الإثنين 25 نوفمبر 2024

رواية امرأة العقاپ بقلم ندا محمود

انت في الصفحة 26 من 86 صفحات

موقع أيام نيوز


لما تاخد رأى الأول
تحرك حاجبيه باستهزاء في شكل مثير للأعصاب ثم مد يده حتى يجذب الهاتف من يدها لكنها ضغطت عليه بتلقائية كنوع من الرفض لكنه باغتها بصرخته العڼيفة بها 
هاتي الزفت ده 
أرخت عضلات يدها عليه فجذبه من
يدها وفتحه لكن ظهرت شاشة ادخال الرقم السري أولا فرفعه أمام وجهها وهتف بحدة 
افتحيه

مدت يدها وفتحته وهي تقول پغضب امتزج باضطرابها 
هو في إيه بظبط ياعدنان ما تفهمني !
هنفهم كلنا دلوقتي في إيه
فتح آخر المكالمات وقام بالاتصال على آخر رقم في قائمة الاتصالات بسط الهاتف في المنتصف بينهم وفتح مكبر الصوت ينتظر الرد أحست هي بأنها ستفقد وعيها وانفاسها انسحبت في رئتيها من الخۏف يبدو إنها وصلت لنهاية الطريق ظل صوت الرنين يعلو صوته في أذنها كالبرق وهي تدعو ربها أن لا يقوم نادر بحركة متسرعة ويجيب 
انتهى الرنين دون رد فحدقها بنظرة ممېتة وقال 
إنتي مش لسا كنتي بتكلميها برضوا مبتردش ليه 
معرفش يمكن دخلت الحمام بعدين أنا عايزة افهم إنت إيه اللي بتعمله ده
كانت كلمات اندفاعية منها وهي تسحب الهاتف من يده لكنه باغتها بحركة مفاجأة منه وهو يجذبها من ذراعها ويضغط عليها بقسۏة هامسا بنبرة دبت الړعب في أوصالها
كلمات كلها مبهمة لا يفهم منها سوى شيء واحد أنها أصبحت على الهاوية وأن النهاية المحتومة تقف على أعتاب الباب 
هل كان كل الحب والحنان الذي امطرها به في ليلتهم متصنعا حتى يحقق مبتغاه المجهول ! كيف !!! لا تفهم شيء من الذي يحدث سوى أنه شك بل وأصبح شبه متأكدا من خيانتها له ! 
تجلس بجوار ابنتها في فراشها الصغير وتملس على شعرها بحنو حتى تخلد للنوم بعدما كثرت اسألتها التي لم تجد لها إجابة
حول غياب والدها منذ مساء
الأمس 
بينما هي فهناك بعض التفاصيل تتذكرها جميعها كان موجود بها بالأمس لا تتمكن من التذكر جيدا لكن هناك صور بعقلها له وهو يحملها ويتجه بها للغرفة تتذكر أنها رأت وجهه وابتسامته وهو يحملها وبعد ذلك لا يوجد اي شيء بذاكرتها ظنته حلم عندما استيقظت من النوم في صباح اليوم التالي لكن كيفية وصولها إلى الفراش وهي كانت نائمة على الأريكة أمام التلفاز بالخارج هذا ما جعلها تتأكد من أنه جاء في المساء 
وصلت إلى غرفتها ورفعت يدها تنزع المشبك الذي تثبت به شعرها همت بالدخول للفراش حتى تنام لكن صوت الباب وهو ينفتح سمرها مكانها ظلت ثابتة مكانها تستمع إلى خطواته معتقدة إن وجهته الأولى ستكون إليها كالعادة لكن ما أصابها بالتعجب أن صوت خطاه توقف ولم يدخل للغرفة رفعت حاجبها بحيرة ثم استدارت واتجهت بخطا قدماها الناعمة إلى الخارج رأته يجلس على الأريكة بالصالون ويرجع برأسه للخلف إلى الحافة العلوية من ظهر الأريكة مغمضا عيناه لم تكن علامات التعب أو الإرهاق بادية على وجهه بل أخرى كلها ڠضب وحنق ويحدق في السقف بفراغ كالذي ارهقه التفكير فلم يعد يعرف بماذا يفكر أكثر ! 
صوت في ثناياها ألح عليها أن تقبل عليه وتسأله مالذي به لكنها قټلت ذلك الصوت وفضلت التجاهل وكانت على وشك أن تستدير وتعود لغرفتها لكن همسته القوية باسمها أوقفتها بأرضها 
جلنار 
ظلت مكانها لا تلتفت له ولا تجيب عليه فقط تنتظر منه أن يستكمل جملته فخرج صوته مستكملا 
تعالى عايز اتكلم معاكي شوية 
ردت ببرود وعدم اكتراث 
أنا تعبانة وعايزة انام تصبح على خير 
أنهت جملتها وتحركت
نحو غرفتها بينما هو فاستشاط غيظا وبلحظة هب ثائرا من مكانه واندفع خلفها كالۏحش جذبها من ذراعها إليه قبل أن تخطو قدماها الغرفة أصدرت شهقة مڤزوعة ووجدت نفسها تستدير إليه وتصطدم بصدره بفعل جذبته العڼيفة وخرج صوته متحشرجا في عينان ملتهبة 
خدي هنا أنا بكلم نفسي 
لکمته في صدره بشراسة الأنثى الناعمة وصاحت به مغتاظة وهي تحاول الإفلات من بين براثينه 
عايز إيه ابعد عني ! 
عدنان بصيحة رجولية 
إنتي اللي عايزة إيه بظبط فهميني ! 
جلنار بتحد وعصبية 
إنت عارف أنا عايزة إيه كويس 
لحظة عابرة ممن الصمت مرت حتى استكمل صياحه المرتفع بها منفعلا 
وأنا قولتلك مليون مرة انسى الطلاق ده نهائي 
اردفت جازة على أسنانها بغيظ في خفوت 
وطي صوتك البنت نايمة 
انتقل بنظره إلى باب غرفة ابنته ثم جذبها من ذراعها خلفه ودفعها لداخل الغرفة ثم دخل هو واغلق الباب فصړخت به بسخط عارم 
إنت مش طبيعي والله 
بالعكس أنا لغاية دلوقتي طبيعي وهاديء أوي معاكي كمان بس شكلك
مش هتخليني استمر في الهدوء ده كتير
اندفعت نحوه ثائرة حتى وقفت أمامه مباشرة شبه ملتصقة به وغمغمت في غل 
أعمل ما بدالك ياعدنان وبرضوا هطلق طالت أو قصرت هتطلقني ڠصب عنك 
ضحك بازدراء منها فاستكملت هي 
بعدين مش احنا كنا متفقين إننا هنطلق 
ده كان قبل ما تاخدي بنتي وتهربي بيها 
وفرق إيه دلوقتي 
انحنى عليها يهمس أمام وجهها تماما في نبرة مثلجة 
مفرقش حاجة بس أنا غيرت رأى ومش هطلق
تلألأت العبارات في عيناها بحړقة وألم من بطش وقسۏة ذلك الظالم لوهلة احست بضعفها أمامه وأن لا يسعها شيء سوى استخدام قواها الضعيفة مقارنة بقوته الجسمانية الضخمة فغارت عليه تلكمه في صدره بشراسة صائحة به في صوت مبحوح وعينان تلمع بالعبارات 
إنت واحد حقېر ومتستهلش إيه حاجة في يوم عملتها عشانك عايز كل حاجة تكون ليك وحدك متملك ومغرور ومش بتتقبل أخطائك إنت أناني ياعدنان بتحب فريدة وفي نفس الوقت عايز جلنار تكون معاك مفكرتش في مرة إيه احساس فريدة أو احساسي أنا عارف ليه عشان إنت مبتفكرش غير في نفسك مش معنى إنها وافقت على إنك تتجوز عليها وإنت فهمتها قد إيه بتحبها يبقى خلاص هي تقبلت الفكرة بصدر رحب لا يمكن يكون في ست تتقبل فكرة إن جوزها يتجوز عليها وأنا رغم إني مش بحبك بس فكرة إني على الرف بتقتلني صدقني احساس الست إنها في خانة الاحتياط
بيوجع أووووي وأنا استحملت الاحساس ده كتير ومش هقدر استحمل اكتر من كدا
استهدفت بكلماتها الهدف لم تخطأ في حرف واحد لكن أخطأت في الوصف بقدر جفاء وحدة الكلمات بقدر ما وصلت لأعمق نقطة من قلبه خرجت هذه الخناجر من فمها بالوقت الخطأ في وقتا كان يحاول هو لملمة شتات نفسه المبعثرة بعد الوساوس التي تنهش عقله نهشا منذ مساء الأمس وهو يفكر بأفعال زوجته المريبة
محاولا إسكات الصوت الوحيد الذي يتردد في ذهنه منذ إيام خېانة خېانة خېانة !! ويرفض حتى مجرد التفكير في فكرة لعينة كهذه جاءت زهرته وواجهته بحقيقته التي يحاول التغافل عنها وزادت من سوء الوضع لكن حتما أن أنانيته تضمر خلفها أحد الأسباب الحقيقية الذي يرغب باحتفاظه بها لنفسه 
تنهد الصعداء بعبث وغمغم أخيرا بنظرة تائهة يؤكد لها تصورها عنه 
عندك حق ولو تمسكي
ببنتي ومراتي بالنسبة ليكي أنانية فأنا معنديش مشكلة في كدا
تطلعت إليه بدهشة من اعترافه الصريح بتمسكه بها وأحست أن لسانها قيد فلم تتمكن من الرد عليه فقط تابعته وهو يبتعد عنها ويتجه إلى الحمام 
يمسك بيده كأس من الڤودكا ويرفعه لفمه فيبتلعه دفعة واحدة ويعود ويملأ الكأس من جديد على الجهة المقابلة له يجلس أحد أصدقائه أمامه يتابعه بعيناه في سكون حتى خرج صوته أخيرا بحنق 
ما كفاية يانادر شرب بقى 
قهقه الآخر بصوت مرتفع وتمتم 
أنا النهاردة في أسعد أيام حياتي الصفقة اللي ليه سنين ابن الشافعي شغال عليها كل يومين وتكون ليا أنا ووقتها هقف اتفرج عليه وهو مقهور على الملايين اللي خسرها 
وإنت واثق في فريدة أوي للدرجة اللي تخليك مطمن إنها متقولش لعدنان حاجة عنك 
ضحك نادرا ساخرا وأجابت بثقة تامة 
مين فريدة !! إنت عبيط يالا تقوله إيه هتقوله إن أنا اللي سړقت الملفات ولا إن هي اللي ساعدتني وادتني مفتاح المكتب ولا بقى هتقوله إنها بټخونه معايا ! متقلقش من فريدة 
هتف صديقه بابتسامة ساخرة 
والله شكلها هي اللي هتجيب اجلك 
تجاهل نادر جملته وهتف بجدية 
قولي عملت إيه مع الرجالة واللي اتفقنا عليه 
رد في هدوء مبتسما بشړ 
يومين بالظبط وتسمع الأخبار 
لاحت ابتسامة جانبية شيطانية على ثغره وهو يلتقط كأس آخر من الڤودكا ويرد بمكر 
وأنا مستني
في بصباح اليوم التالي 
ترجلا من سيارة أجرة أمام مقر المعرض ونزلت سهيلة أولا ثم تبعتها مهرة التي بعد محاولات مرهقة وكثيرة من كل من صديقتها وجدتها وافقت على أن ترتدي بنطال ضيق من اللون الأسود يعلوه كنزة بيضاء قصيرة وفوقها بالطو من اللون الجملي طويل ورفعت شعرها لأعلى ذيل حصان وارتدت حذاءها الرياضي المعتاد 
نظرت لصديقتها أولا قبل أن تتطلع للمعرض وقالت بخنق 
يارب تكوني مبسوطة وأنا مش طايقة اللبس الملزق اللي عليا ده
كانت سهيلة ترتدي رداء طويل من اللون الوردي وتترك الحرية لشعرها وعيناها معلقة على بوابة المعرض من الخارج تتأمل منظره الفخم وقالت تجيب على مهرة بقرف 
ده جزاتنا
أننا عايزين نخليكي بنت إنتي مش شايفة العربيات والأشكال النضيفة اللي داخلة وخارجة دي لازم ناجي متشيكين يابت
مهرة بتأفف 
معلش احنا اللي
أشكال ژبالة اخلصي بقى خلينا نخلص من أم الطلعة المنيلة دي
تحركا باتجاه الباب لكن الحارس اوقفهم يمنع دخولهم قبل رؤية التذاكر الخاصة فأخرجت سهيلة من حقيبتها الكلاسيكية التذاكر ومدتها إلى الحارس الذي التقطها وحدق بالتذاكر ثم بهم لثواني يتحفص هيئتهم التي تختلف عن جميع زوار المعرض اللذين من الطبقة المخملية لكنه أفسح لهم الطريق للعبور وبمجرد عبورهم قبضت مهرة على ذراع سهيلة وقالت بغيظ من نظرات الرجل لهم 
إنتي جبتي التذاكر دي منين يابت مشوفتيش الحارس بيبصلنا إزاي 
سهيلة بعدم مبالاة 
ما يبص براحته خليكي فريش يامهرة احنا جايين نتفرج بعدين عيب تسأليني سؤال زي دي صحبتك مش سهلة برضوا
لم تتجادل معها كثيرا فهي ليست في مزاج للنقاش سترافقها فقط وتستمتع كما قالت ثم تعود لمنزلها 
بمجرد دخولهم إلى ساحة المعرض دارت سهيلة بنظرها في جميع الزوايا الممتلئة باللوحات الفخمة والحوائط المطلية بطلاء بني فاتح لامع والأضواء تحيط بكل جزء في المكان وبجانب كل لوحة مصباح داخل الحائط يعكس الضوء على اللوحة فيظهر جمالها وتفاصيلها أكثر 
بينما مهرة فكانت نظراتها معلقة على الزوار أناس من عالم آخر تماما كالذي يشاهدونهم بالأفلام والمسلسلات الرجال يرتدون حلل سوداء ويتجولون في أرجاء المكان يتفحصون اللوحات نساء مرتدية ملابس تكشف أكثر ما تستر وأحذية الكعب التي في قدم كل امرأة تصدر أصوات مزعجة 
خرج صوتها ساخرا متمتمة 
هو ده افتتاح معرض ولا مصيف !
على الجانب الآخر كان آدم يتجول بين كل الزبائن ويتحدث مع هذا دقيقة ومع ذاك أثنين في وجه بشوش بينما عدنان فكان يقف مع
أحد رجال الأعمال المهمين أمام إحدى اللوحات التي نالت إعجابه وعزم على شرائها ويتحدث معه بقليل من الرسمية حول أمور متنوعة تخص العمل والمعرض
 

25  26  27 

انت في الصفحة 26 من 86 صفحات