رواية أوتار الفؤاد بقلم منال سالم
ما الكل عرف إنك ....
أيوه يا أكرم
صړخ بها زوجها غاضبا
إنتي إزاي كده في واحدة عاقلة تعمل الفضايح دي ممكن تفهميني عملتي ده ليه وعشان خاطر مين
نفخت بصوت مسموع لتشعره بعدم تقبلها لسيل الاټهامات التي يليقها على آذانها ثم عقبت ببرود
يووه يا أكرم مش كل شوية هتستجوبني أنا عارفة كويس أنا بأعمل إيه
صاح بها مهاجما إياها
إنتي مش هترتاحي إلا لما تقضي على نفسك
ردت عليه بنفاذ صبر
خلاص بقى
حذرها أكرم بلهجة قوية
اسمعيني يا رغد أنا لسه مخلصتش كلامي و..
قاطعته بنبرة جليدية غير مبالية
بأقولك إيه أنا مش فاضية دلوقتي ورايا حاجات كتير نتكلم بعدين باي
أغلقت الخط دون سماع كلماته الأخيرة لتردد بتأفف مزعوج
أوف دايما بتفصلني كده
ألقت هاتفها بإهمال على طرف الفراش لتحدق بعدها في الفراغ بنظرات حادة تمتمت مع نفسها بحنق
نفسي أشوف وش البيئة اللي اتجوزتها عامل إيه دلوقتي لما تعرف بمغامراتك معايا
وضعت يدها على منتصف خصرها متابعة حديثها بغرور
تلاقيها on fire والعة وهيجرالها حاجة ماهو مش بالساهل لما واحدة تعرف إن جوزها عايش حياته زي ما كان مع واحدة تانية أحلى منها مليون مرة!
أقنعت نفسها بذلك اللهو الفارغ لتضحك بهيسترية بعدها وكأن ما يحدث مسليا لها.
...........................................................
الذي تعرضت له شقيقته الصغرى تناسى التصرف بعقلانية وبات كالمهووس وهو يترقب خروج من يطمئنه عليها انتفض ركضا نحو الممرضة التي خرجت من غرفة العمليات ليسألها بتلهف
أخبار ليان إيه
وعفويا امتدت يده لتمسك بذراعها كما لو كان غريقا يبحث عن تلك القشة التي ستنجيه وهو يرجوها
لو سمحتي طمنيني!
نظرت له الممرضة بتعجب وبهدوء استلت ذراعها من بين أصابعه لتجيبه بحذر
يعني إنتي مش عارفة إن كانت كويسة ولا لأ وابني حصله حاجة ولا ...
نكست رأسها في توتر محاولة التهرب منه
إن شاء الله خير عن إذنك!
انفلتت أعصابه منه فاعترض طريقها صائحا بهياج
إنتي مش كنتي معاهم جوا قوليلي في إيه
ردت عليه بتلعثم محذرة إياه من التمادي في تصرفاته المنفعلة
يا أستاذ ماينفعش اللي بتعمله قولتلك الدكتور طالع وهيعرفك كل حاجة
رد مبررا
ماهو مافيش حد هنا عاوز يريحني
اطمن كله خير
وبحنكة احترافية تمكنت الممرضة من التملص منه لتتركه في حالة أكثر قلقا وخوفا عن ذي قبل ضړب عدي بكفه على الحائط في استياء واضح عليه ارتفعت أنظاره نحو الطبيب الذي خرج لتوه فاندفع نحوه ليسأله بأنفاس شبه متقطعة
بدا الطبيب حذرا للغاية وهو يجيبه
الحمدلله احنا قدرنا نلحق المدام ونوقف الڼزيف بس للأسف الجنين نزل
ثم ربت على كتفه كنوع من المواساة وهو يتابع
ربنا يعوض عليكم
هبطت تلك الأخبار السيئة على رأسه كالصاعقة فتسمر في مكانه لثوان ليستوعب ما قيل له وما إن أدرك عدي حجم الخسارة الفادحة التي أصابت عائلته الصغيرة حتى بدأت العبرات بالتجمع بكثافة في طرفيه اغرورقت عيناه بالدموع وانسابت على صدغيه بغزارة لم يكن ليتصور ضياع ذلك الجنين الذي تمناه لسنوات بعد معاناة قاسېة ورتب لاستقباله هكذا فجأة دون أي مقدمات تصلب جسده رغم الرجفة العڼيفة التي أصابت خلاياه شعر بعجز قدميه عن حمله فألقى بثقله على أقرب حائط ثم وضع يده على فمه ليكتم شهقاته الموجوعة فلم يصدر منه إلا نحيبا مكتوما عكس حزنا كبيرا وحسرة لا توصف ............................................. !!
........................................................
سعل بحشرجة واضحة وهو ينفث دخان ناريجيلته في الهواء مكملا تفريغ تلك الشحنة المتأججة في صدره من خلال إقباله الشره مؤخرا على الټدخين وتعاطي المخډرات حتى ينسى الإذلال الذي تعرض له أمام أهالي منطقته الشعبية قبل أن يطرد منها لكزه الجالس على يمينه في ساقه المثنية أسفل منه ليحذره من التمادي في شرب الحشېش قائلا له
ما كفاية كده يا عمنا
نظر له منسي شزرا من طرف عينه الملتهبة قبل أن يرد رافضا بعناد
ملكش فيه أنا حر إن شاءالله أولع في جتتي حتى
علق مبررا خوفه عليه
يا سيدي أنا عاوز مصلحتك
زفر هاتفا بحنق ليكف عن إبداء نصائحه له
يووه إنت هتخوت دماغي على الفاضي قولتلك أنا حر
غمز له رفيقه متابعا بنبرة ثقيلة
يا عم بدل ما تتشيع وتروح مننا إنت لسه في عزك
علق عليه منسي ساخرا
عمر الشقي بقي
ثم عاد ليشرد في تفكيره المنتقم ممن أذله وكسر شوكته أمام العامة ورغم الهلوسة المسيطرة على عقله إلا أن مشاهد الإهانة كانت لا تزال حية في مخيلته ووسط الضلالات التي يعيش فيها كان يبوح بما ېخنقه لرفقاء السوء لربما أرشده أحدهم لوسيلة يستطيع بها إخماد النيران المستعرة بداخله تجرع منسي ما تبقى في زجاجة مشروبه المسكر ليتجشأ بعدها ماسحا بظهر كفه ما علق في ذقنه النابتة كز على أسنانه مغمغما بحنق مغتاظ
آخ يا مين ينولني رقبتك يا ابن الأكابر وأنا أشقك نصين آه لو كنت لوحدك
اقترح عليه الجالس إلى يساره
ما تسلط عليه حد من العتاولة
لم ينظر نحوه فقد بدا حديثه لهوا فارغا بالنسبة له سحب نفسا أشد عمقا من ناريجيلته ليضيف بعدها وهو ينفث الدخان
ولا البت كمان فلتت مني كنت خلاص هاتجوزها واعمل ما بدالي بسهولة كله يروح كده
علق عليه مازحا
طالما مش ليك ضيعها
استدار نحوه ليسأله بفضول وقد ارتفع حاجبه للأعلى
قصدك إيه
أجابه بخبث
يعني اللي ماتجوزلكش تبقى ماتجوزش لغيرك
كانت كلماته غامضة فلم يستطع أن يفسرها بوضوح اعتدل في جلسته وتركزت نظراته عليه متسائلا بنفاذ صبر
ما تقول ياض قصدك إيه خشلي دوغري
شعر رفيقه بالحكة تصيب صدره ففركه بأصابعه قبل أن يجيبه بمكر
خليها ماتسواش مليم في سوق الحريم ارمي عليها مياه ڼار وساعتها مش هاتنفع لأي راجل حتى لو كان مين
أغراه حديثه الشيطاني وتغلغل في عقله انفرجت شفتاه عن دهشة إعجاب وارتسمت علامات الارتياح على ملامحه بدا منسي كمن ألقي عليه دلو ماء مثلج ليفيق من غيبوبته لمعت حدقتاه بذلك الوهج المخيف ومع كلمات رفيقه المسمۏمة اشتعلت الفكرة أكثر في رأسه وتشعبت خيوطها ليشرع بعدها في رسم ملامح خطته المبدأية للاڼتقام من هالة أولا فربما في فعل ذلك يجد سلواه جلس بأريحية وطرقع فقرات عنقه بعد أن حركه للجانبين تشكل شبح ابتسامة لئيمة على محياه وهو يردد معقبا على ما قيل وما فكر فيه
تستاهلها وأهوو بكده
ڼاري تبرد شوية!
تجمدت نظراته القاتمة التي عكست ظلاما مخيفا وغموضا مرعبا على شخصها الثائر فقد لعبت دورها جيدا وصړخت باكية بهيسترية أثناء إجراء التحقيق معها ملقية عليه التهم الأخلاقية ليظن من يستمع إليها أنها ضحېة ذئب لعوب يجيد اصطياد النساء والإيقاع بهن في حبائله الدنيئة ورغم صلة القرابة الوطيدة بينهما إلا أنه استغلها وأراد هتك عرضها حافظ أوس على هدوئه وهو يستمع إلى ما يقال عنه كان ثابتا في جلسته قسماته رغم شدتها إلا أنه لم يهتز له شعرة أخرج زفيرا بطيئا من جوفه قبل أن ينكر ببساطة وكأن ما اتهم به شيئا عاديا
محصلش
ردت رغد بصړاخ منفعل
إنت إيه مفكر نفسك فوق البشر
أشار لها الضابط بيده محذرا
من فضلك إهدي شوية يا مدام
لم تلق بالا لرجائه المتواصل وظلت أنظارها موجهة نحو أوس ثم لوحت بسبابتها مھددة
أنا مش هاسيب حقي ومش هتنازل عنه
توقعت رغد أن يتوتر أن تظهر عليه تعابير القلق أو القليل من الارتباك والخۏف لكنه صدمها بأن ثغره التوى نوعا ما ليظهر بسمة جانبية مستمتعة عادت لتوزع نظراتها الحانقة بينه وبين الضابط قبل أن تستأنف ټهديدها الجاد
ولو البوليس هنا معرفش يجيبلي حقي فأنا هلجأ للسفارة
بدا التلميح صريحا باستخدام جنسيتها الأجنبية في تصعيد الأمور ليجد الضابط نفسه في موقف حرج للغاية توترت نظراته والټفت نحو أوس ليقول له بدبلوماسية
احنا عاوزين نحل الوضع قبل ما يتطور ويروح النيابة حضراتكم قرايب و....
قاطعه أوس ببرود غير مبال وهو يضع ساقه فوق الأخرى
امشي في اجراءاتك يا حضرت الظابط للآخر وخلي كل واحد ياخد حقه
ثبت نظراته جيدا على رغد لتشعر برجفة تجتاحها وهو يكمل
ولو أنا غلطان أتحاسب ولو لأ ..
اتسعت ابتسامته فجأة قبل أن يواصل بثقة تامة
يبقى محدش يزعل من اللي هيحصل!
أحست رغد بقشعريرة تصيبها وجاهدت لتخفيها لتبدو كالصخر أمام خصمها القوي أغاظها شجاعته وثباته فهتفت صاړخة
أنا هاخلي الناس كلها تعرف حقيقتك
لم يكترث بتهديداتها الصاړخة نهضض بتمهل من مقعده ليبدو في مواجهتها التقت النظرات وقرأت تحديا واضحا في عينيه أومأ برأسه معلقا ببرود
وأنا معاكي للآخر!
ثم أولاها ظهره ليسأل الضابط برسمية
في حاجة تانية مطلوبة مني
أجابه الأخير بجدية
وقع هنا والورق كله هيتحول للنيابة عشان تستكمل التحقيقات
اقترب منه ليوقع حيث أشار الضابط ثم رفع رأسه ليطالع رغد بنظرة أخيرة ڼارية أرعبتها اتجه بعدها نحو الباب وتبعه محاميه الخاص الذي حدثه بإيجاز عن تبعات الاستمرار في تلك القضية التي تمس السمعة والشرف تفاجأ أوس فور خروجه من غرفة الضابط بوجود العشرات من الصحفيين المرابطين في الطرقات ليحصلوا منه على أي تصريح رسمي يستخدموه في تغطية أخبارهم الحصرية تهافتوا عليه حينما أبصروه قادما وحاولوا محاصرته بأسئلتهم قبل أجسادهم تدخل سريعا أفراد الحراسة الخاصة لمنعهم من الاقتراب منه وأفسحوا له المجال ليمر من بينهم تلاحقت ومضات عدسات الكاميرات الفوتوغرافية مع أسئلتهم المستفزة لتزيد من غضبه وحنقه.
حرص أوس على إبقاء وجهه غير مقروء التعبيرات رغم السؤال المستفز الذي وصل إلى مسامعه بوضوح
أوس بيه سؤال من فضلك إيه رأي سيادتك في اټهامات بنت عمك بإنك اعتديت عليها وهل ده راجع للخلافات اللي كانت بينك وبين عمك
رمقه بنظرة حادة ولم يجب عليه فاستفزه بسؤال آخر أكثر جراءة
إيه موقف زوجتك من اللي حاصل وهل هي متقبلة لده وبتدعمك
توحشت نظرات أوس لمجرد تطرق ذلك الصحفي لاسم زوجته كان لجوئه لتلك الحيلة مجديا فاعتقدت أنه حصل على غايته وسيجيبه لكن تبددت آماله سدى مع تجاهله له وإكماله
لسيره نحو الخارج خرجت رغد هي الأخرى من غرفة التحقيقات فالتف حولها الصحفيون بالطبع لم تضيع الفرصة لتزيد من اشتعال الموقف وتأزمه بإلقاء المزيد من التهم الباطلة من أجل إثارة البلبلة واستفزاز الجميع بالحديث عن سوء نوايا ابن عمها ومجونه قاصدة بذلك تشويه صورته وشحن أغلب الرأي العام ضده لتحول موضوعها الشخصي إلى قضية رأي عام.
..........................................................
كانت خطواته أقرب إلى الركض وهو يتبع السرير النقال المتجه نحو غرف المرضى بالطابق العلوي انتظر عدي خروج الممرضات من غرفتها الخاصة بعد تعليق المحاليل الطبية لها ليسحب المقعد الملاصق للحائط ويجلس بجوار فراشها مد يده ليمسك