الإثنين 25 نوفمبر 2024

رواية اللصة والۏحش للكاتبة منة فوزي

انت في الصفحة 31 من 49 صفحات

موقع أيام نيوز

يتذكر حديث حنان عن ذلك العڈاب.. والذي يذوقه الان.. وكثيرا ما كان يقول لنفسه لم عليه ان يخضع نفسه لكل تلك القيود.. شهد في النهاية ملكه.. لمن عليه ان يحافظ عليها! ولكنه يعود الي فطرته التي تفيض بالرجولة..لا يمكن ان يتخطي حده معها ابدا.. فكونها ملكه لا يعني ان يحط من انسانيتها و كرامتها .. كما ان شهد صارت تعني له الكثير.. لن يقبل ابدا ان يضايقها و لو بكلمة اوحتي نظرة.. لذا صارت اعصابه كيان ملتهب متوتر دوما.. حقا ما وصفته حنان ..هو بالظبط ما يحدث..
لا يمنع كل ذلك من كونه مازال مسيطرا.. يعتمر بداخله ما يعتمر .. و لكن ثباته الخارجي كان جزءا من تكوينه.. بل انه احيانا في لحظات الصفاء كان يتعمد ان يعابث شهد ويستمتع بردود افعالها البريئة و نظراتها المذهولة المرتابة حين يبدي لها اي تعليق او تصرف قد تعتبره هي خارج عن حدود الادب.. وربما ترد رد عصبي متوتر يبعث علي الضحك تحاول ان تبدوا فيه ثابتة قادرة علي الدفاع عن نفسها..
كان يترك لنفسه احيانا مساحة لكي ينفث عن حرارة شوقه اليها.. ربما غازلها.. تأمل ملامحها عن قرب.. حدثها بحنان.. او حتي مرر يده سريعا ليلامس بشرتها.. كانت ترتبك و تتبعد عنه في تخوف.. فيبتسم في خبث و يكف عن الامر..
ما لم يعرفه جو.. ان شهد كانت تنتظر تلك اللحظات بشوق.. برغم ما تبدي من تمنع لا لشيء سوي ان تضع حدودا الا انها كانت تشعر بسعادة بالغة حين يثني علي جمالها و يتغزل فيها..
لم يعرف ايضا شيئا عن شعور شهد بالضيق الشديد من وجود زوزو التي تظهر دوما دون سابق انذار.. كانت تصاب بحالة من الغليان و الذي يظهر بوضوح في ردودها التي تصيب وتؤلم.. و لكن جو كان يظن ان الامر مجرد كيد نساء لا علاقه له به..
هكذا كان الوضع مستقرا... شهد تذهب يوميا للعمل لدي حنان.. صارت افضل في اداء مهام الوظيفة كما توطدت علاقتها بحنان واصبحت تكن لها معزة كبيرة.. تكررت عزومات حنان التي تجمع شهد و جو اصبحوا اقرب الي عائلة صغيرة.. في ايام اخري كانت حنان تقل شهد الي البيت بعد يوم عمل وتعفي جو من المشوار.. كانتا تنمان علي جو طوال الطريق.. فتسعد شهد بالحديث عنه و تبتسم و هي تستمع لقصص بطولاته السابقة.. وترتبك وتتعلثم في الرد حين تفاجئها حنان بكلام مباشر او غير مباشر يخص مشاعر جو او مشاعرها..
اما جو فقد صار يمل جدا وجوده بالعمل و يشتاق للعودة للمنزل حيث تكون شهد.. كان لا يأكل العشاء الفاخر عند عطا فدائما تكون معدته ممتلئة من و جبة رائعة اعدتها شهد و تناولاها معا قبل ان يخرج.. نعم !.. تحاول اتقان الطعام وتنتظر ردة فعل جو عليه حين يأكل.. وتبتسم في فخر حين يثني عليه..
برغم تفاوت مواعيد عملهما.. الا ان تلك الساعات من
اليوم و احيانا من الليل التي يلتقيان فيها تسعدهما كثيرا و تساعدهما علي تحمل مشاق اليوم..
كان جو في عمله يواجه الاخبار عن عدوي ببرود شديد.. ولكنه في اعماقه.. في نهاية الامر تعب من انتظار لحظة المواجهة تلك الي بات واضحا انها اتية لا محالة.. . ولكنه كان محسوما.. سيتخلص من عدوي الي الابد ان حاول ايذاء شهد!
ومن جهة اخري بدأ صبره ينفذ علي اولائك من يهدودنه ليترك لهم شهد.. و اولائك اللزجين الذين يلحون عليه.. وهو مابين هذا و بين ارشادات الخواجة الصارمة بعدم افتعال مشاكل سببها شهد.. كان الضغط عليه من كل اتجاه .. ولكنه بقي صامدا ..
مالك قالب وشك كده!
كانت هذه شهد تحدث جو اثناء سيرهما معا للبيت بعد مر واصطحبها من العمل.. كان جو يبدوا عليه الكدر بالفعل..
جو مصدع بس.. منمتش كويس
كان هذا اليوم هو نصف يوم عمل لشهد ككل اسبوع.. فتخرج مبكرا لذلك يكون الامر شاقا علي جو حين يذهب لاصطحابها..
شهد طب مكنتش حقك صحيت عشان تيجي توصلني.. كنت كملت نوم لحد بليل معاد ما بتخرج.. هو انا يعني هتوه
لم يرد كنوع من الاحتقار لتلك الفكرة الغبية.. فهو لا يتركها ابدا لتسير بمفردها..
عادت لتقول بعد ان دققت النظر اليه لوهلة لأ .. مش صداع.. في حاجة معصباك
لم يعلق علي قولها بل قال مقترحا متيجي نعمل حاجة..
شهد حاجة ايه!!
جو سارحا مش عارف... حاجة نتبسط فيها.. نبعد عن القرف شوية..
شهد في عدم فهم نتفسح يعني
جو هنتفح فين يا حسرة.. في السوق عشان نقابل طوب الارض ويقلبوا لي مزاجي.. انا عايز حاجة جديدة
ضحكت شهد وقالت ساخرة ناقص تقولي تعالي نسافر الساحل في الويك إنز
نظر اليها وقلب شفته السفلي متصعنا التقزز و قالالويك انز!! اسمها الويك إنز!! الله يسامحه اللي علمك.. اسمها ويك إند.. ثم وليه لأ هو حنا اقل من اللي بيسافروا الساحل..
لمعت عيني شهد و قالت مرة المعلم مرعي وداني هناك
في جو زي ده كده مش صيف اوي.. يا خراشي علي الخيرات اللي طلعتلوا بيها من القصور و الفلل اللي هناك.. انا ممكن افتحلك الفيلا الي تعجبك تغير فيها جو زي مانت عايز.. فرصة هيكون كله مهجور دلوقتي..
جو هو الداء مش هيطلع من دمك.. خلاص قفلتيني مش عايز اتهبب في حتة!!
شهديا سلام.. شريف اوي وسيرة السړقة بتقفلك من كتر الشرف..
كان جو سارحا ثم قال بابتسامة الي قدامك ده عنده حتة ارض في الساحل..
شهقت شهد و قالت اييييه! كذاب..
جو و النعمة الشريفة.. مش بس في الساحل.. في الصعيد كمان.. 
شهد دانت من الاعيان بقي.. و سايبني اقولك يا جو حاف كده... بعد كده هقولك يا يوسف بيه
جو نفسي اخطڤ رجلي اعد علي البحر كده و الرملة وانسي الدنيا شوية.. 
شهد ټخطف رجلك!!! ده الساحل ده بعيد ياما.. دي بلد تانية.. زي اسكندرية كده..
ابتسم جو من سذاجتها و قال بحنان همة تلات ساعات بالاتوبيس.. 
عقدت شهد حاجبيها في تفكير..
بذمة ابوك كل الارض دي ملكك!
كانت شهد تسير علي في مكان صحراوي و تتعثر في الرمال فتمسك بذراع جو و هي تنظر الي المساحة الشاسعة..
جو مش كبيرة زي مانت متخيلة.. ده صاحب الارض الي جنبها بيملك يجي عشرين مرة ضعفها.. هي المصلحة انه لما يجي يبني في ارضه يشتري ارضي عشان يضمها عليها ..
كان جو يكمل حديثه ساعات كده بقرف من كل حاجة.. و اقول لو بعت الارض دي و خدت تمنها و رحت علي الارض اللي في الصعيد .. بنيتلي فيها بيت.. و بيقيت زي العمد كده.. وارجع و اقول .. اسيب حياتي وشغلي هناك !!
رفعت عينيها اليه و هو يتحدث في حماس عن احلامه في بيع تلك الارض.. كم يبدوا رائعا.. وجدت نفسها تتحسس ذراعه باصابعها.. دون ان تشعر.. مما جعله يتوقف عن الحديث و ينظر اليها.. تعلقت عيناهما ببعض .. ابتسمت فابتسم..
. بل عقدت امالا كبيرة ان تلك اللحظة ستكون في خلال ثانية او اثنين علي الاكثر.. و لكنه خذلها ..بل ابعدها عنه برفق .. متظاهرا انه يعبث في شعرها و يدفعها كنوع من المزاح.. برغم الاحباط الشديد كان يجب ان تجاريه في هذا
التظاهر بالمزاح فدفعته ضاحكة.. او متظاهرة بالضحك.. و بدأت معركة بينهم من الدفع و التشابك بالايدي.. كان جو بالطبع منتصرا و شهد تصرخ في مرح.. الي ان انحنت و حملت بعض الرمال الناعمة في قبضتها و القتها عليه.. بعد ان تخطي الصدمة ونفضها عنه.. فعل مثلها .. وهكذا بدأت حرب الرمال..حتي صارا كليهما جزء لا يتجزأ من المكان برماله و اتربته..
نظر جو الي البحر و قال متيجي ننزل..
شهد مش معايا هدوم تانية..
جو هتنشفي! الشمس تنشف البحر نفسه .
شهد مبعرفش اعوم و عمري ما نزلت البحر..
جو مندهشا عمرك!!! لا دانتي فايتك كتير..
سحبها من يدها.. و برغم ذعرها .. الا انها استسلمت له تماما كانت تثق به.. و لم يحتاج هو ان يطلب منها الوثوق فيه..
كان شعور المياه علي ارجلها في البداية رائعا.. ثم بدأت تتوتر حين وصلت مستوي المياه الي اعلي من وسطها.. كانت ممسكة بيد جو و تقفز معه عند قدوم الموجة..كما اخبرها ان تفعل .. كان تشعر بقدر بالغ من الاثارة حين تصعد بها الموجة لأعلي و تعود للذعر حين تهبط بها مرة اخري.. ثم بدأت تصاب بالذعر الشديد حين صارت المياه في مستوي كتفها و رقبتها.. تمسكت بذراع جو كطفلة مذعورة.. ضحك و قال امال هتعملي ايه لما يبقي ملكيش طول.. انا كل ده و المية لسة عند وسطي.. لازم ندخل جوة اكتر..
كان يتعمد اخفاتها.. فقد صدر منها رد الفعل الذي اراده بالظبط.. جذبت نفسها اليه و تعلقت برقبته و هي تلهث و تنظر للمياة في خوف..
فصاح متظاهرا بالضيق هتخنقيني!..افف.. تعالي كده
جعلها تدور حوله و تمسك به من الخلف و ظهره اليها .. وكأنها طفلة تركب ظهر ابيها.. كان ظهره عريضا وقد شعرت شهد بالامان في هذا الوضع وفي نفس الوقت كان هناك مساحة لجو لكي يسبح و يستخدم ذراعيه..
بعد ان هدأ ذعرها من المياة و اطمأنت انها بأمان .. بدأت تدرك حقيقة الامر.. خفق قلبها في عڼف.. .. لكم تمنت هذا قبل قليل.. بل هذا افضل مما تمنت بكثير.. ازاحت التوتر و الخجل عنها متعمدة ففي جمع الاحوال هي بعيدة عن عينيه التي توترها.. اراحت رأسها علي كتفه واسمتعت بالمياه وكانها علي ظهر بارجة من العضلات..
اما جو فقد كان يسبح بهدوء و يترك نفسه و شهد ينسابا مع الامواج الهادئة بعد ان تخطيا منطقة قلبة الموج .. لن احكي عن سعادته.. و لا عن شعوره بأنه لو ماټ الان ..سيموت سعيدا لا يريد شيئا اخر من الدنيا.. وضع يده علي ذراعها الملفوفة عليه من الخلف و كأنه يثبت مسكتها و لكن في واقع الامر كان فقط يريد ان يلامس يديها.. لم تمانع هي .. لدرجة انه شك انها راحت في النوم..
فقال بهدوء شهد
اصدرت صوتا هائما من الخلف فوق كتفه حيث رأسها همم
جو انتي نمتي
شهد وكانها نامة لأ بس المية حلوة اوي.. اسكت بقي..و سيبني اتمتع..
ربت علي ذراعها و لم يبعد يده.. ابتسم و اكمل سباحة..
لم يدريا كم مضي عليهم من الوقت.. قضيا الوقت في صمت كل منهما مستمع بذلك القرب الحميم و المياة والجو الرائع..
فجاة قالت شهد الشمس هتروح.. مش هننشف!
انتبه جو الي انها محقة فدار وسبح بها الي نحو الشاطيء و لكن قبل ان يصلا حيث صارت الامواج قاسېة قرب الشاطيء..
30  31  32 

انت في الصفحة 31 من 49 صفحات