فارس
ميلزمونيش وقلتهم أحسن ومش طالباهم بصراحه
فقالت أمها وهى تدفعها هى الاخرى للخارج
طب يالا روحى شوفى أختك بتعمل ايه يا أم لسانين
تجهز البيت وتزين لاستقبال جيرانهم الاعزاء عمرو ووالده ووالدته
وبعد الترحيب والاستقبال الحار وعبارات الود والمحبه جلس الجميع فى غرفة الاستقبال حيث قال أبو عزة بترحاب شديد
واحشنى والله يا ابو عمرو الواحد مبقاش يشوفك غير كل فين وفين
بكره تزهق مني يا ابو عبير ما احنا هنبقى نسايب بقى
ضحكا الرجلان بينما قالت والدة عمرو أومال فين عروستنا يا ام عزة مكسوف ولا ايه
نهضت الام واقفة وهى تقول بابتسامه واسعه
هروح أندهلها حالا
دخلت الام فوجدت عزة تكاد تبكى وهى تقول لعبير مش عاوزه اخرج يا عبير طب خلى مامته هى اللى تيجى هنا
تيجى هنا فن يا
بت أنتى
حاولت عبير دفع عزة تجاه والدتهما وهى تقول بتشجيع
يابنتى أطلعى أومال هتكلمى معاه ازاى هو مش أنتى اللى طلبتى تقعدى معاه الاول
أخذتها والدتها من يدها كالاطفال وخرجت بها وهى خافضة رأسها إلى الارض خجلا من الموقف
وقفت والدة عمرو وأحتضنتها وقبلتها بشدة وهى تضغط على ساعديها مره وعلى ظهرها وكتفيها مرة أخرى وتقول
أجابت عزة بخفوت
الحمد لله يا طنط
أجلستها بجوارها حيث قالت والدة عمرو
والله كبرتى يا وزه بقالى كتير مشوفتكيش عامله ايه يا بنتى
ابتسمت عزة فى خجل وهى تقول بصوت غير مسموع
الحمد لله
كان عمرو مسلط نظره عليها يريد منها التفاته واحده فقط ولكنها لم تفعل لم تنظر اليه ابدا حتى عندما تجرأ وقال لها
أومأت براسها ولم ترد لاحظ ذلك والدها أنها لم ترفع عينها لعمرو قط ولم تجبه ايضا على سؤاله فنهض وهو يقول موجها حديثه لزوجته
هاتلنا
بقى يا حاجه العصير هنا وخدى الولاد بره فى الصاله يقعدوا يتكلموا مع بعض شويه
نهض عمرو من فوره فى سرعة وسعاده بينما وقفت عزة على مضض وخرجا ثلاثتهم جلست عزة على المقعد المواجه لغرفة الصالون حيث يقع عليها نظر والدها كما تم الاتفاق مسبقا معه
خرجت من المطبخ ووضعت أكواب العصير امام عزة وعمرو وعادت لغرفة الصالون مرة أخرى
ظل عمرو يعصر ذهنه ليتذكر وصايا فارس ولكنه لم يتذكر شىء على الاطلاق
فقرر أن يتصرف بنفسه فألقى نظرة على غرفة الصالون ثم نظر إليها يتفحصها وقال بصوت تسمعه هى فقط
ألتفتت اليه باستنكار فشكر أنه ارتكب جرما فقال بتلعثم
قصدى أزيك يا أنسه عزة
خفضت نظرها مرة أخرى وهى تقول
الحمد لله كويسه
مسح عمرو رأسه وقال بتردد
طيب انا سامعك لو فى حاجه عاوزه تسألينى فيها
ألقت عليه نظرة خاطفه أنهتها سريعا وقالت بجديه
أنا كنت عاوزه أعرف بس أنت عاوز تجوزنى ليه واشمعنى أنا يعنى
باغتته بالسؤال شعر بالإرتباك وصمت قليلا وهو ينظر إليها فقالت
ايه مش لاقى إجابه ولا محرج تجاوب
رفع حاجبيه بدهشة وقال يعنى ايه محرج أجاوب
أرتسمت على جانبى شفتيها ابتسامة سخريه صغيرة وهى تقول
يعنى محرج تقولى أنك زيك زى شباب كتير عاوز يتجوز وخلاص ومش فارق معاك انا بالذات يعنى علشان كده محرج تجاوب صح
زال الارتباك الذى كان قد شعر به كليا وشبك اصابع كفيه امامه وهو يتكأ الى ركبتيه وقال بثقه
لا مش صح
فقالت بسرعه
أومال سكت ليه مكنتش محضر إجابه
هز راسه نفيا وقال بثقة أكبر
لاء مش علشان مكنتش محضر إجابه علشان خاېف اجابتى تسببلك أحراج
رفعت كتفيها وأخفضتهما سريعا وهى تنظر إليه قائلة
لا عادى مفيش إحراج ولا حاجه
نظر فى عينيها بعمق وقال بهدوء
علشان بحبك
أحمرت وجنتيها تلقائيا وخفضت عينيها فتابع حديثه
بحبك من زمان من زمان أوى من واحنا لسه فى الثانويه العامه
بالتقريب كده من ساعة ما مشاعرى ابتدت تتحرك أساسا وأعرف الحب
كانت تستمع اليه فى توتر وحياء وتكاد تقطع شفتاها من كثرة الضغط عليها بدون وعى
فقال وهو مازال ينظر إليها ويتابعها حركاتها وسكناتها
عرفتى بقى مكنتش عاوز اجاوب ليه
لم تستطع أن تنتظر أكثر من هذا كلماته ونظراته أخترقت خجلها وشعرت انه يرى قلبها من خلف ضلوعها وهو ينبض پعنف ويتابع أندفاع دماء جسدها كله من خلف شراينها إلى وجهها وراسها لامت نفسها على السؤال الذى طرحته والذى كان السبب فيما قال
كانت تعرف ان عمرو جرىء ومندفع ولكن لم تكن تعلم انه من الممكن ان يقول ما قال بهذا الشكل المفاجىء والصريح لابعد الحدود بل وكأنه كان يود أن تسأله هذا السؤال ليفصح عن مكنون قلبه ومشاعره تجاهها
فنهضت وقد تحشرج صوتها وهى تقول طب عن أذنك
ودخلت فى سرعه فى أتجاه غرفتها وهى ترى ما حولها باللون الاصفر أو هكذا يبدو
استقبلتها عبير وهى تنظر لوجهها بدهشه قائلة جيتى بسرعه كده ليه هو أنتى لحقتى تتكلمى معاه
وضعت عزة كفيها على وجنتيها تتحسس حرارتهما وهى تقول باستنكار
لو كنتى سمعتى كلمه واحده من اللى قالهالى كان زمانك قمتى من بدرى
أبتسمت عبير وقالت بشغف
قالك ايه
نظرت لها عزة بخجل وقالت بخفوت
سألته سؤال واحد بس وياريتنى مكنتش سألت أحرجنى اوى يا عبير ووقالى قالى بحبك من زمان
ضحكت عبير ثم وضعت كفها فوق فمها لتكتم ضحكتها وقالت
مش بقولك رخم
نظرت لها عزة بعتاب وقالت
فرحانه فيا يا عبير ماشى
عبير أبدا والله بس مستبشره خير ها رأيك ايه بقى
قالت عزة بشرود
مش عارفه يا عبير محتاره اوى ومش عارفه اقرر لسه
عبير طب بقولك ايه أنتى تستخيرى الاول وبعدين تقررى وان شاء الله خير
غادر عمرو واسرته منزلهم وجلست والدة عزة وزوجها فى غرفتهم وهى تقول
ها يا ابو عبير رأيك ايه
قال بتاكيدمانتى عارفه انى معنديش مانع يا ام عبير المهم
رأى عزة كلميها وشوفى نرد عليهم نقولهم ايه
قالت بلهفه
لا كلمها أنت هى بتسمع كلامك
هز راسه نفيا وقال
لاء انا هتكسف مني انتى امها كلميها واعرفى منها بالظبط رأيها ايه ولو عاوزه وقت تفكر براحتها خالص الولد اصلا لسه قدامه شويه
دخلت والدة عزة غرفة بناتها وجلست بجوارهم لتعرف رأى ابنتها ولكنها وجدتها مرتبكه ولم تحدد
رأيها بعد
ومازالت متردده فقالت لها عبير
خلاص يا ماما أحنا اتفقنا أنها تستخير الاول وبعدين نشوف
نظرت عزة الى والدتها وقالت برجاء
ماما انا عارفه انك انتى وبابا متحمسين لعمرو وبتحبوه بس من فضلكم متتغطوش عليا وسبونى افكر على مهلى
قالت والدتها بدهشه
ومين قالك انى جايه اضغط عليكى انا جايه اعرف رأيك بس مش أكتر
عزة يعنى بابا مش هيضغط عليا علشان اقول رأى بسرعه
الام لاء بالعكس ده هو اللى قالى أسيبك تفكرى براحتك وقالى انه مش مستعجل علشان عمرو لسه قدامه شويه على ما يجهز
نظرت لها عزة باستنكار وقالت بحنق
اومال لما هو مش مستعد دلوقتى مستعجل ليه
وكان عمال يزن على بابا كل شويه
استندت والدتها الى ظهر السرير ورفعت حاجبيها وهى تقول مداعبه
أصله خاېف حد تانى ياخدك منه
ضحكت عبير من اسلوب والدتها وطريقة القائها للعباره وشعرت عزة بالډماء تتصاعد لوجنتيها مرة اخرى
تبا لهذا العمرو الذى يدفع الډماء إلى راسها بين الحين والاخر بكلماته سواء ألقاها هو ام ارسلها لها عن طريق غير مباشر
أنطفأت الانوار وخلد كل الى فراشه وقد سكنت العيون ولكنها لم تستطع النوم جافاها النوم
وعصتها عيناها فلم تستجب لها الوحدة نعم هى ذاك الوحدة التى تشعر بها رغم كل البشر حولها والاهل والجيرة الطيبه ولكن هى امرأة أنثى رغم كل شىء بداخلها طاقة حب لا تعرف كيف توجهها والى من تمنحها
هى أنثى أتمت الثلاثون من عمرها ومازال فراشها باردا خالى بل ومتجمد
ولو أن أختها لم تشاركها نفس الغرفه لشعرت انها ملقاة بالصحراء تكاد وحوش وحدتها تلتهمها وهى فريسة وحيدة بلا مأوى فأين هو المأوى وأين هو المستقر الدافىء نعم ملتزمه ومنتقبه ولكنها ليست متبلدة المشاعر متجمدة الحس ليست جماد ولكن ايضا ترفض أن تكون ريشة بمهب الريح لتحركها كيف تشاء
فتذهب مترنحه وتعود خاوية فتتلمس ركعتين فى جوف الليل تناجى ربها يارب عجلى الخلاص والمفر
كان باسم يعلم بميعاد خروج فارس من المكتب لذهابه لصلاة العشاء فى المسجد أنتظر حتى تأكد من ذهابه ثم أرسل فى طلب حضور دنيا إلى حجرة مكتبه حضرت إليه كما أراد فأشار لها بالجلوس أمامه وفاجأها قائلا لها
كل سنة وانت طيبة يا دنيا مش عيد ميلادك النهاردة برضة
الفصل العاشر
كان باسم يعلم بميعاد خروج فارس من المكتب لذهابه لصلاة العشاء فى المسجد أنتظر حتى تأكد من ذهابه ثم أرسل فى طلب حضور دنيا إلى حجرة مكتبه حضرت إليه كما أراد فأشار لها بالجلوس أمامه وفاجأها قائلا
كل سنة وانت طيبة يا دنيا مش عيد ميلادك النهاردة برضة
نظرت إليه بدهشة قائلة
وحضرتك طيب بس عرفت ازاى ان عيد ميلادى النهاردة
قال بثقة زائدة
اللى بيهتم بحد بيحب يعرف عنه كل حاجة
أخرج علبة متوسطة الحجم من درج مكتبه وقدمها لها قائلا
أتفضلى هديتك
نظرت إلى العلبة مندهشة ولمعت عيناها من المفاجأة وقالت
أيه ده موبايل مرة واحدة
علت الأبتسامة شفتيه وهو يقول
ده أقل حاجة ممكن تتقدملك
قال عبارته هذه وهو يتفحصها بجرأته المعهودة شعرت بالخجل من نظراته وقالت بارتباك
بس انا أسمع انه بيبقى مع رجال الأعمال بس علشان شغلهم يعنى أنا بقى هعمل بيه أيه
قال ببساطة
لا ده كان أول ما نزل مصر دلوقتى ابتدى ينتشر وبعدين يا ستى علشان لما أحب أطمن عليكى أصلك لسه مردتيش عليا فى موضوع الشغل وانا خلاص شهر وماشى من هنا وعاوز أعرف أكلمك وقت ما أحب
لم تكن كلماته تحمل معنى آخر نظرت إلى العلبة بين يديها سعيدة بها وحائرة هل تقبلها أم لا إنها هدية ليست بالبسيطة وفى نفس الوقت ماذا ستبرر ذلك لفارس وكأنه قرأ أفكارها التى ظهرت جلية فى عينيها وهى تنظر للعلبة فقال باصرار
أنا مش هتنازل عن أنك تقلبيها
ألتفتت إليه فقال
وبعدين يا ستى لو خاېفة من الإحراج مش لازم تقولى أنى انا اللى ادتهولك
وكأنه أعطاها المخرج من تلك الورطة فابتسمت وهى تقول
متشكرة أوى يا أستاذ باسم على الهدية
مد يده ليصافحها قبل أن تخرج وضغط على كفها بين أصابعه برقة وقال
دى حاجة بسيطة بالنسبة للى جاى لو وافقتى تشتغلى معايا
خرجت دنيا من حجرة مكتب باسم مسرعة وهى تخشى أن يكون قد عاد من صلاة العشاء ولكنها استرخت وهى لا ترى فى الحجرة سوى نورا فقط والتى كانت منكبة على عملها باهتمام حشرت العلبة فى حقيبة يدها عنوة ووضعتها تحت مكتبها الخاص حتى لا تلفت الأنتباه بانتفاخها وواصلت عملها بنظرات زائغة وكأن شيئا