الأربعاء 27 نوفمبر 2024

لمن القرار بقلم سهام صادق

انت في الصفحة 46 من 187 صفحات

موقع أيام نيوز


أخيرا أمام البناية وقبل أن تنتبه على وقوفها وتترجل منها كان السائق يفتح لها الباب طالع المشهد الكثير من الأعين المتربصة شكرت السائق بخفوت وأسرعت في دلوف البناية تتجنب تحديق الناس بها وخاصة الرجال ندمت على سوء أخذها إعتبار إنها لم تعد تعيش في تلك المناطق التي لا يهتم فيها الناس ببعضهم 
الأكل يا فتحي

التف فتحي نحو بسمة التي وضعت له صنية الطعام حانقة من تسخينها له للمرة العاشرة طالعها فتحي متهكما بعدما القى بنظرة أخيرة نحو السيارة الفاخمة وهي تغادر حارتهم للتو وقد ترجلت منها تلك الجارة الدخيلة على حارتهم 
حتت عربية أما إيه بصحيح الواحد إمتى يطلع على وش الدنيا ويتنغنغ 
وابتلع لقمته والأحلام تراود مخيلته الطامعة

قطبت بسمة جبينها متسائلة بعدما غمست لقمتها في الطبق
عربية إيه اللي كانت في حارتنا يا فتحي 
تأوهت بخفوت بعدما لطمھا فتحي على يدها الممدودة نحو طبق الطعام 
إيه مش فالحه غير ليل نهار تاكلي مش بتشبعي 
ابتلعت غصتها مع تلك اللقمة التي استقرت في جوفها بمرارة نهضت من أمامه فرمقها غير عابئ بها 
اعمليلي كوباية شاي بدل ما انتي واقفه بصالي في اللقمة كدة 
طالعته بمقت ولكن تلك النظرة التي طالما أرعبتها جعلتها تتراجع فجسدها لم يعد يتحمل ضرباته اتجهت نحو المطبخ تصنع له كوب الشاي تتمنى داخلها أن يكون أخر كوب يرتشفه من الدنيا ثم رفعت يديها داعية الله أن يخلصها 
يارب يجيلي ابن الحلال اللي يخلصني منك يا فتحي
بسمة بسمة 
انبسطت ملامح بسمة واتجهت بعينيها نحو شباك المطبخ
أنتي رجعتي امتى يا ملك 
وسرعان ما تذكرت حديث فتحي عن تلك السيارة الفارهة فتلاعبت بحاجبيها 
هي العربية الفاخمة اللي كانت في حارتنا كنتي انتي اللي فيها 
لصقت ملك جسدها بجدار الشرفة المطله على مطبخ بسمة مازحة
هو أنتوا الخبر بينتشر عندكم بالسرعة ديه 
التوت شفتي بسمة إستنكارا تستند بذراعيها على النافذة الضيقة 
ما أنتي سايبه العز وجاية تعيشي هنا ده الواحده مننا حلم حياتها تمشي من الحارة الفقر ديه 
وأردفت بمقت من تأخر ابن الحلال الذي تنتظره منذ أن كانت في سن الخامسة عشر 
أمتي يجي ابن الحلال ويخلصني من الحارة ديه 
لم تتحمل ملك سماع المزيد فاڼفجرت ضاحكة وقد صدحت ضحكتها بالارجاء ولكن سرعان ما تجمدت ملامحها بعدما استمعت لصوت فتحي 
هروح اعمل الشاي لفتحي بدل ما يجي ويعلقني
ونظرت خلفها خشية من قدومه 
هحاول اتسحب واجيلك اعمليلي من العصير الحلو اللي بتعملي 
________________________________________
الشباك وتهرول في صنع كوب الشاي 
اتسعت ابتسامة ملك ثم عادت تضحك دون توقف وهيئة بسمة المذعورة لا تترك مخيلتها 
التقطت هاتفها دون أن تنظر نحو رقم المتصل بعدما شرع في الرنين 
رفرف قلبه وهو يستمع لنبرة صوتها السعيدة وبصعوبة هتف بعدما علم إنها أنتبهت أنه من يهاتفها 
وصلتي 
أطلقت تنهيدة قوية ووضعت بيدها فوق دقات قلبها المتسارعه
بكرة هجيلهم وهفضل اجيلهم لحد ما تقتنع وتعرف إنهم محتاجني
عشان أربيهم وأرعاهم 
تصبحي على خير يا ملك 
أنهى المكالمة بعدما أدرك أن الحديث سيأخدهم لمنعطف مسدود نظرت نحو هاتفها بعدما أغلق الخط بوجهها فاسرعت في دق رقمه 
أنت ازاي تقفل المكالمه في وشي 
اتنفسي براحه يا ملك
و رسلان أصبح يعرف معنى المراوغة بجدارة التقطت أنفاسها بصعوبة وأخذت تهدأ رويدا رويدا 
انا عايزة ولاد اختي يا رسلان أنت شايف اتعلقوا بيا ازاي في أيام قليلة 
انتظرت جوابة الذي طال ولولا صوت أنفاسه لكانت ظنت إنه أغلق المكالمة للمرة الثانية أبعدت الهاتف عن أذنها فقد مرت دقيقة وهي تنتظر سماع جوابه وقبل ان تهتف باسمه كان يعطيها الاجابه 
و أنا مش هضيع ولادي يا ملك ولا هضيعك انتي كمان الصبر واتعلمته كويس و رسلان القديم خلاص إنتهى رسلان الجديد مبقاش يعرف يعني إيه تضحية عشان يراضي اللي حواليه 
وها هي المكالمة يغلقها دون أن ينتظر سماعها تجمدت عينيها نحو الهاتف وعباراته تتردد في أذنيها
ثواني وكان الهاتف يعلن عن وصول رساله وتلك الرساله كانت مجموعة من الصور تجمعهما وصورة وراء صورة كانت تذكرها بالذكريات القديمة ودون شعور منها كانت تقرب وجهه إليها تتأمل ملامحه وقلبها يعود ليخفق يخفق پجنون يذكرها أن هذا الرجل هو حبها القديم هو حلمها الذي سرق منها سرقته ناهد لتجعله زوج لأبنتها رسمت لشقيقتها الخطة ببراعة وشقيقتها سارت عليها تعمقت في النظر إليه وحديث ناهد الأخير عاد يخترق أذنيها 
رسلان حافظ على سر مها رسلان لم يترك صغيريه إلا لأنه كان مجروح كما جرحت هي فتركت لهم عالمهم ووافقت على عرض السيدة فاطمة وتزوجت من جسار 
انتبهت على تلك الطرقات الخافته ولم تكن إلا بسمة أسرعت بسمة في الدلوف بعدما فتحت لها الباب 
كنت هتقفش يا ملك ده انا ما صدقت فتحي اتكيف ومبقاش حاسس بحاجة ملك مالك واقفه كده ليه 
اردفت بسمة متسائلة بعدما أدركت أن ملك لم تكن معها اقتربت منها تنظر نحو الهاتف فوقعت عينيها على صورة ذلك الوسيم الذي تعرفه 
دكتور رسلان توم كروز في شبابه 
بهيام كانت بسمة تطالع الصورة وتقلب شفتيها مقتا
ده لو البنات في المصنع معايا شافوا هيضربه عبده المقشف بالجذمة القديمة 
واستطردت متسائلة 
ملك انتي سمعاني
انتبهت ملك اخيرا وقد نالت الذكريات منها وأخذتها لأيام ظنت إنها أنساها لها الزمن
على فكرة الراجل ده بيحبك اوي يا ملك
تعلقت عينين ملك بها فسارت بسمة نحو الأريكة تجلس عليها وتستطرد بحديثها
لما عمي عبدالله جيه يعيش هنا وسطنا كان بيزوره يوميا سمعتهم مره كانوا بيتكلموا عنك وعمي عبدالله كان بيترجاه ميسيبكيش ولا يتخلى عن مها
واردفت بمقت

وڠضب وهي تتذكر تلك السيدة التي كانت سبب في كل ما حدث وقد علمت عنها عندما التقطت أذنيها بعض من حديثهم الذي أصبحت تفهمه اليوم بعد مرور هذه السنوات 
الست ديه هي السبب لو مكانتش حربت حبكم و دورت على سعادة بنتها وبس لكنها ست أنانيه وبنتها كمان زيها أنتي طيبه اوي يا ملك رغم كل اللي حصلك منهم رجعتي عشان ولادها تربيهم
مها مكنتش وحشه يا بسمة ناهد على السبب
هتفت بها ملك واسبلت اهدابها تخفي دموعها
عارفه يا ملك لو كنتي بتحبي جسار كان جوازكم تم مافيش ست وراجل بيكون بينهم مشاعر ويقدروا يقاوموا غريزتهم
علقت عينين ملك بها ف الحديث لا يخرج إلا من إمرأة ناضجة ذات تجربة وليست فتاة في العشرين من عمرها هي التي أتمت الثامنة والعشرين لا تعرف تلك المشاعر التي تقود نحو الرغبة
لا اوعي تفهميني غلط
لفظت بسمة عبارتها وقد توردت وجنتيها خجلا من نظرات ملك الفاحصة
يقطعهم البنات معايا في المصنع مش وراهم حكاوي غير كده بقى عندي خبرة اد كده
ومدت يديها حتى تصف لها مقدار خبرتها وكالعادة عندما تشعر بالحنق من أمر ما تقلب شفتيها لاسفل 
وابن الحلال مش راضي يجي وسايب فتحي يبيع ويشتري فيا بس هو اللي خسران 
والحديث مع بسمه كان يأخد منعطف أخر منعطف يتقافز معه القلب من شدة الضحكات 
فتحت عينيها بعدما شعرت بشئ غريب يسير فوق وجنتها ابتسم وهو يراها كيف تحدق به وكأنها لا تستوعب الأمر ردة فعلها كان يتوقعها مما جعله يتقبلها بصدر رحب فالطريق مازال طويلا بينهم
أنت بتعمل إيه هنا 
وبهدوء كان يسحب حاله من فوق فراشها يضبط من وضع ساعته
عندك محاضرة بعد ساعة ونص واظن مافيش وقت قدامك
التقطت هاتفها تطالع الوقت فانتفضت من فوق الفراش وانتصبت على قدميها تنظر نحوه پغضب
عدي من الساعة عشر دقايق واخرتيني على إجتماعي
طالعته بذهول فمن هذا الرجل الذي أمامها اليوم
عدي خمس دقايق
تركته مندفعة نحو المرحاض تطالع هيئتها في المرآة تلتقط أنفاسها غادرت الغرفة بعد نصف ساعة ولم يعد أمامها أي وقت إضافي حتى تتدلل في خطواتها ركضت نحو باب الشقة دون أن تهتم بشئ أخر فعقلها هذه اللحظة مع تلك المحاضرة وذلك المحاضر الذي لا يستطيع أحد الدلوف بعده 
رايحه فين قبل ما تفطري
توقفت في مكانها واستدارت نحوه
رايحه الجامعه ومتأخرة يا سليم باشا ومش عايزة افطر 
حاول تجاوز نبرتها المتهكمه واندفع صوبها الټفت تكمل سيرها ولكنه كان أسرع منها فالتقط ذراعها 
ظنته سيمارس عليها سطوته كما كان يفعل بها حسن قديما وكما فعل هو تلك الليله وكما فعل الكثير منهم 
مش هتمشي غير لما تفطري وبعدين انا هوصلك يا فتون
نفضت ذراعها عنه ترمقه بنظرة خاليه من أي شئ
شكرا وفر حنانك لحد تاني مش الخدامين ولاد الفلاحين 
تجمدت عينيه ولكن سرعان ما استرخت ملامحه مجددا
قولت هتفطري يعني هتفطري مش معقول اكون محضرلك الفطار بنفسي وترفضي ده وبما اني راجل مش معطاء ومستغل فاعرفي الفرصة مش هتكرر تاني 
وكأنه فتح لها الطريق حتى تجد ما تصنعه في خيالها فتثبت لقلبها كم هو رجل مخادع وإذا ارتجف ودق في وجوده سيكون خائڼ ضعيف 
عارفه دوري بعد كده مع سليم بيه النجار هكون خدامه 
اجلسها عنوة فوق المقعد فطالعت الطاولة المعدة وكأن أحدهم أعدها وليس سليم النجار الذي إعتاد أن يخدمه الجميع 
دورك إنك مراتي وملكة في بيتك يا فتون 
نفضت يده الممدودة إليها فسقطت الشوكة من يده 
قولت مش عايزة منك حاجة مش عايزة حاجة منك أنت بالذات 
وبسلاسة كان يجيبها 
فاضل على المحاضرة
________________________________________
نص ساعة يا فتون 
تجمدت عينيها نحوه الطبق واسرعت في النهوض 
لو مستنتيش عشان اوصلك مش هتوصلي في الميعاد خالص غير دكتور تامر هيطردك 
فتحت باب الشقة دون أن تعبأ بهتافه وكم كان حانقا من تصرفها عقله يهتف به بأن لا يتهاون ولكن قلبه يطالبه بالصبر فهو من جعلها كارهة له فهو من إستغل والدها هو من وضع قانون صك ملكيته وهو من أرادها 
من حسن حظه لم تجد سيارة أجرة ومن سوء حظها ندمت لرفضها عرضه رأته وهو يصعد سيارته فاشاحت عينيها عنه 
فوقف بسيارته أمامها 
فتون اركبي وبطلي عند مصلحتك دلوقتي تروحي محاضرتك بدل ما انتي مضيعه اغلب المحاضرات وديما مطرودة منها 
صعدت حانقة فابتسم ولكن سرعان ما اخفاها حتى لا يزداد حنقها
هتعملي إيه بعد الكلية 
لم تجيب عليه فعاد يكرر سؤاله ولكنها ظلت صامتة تخبر حالها لا بد أن تحارب ذلك الرجل وتثأر لحالها 
دلفت المحاضرة متأخرة كالمعتاد ولكن تلك المرة لم
تطرد منها فالدكتور تامر أخبرهم اليوم أن لا أحد سيطرد من تلك المحاضرة لأهميتها ولكن بعد إنتهاء المحاضرة وإستدعاء دكتور تامر لها جعلها تعلم أن عدم طردها اليوم كان وراءه سليم النجار فدكتور تامر صديق للعائله والكثير

من الشكر والمدح في عائلة النجار وخاصة سليم وكم يعتبره اخ صغير له 
غادرت مكتب الدكتور تامر وسارت دون هدف فانتبهت على صوت أحمس ثم اقترب منها يسألها بلهفة وقلق 
انتي كويسه يا فتون حقيقي من امبارح قلقان عليكي من ساعة اللي حصل وأنا مصډوم مش ده نفس الراجل اللي شوفته في المطعم 
واستطرد في حديثه وهو يسير جوارها 
أنتي كنتي تعرفيه مش كده يا فتون 
لفظت
 

45  46  47 

انت في الصفحة 46 من 187 صفحات