنبرة موقدة
_وأكون ممتنا له كثيرا حين يجعل الزهور تنبت فوق وجنتيها هكذا فيضاعف فتنتها وعذابي.
تأجج صدرها من فرط التأثر بكلماته ونظراته التي كانت تبثها مشاعر قوية جعلت أنفاسها ټتشاجر بداخلها ولم تفلح في إيجاد كلمات تعبر عن ما يجول بخاطرها فأنقذها دخول شاهين بوجه مغبر ومزاج سوداوي تجلى في كلماته حين قال
_اجعل الخادمة تجلب لي القهوة وسأكون ممتنا لو وضعت بعض قطرات السم بها.
كان يود لو يلكمه بكل قوته حتى تندثر معالمه ذلك اللعېن الذي أتى في أكثر الأوقات خطأ على عكسها فقد كانت ممتنة كثيرا لدخوله في
تلك اللحظة فقد احترق الهواء من حولهما ليجعل الأمر يزداد خطۏرة لولا دخول شاهين الذي أخذ يناظرهما بخبث جعل حنقها يتضاعف فهمست بامتعاض
_ليتها تفعل وتريحنا منك.
ضيق شاهين عينيه وهو يقول باندفاع
_ما بها هذه هل فعلت لها شيئا!
فراس بفظاظة
_وهل تجرؤ على ذلك!
تعاظم الحنق بداخله فزفر مغلولا
_لا طاقة لدي للشجار الآن وأجواء العشاق هذه تجعل معدتي تشمئز لذا سأغادر قبل أن أتقيأ من فرط التأثر.
أمره فراس بغلظة
_كف عن التذمر وأخبرني ماذا فعلت هل أمنت الشاحنات التي ستنقل السلاح من الميناء إلى المخازن!
برقت عينا شاهين من حديث فراس وكذلك نور التي احتبست الأنفاس بصدرها من حديثه المباشر عن عالمه المظلم أمامها دون احتراز وتعاظم ذهولها حين وجدت شاهين يجيبه بسلاسة
_نعم والرجال الآن يفرغون المخازن استعدادا لاستقبال الشحنة ولكن أخبرني هل ستشرف حقا على استلامها بنفسك!
_نعم سأفعل.
هكذا أجابه فراس.. فقام شاهين بمد أحد المجلدات إليه وهو يقول
_كما تريد هذه أوراق الشحنة وسيكون رجالنا هناك ليمهدون لك الإجراءات.
أخذ فراس المجلد منه وهو يلتفت ليضعه في الخزنة الضخمة التي على يمينه وعند هذا الحد لم تحتمل نور فقد كشف جميع أوراقه أمامها ولا تعلم لم شعرت أنه يقصد ذلك لذا التفتت إليه قائلة بلهجة بدت مهتزة
_حين تتفرغ أرسل لي المعلومات الكاملة للمشروع وصور للمكان الذي سيقام عليه.
قام فراس بجذب أحد المجلدات من الدرج وناولها إياه وهو يقول بفظاظة
_ كم تحتاجين من الوقت لإنجازه!
شعرت به يتحداها فقابلت تحديه بآخر وهي تقول دون احتراز
_ ثلاثة أيام.
حاول قمع ابتسامته قدر المستطاع قبل أن يقول بلهجة خشنة
_أمامك أسبوع من الآن لتنجزيه.
اغتاظت من تخطيه لحديثها وخاصة حين وصل إلى مسامعها ضحكة شاهين الخاڤتة فهبت معترضة
_لا أحتاج إلى كل هذا الوقت باستطاعتي إنجازه في أقل من ثلاثة أيام.
عض على شفتيه السفلية قبل أن يقول بتسلية
_أوافقك الرأي ولكن هذا إن كنت متفرغة.
_ أنا بالفعل كذلك حتى أنني أضجر من الجلوس دون فعل شيء طوال اليوم.
هكذا حادثته بعفوية ليتدخل شاهين في الحديث بحزن مفتعل
_آه يا فراس عيب عليك يا رجل أن تعاني زوجتك الجميلة من الضجر وأنت موجود هذا سيئ بحق سمعتك.
احتقن وجهها بالډماء وخاصة حين سمعت ضحكته الخاڤتة فالتفتت لتجده أحكم قمعها وهو يقول بعينين يتراقص بهما العبث
_سمعتي ستسوء بسببك.
هتفت بحنق
_حقا!
فراس بتسلية
_أجل ولكن اطمأني سأحرص على ملء هذا الفراغ بطريقتي الخاصة فلا يمكنني التهاون في شيء يخص سمعتي.
طفح الكيل ولم تعد تحتمل تسلية هذان اللعېنان ولكن لن تكون نور النعماني إن لم ترد الصاع صاعين لذا استبدلت الڠضب بالسخرية حين قالت موجهة الحديث لفراس المستمع بمراقبة انفعالاتها
_عزيزي فراس يؤسفني القول بأن سمعتك كهاديس لن تتحسن
ولو بذرة واحدة حتى لو ملأت فراغ جميع سكان العالم.
لأول مرة لم يفلح في قمع ضحكته أمامها خاصة حين التفتت إلى شاهين قائلة بسخرية
_وأنت أيها الظريف لن أضيع وقتي معك لأني على موعد مع زوجتك المصون للاطمئنان عليها خاصة وأن اليوم هو أول يوم عمل لها.
ما أن سمع شاهين جملتها الأخيرة حتى وثب قائما وقد اسودت معالمه وخشنت نبرته حين قال
_ما هذا الهراء! من التي بدأت بالعمل اليوم!
بطريقة مسرحية ضړبت نور جبهتها بيدها وهي تقول بحزن مفتعل
_ أوبس هل يعقل أنك لا تعلم بأن هدى بدأت بالعمل في السفارة اليوم! أخ يا لهذه المهزلة.
لون التشفي ملامحها وتساقط من بين حروفها حين قالت
_الآن أنا من يشفق عليك فقد أصبحت سمعتك بالوحل.
قهقه فراس بصخب فقد أصبحت قطته مشاكسة كثيرا للحد الذي يجعله يود الآن التهامها... ولكن شاهين لم يدع له الفرصة فقد اندفع إلى الخارج كالثور الهائج... الذي تتراقص أمامه عباءة حمراء فتزيد من جنونه أكثر ومن يراه الآن يظن بأنه بصدد ارتكاب چريمة قتل... فقد كان يتشاجر مع خطواته وهو يسب ويلعن ويتوعد لها بالهلاك فلم يلتفت لنداءات جليلة التي صدمها رؤيته بهذا الحال خاصة حين دلف إلى غرفته المشتركة مع هدى وهو يغلق الباب خلفه پعنف... جعل جسد تلك الأخيرة ينتفض هلعا خاصة حين التفتت لتراه بتلك الهيئة المرعبة... والشرر يتطاير من عينيه ولهجته حين هسهس قائلا
_هل حقا خرجت إلى العمل من دون أن تعلميني!
ابتلعت ريقها بصعوبة بعد أن فرت شجاعتها أمامه ولكنها
18  19  20 

انت في الصفحة 19 من 25 صفحات