رواية ضروب العشق بقلم ندى محمود توفيق )
اتجه نحو غرفتها وحاول فتح الباب ولكنه أبى ولم يفتح ففهم أنها أغلقته بالمفتاح من الداخل ثم أطرق على الباب بلطف هاتفا
افتحي ياملاذ
جاءه صوتها الباكي وهي تهتف بتضجر
مش هفتح يازين وممكن تسبني وحدي لو سمحت
قال بلهجة آمرة بها شيء من الرفق
قولت افتحي الباب ياملاذ افتحي يلا !!
وقفت مغلوبة على أمرها وفتحت له بوجه غارق في الدموع ليخرج منديلا من جيبه ويمد يده به إليها وبنظرة دافئة ثم يهمس في هدوء ساحر
جففت دموعها بالمنديل الورقي الذي أعطاه إياه وهتفت بإصرار وحزم
وإنت ادتيني فرصة لما استنزفها وقتها ابقى طلقني
ياريتك تمسكتي بالفرصة الأولى زي كدا وحافظتي عليها على الأقل مكنش ده هيبقى وضعنها
كانت تتحدث بثقة مفرطة وهي تخبره بأنها كما نجحت في تطهير قلبها من هذا الحب الخبيث المدنس ستنجح في استعادة ثقته بها وستتمكن من إزالة العوائق التي تحجب ضوء الشمس عنهم أما هو فقد دوت كلماتها الأخيرة في أذنيه التي ارسلت كلامها لعقله والذي بدوره قام بإفراز هرمون السعادة المسئول عن تحسين الحالة المزاجية فكان هو على وشك أن تنطلق منه ابتسامة عاشقة لهذا الكلام الذي بإمكانه أن يترك أثر إيجابي في نفس ورجولة أي رجل ولكنه كبح تلك الابتسامة بصعوبة وتكلف الجمود ولف ذراعه حول كتفيها طالبا منها السير معه حتى الحمام ثم فتح الباب لها وقال بنبرة عادية
اماءت رأسها بالإيجاب ثم دخلت وأغلقت الباب عليها بهدوء وشرعت في غسل وجهها والوضوء لأداء فرضها وهي تجاهد في كبت دموعها من الانهمار مرة أخرى !
مع صباح يوم جديد كانت ملاذ تقف
أمام مرآة غرفتها تستعد للذهاب لزيارة أهلها بعد أن طلبت منه الأذن ووافق وقال أنه سينتظرها ليأخذها معه في طريقه ثم يتجه هو لعمله بعد ذلك
تكن تود أن تكشف عنه الآن وكانت تخطط لشيء آخر لتكشف له المفاجأة ولكن بعد ما قاله لها
البارحة وشكوكه بها أنها لم تذهب لشراء بعض الأشياء الخاصة بها كما قالت وأنها ذهبت لمقابلة خطيبها السابق أثارت في نفسها الآم عڼيفة وجعلتها تتخذ قرار حتمي بأن ترتديه اليوم وتثبت له صحة كلامها لعلها تستعيد ولو جزء صغير من ثقته بها
الخارجي فشعرت ولأول مرة أنها راضية عن نفسها وعن مظهرها رأت نفسها في هذه الملابس المحتشمة وهذا النقاب الذي يخفي وجهها أجمل من أي شيء ارتدته سابقا فأخذت نفسا عنيقا واخرجته زفيرا حارا تستعد لمواجهته وترتب الكلمات التي ستقولها له فاستجمعت شجاعتها وثقتها بنفسها ثم خرجت من الغرفة واتجهت نحوه فوجدته جالس على أريكة متوسطة الحجم أمام التلفاز المغلق ويويلها ظهره وفي سبابة يده اليمنى مسبحة رقمية من اللون الأسود كلما يذكر الله يضغط على زرها فتقوم هي بالتسجيل والعد ازدردت ريقها بتوتر وهمست في صوت رقيق
الټفت لها برأسه فلجمت الدهشة لسانه وتفحص مظهرها وملابسها بتدقيق ثم ثبت نظره على وجهه يحدجها بشيء من الذهول الممتزج بالإعجاب واستغرق الأمر ثلاث ثوان بضبط حتى هب واقفا وقال باستغراب متفهما عن سبب ارتدائها له فجأة هكذا
إيه ده !!!
رفعته لأعلى لتظهر عن وجهها ثم تقترب منه بثقة
تامة لا تعرف من أين جاءت بها وتهمس بصوت انوثي جذاب
أنا اتفقت معاك من قبل الجواز إني هلبسه بإذن الله لما أكون واثقة من قراري ودلوقتي ده انسب وقت عشان اثبتلك إني مش عايزة أي راجل غيرك يشوفني !!
الفصل الثالث عشر
رفعته لأعلى لتظهر عن وجهها ثم تقترب منه بثقة تامة لا تعرف من أين جاءت بها وتهمس بصوت انوثي جذاب
أنا اتفقت معاك من قبل الجواز إني هلبسه بإذن الله لما أكون واثقة من قراري ودلوقتي ده انسب وقت عشان اثبتلك إني مش عايزة أي راجل غيرك يشوفني !!
هيمن عليه الصمت للحظات بعد ما قالته فقد دفنت أي شيء كان من الممكن أن يقوله بعد أخر جملة تفوهت بها ولم يجد شيء ليقوله سوى تهنئتها حيث غمغم بابتسامة
مبروك ياملاذ ربنا يثبتك
ثم هم بالاستدارة ليذهب فقبضت هي على ذراعه واردفت بتعجب
بس !!
بس إيه !
قالها في ريبة حقيقية لتكمل هي بخيبة أمل
اقصد مبروك بس ! يعني مش هتقول حاجة تاني !
عاد يستدير بكامل جسده لها ويضيق عيناه متشدقا ببرود وجفاء
المفروض أقول إيه مثلا أكتر من كدا !
زمت شفتيها بيأس وقالت في قسمات وجه واضح عليها العبوس
أنا توقعت إنك هتفرح لأنك كنت متحمس جدا ومبسوط جدا بالفكرة لما قولتلك عليها بعد كتب الكتاب
ابتسم بازدراء وهمس بكلمات جعلتها تتأكد بأن جميع جهودها معه لم تجدي بنفع
وانتي قولتي اهو بعد كتب الكتاب يعني قبل ماتحصل أي حاجة بينا دلوقتي إنتي متعنيش ليا بحاجة ياملاذ
شعرت بأن غدتها القنوية ستبدأ في افراز دموعها فقد اوشكت على فقدان الأمل في أن تعود العلاقة بينهم كما كانت ويعود هو لطبيعته الحانية والجميلة التي لم تشهدها سوى لمرات قليلة ولوهلة شعرت الآن أنها تشتاق لرؤية حبه لها ومعاملته التي شبه بمعاملة الملوك لزوجاتهم خرج صوتها مبحوحا بنظرات منكسرة
زين إنت بجد بقيت تكرهني !
اصدر تنهيدة حارة وقال متهربا من الأجابة على هذا السؤال الذي لا يستطيع الأجابة عليه ب لا فبرغم كل ما حدث بينهم مازالت تستحوذ على جزء كبير منه
أنا بقول إن يلا بينا عشان اتأخرت على الشركة انا هسبقك على تحت وهستناكي في العربية وإنتي تعالي ورايا
ظلت مكانها تتابعه وهو يغادر المنزل ثم انزلت النقاب على وجهها مجددا واخذت حقيبة يدها ولحقت به
لتستقل بجواره في السيارة دون أن تنظر له مستغلة فرصة تغطيه وجهها لتترك العنان لدموعها من أسفله أما هو فكان ېختلس نظرات سريعة لها من آن لآن فلا ينكر سعادته حين رآها ترتديه وبالأخص حين سمع جملتها بأنها لا تريد رجل سواه يراها والآن هو يواجه صراع بين رغبة قلبه وحكمة عقله التي ترفض
الخنوع لها ويقتنع أن التي قامت بخداعه مرة بإمكانها أن تفعلها مجددا !!
داخل منزل محمد العمايري
ينظر لصحن الطعام الذي أمامه بصمت ويحرك المعلقة يمينا ويسارا فيه دون أن يرفعها لفمه مطلقا يفكر فيما قالته أمه له فقد كان جزء من كلامها صحيح والجزء الآخر يستحيل حدوثه هي لديها الحق عندما قالت إلى متى سيظل يحاول حمايتها ويرعاها هكذا وإلى متى ستبقى معهم في المنزل ولكن حلها للمشكلة بزواجه منها لا يمكن بل مستحيل ولا يستطيع أن يوهب قلبه لامرأة سوى زوجته التي تمثل مانع وحاجز بينه وبين أي امرأة أخرى فلقد نجحت في أن تعميه عن النساء اجمعهم في حضورها وحتى بعد مماتها !
انضمت لطعامه أمه التي جلست على مقعد في آخر الطاولة وبدأت في تناول طعامها دون أن تنظر له أو حتى تلقى عليه تحية الصباح فزفر هو بخنق وتمتم مبتسما بلطف
صباح الخير !
ردت عليه في اقتضاب متصنع حتى توهمه بأنها بالفعل غاضبة منه ولن ترضى عنه إلا حين ينفذ ما تريد
صباح النور
نهض من
مقعده واقترب ليجلس على المقعد المجاور لها ثم امسك بكفها وقبل ظاهره بحنو متمتما في اعتذار صادق
أنا آسف سامحيني اتعصبت عليكي امبارح ڠصب عني والله واوعدك لو إنتي مضايقة من وجود شفق هنا هشوف حل في أقرب وقت
سحبت يدها من بين يديه وهتفت في إصرار وقسۏة وهي تكمل تناول طعامها
وأنا قولتلك الحل ياكرم ومعنديش غيره وهنفذ اللي قولتهولك فعلا لو متجوزتهاش
استغفر ربه وهو يزفر بنفاذ صبر ويتمتم متوسلا إياه برقة
يا ماما ابوس إيدك بلاش اللي بتعمليه ده إنتي عارفة إني مقدرش ازعلك مني وفي نفس الوقت مقدرش أعمل اللي بتقوليه ده متجبرنيش اختار بين حاجتين أنا مقدرش أعمل ولا واحدة فيهم
نظرت له واغلقت على قلبها بالمفتاح حتى لا يدخله بنظراته وكلامه ويضعف من موقفها وليخرج صوتها قاسېا لا يحمل رحمة
لازم تضحي بحاجة وشوف بقى إنت هتضحي بإيه
قال شبه غاضبا دون أن يرفع صوته
دي مفيهاش اختيار ولا تضحية إنتي كأنك بتطلبي مني ادمر حياة البنت أنا لو عملت اللي بتقوليه هبقى بظلمها وأنا مش هقبل بكدا لإني عارف إني مش هقدر انسى اروى ولا أحبها
هتحبها وابقى افتكر اللحظة دي لما تتجوزها ويحصل اللي بقولك عليه
هو رأسه نافيا بعدم حيلة عندما أدرك استحالة الحديث معها ومحاولة اقناعها بأن تتوقف عن ما تفعله فهتف محاولا تغيير مجري الحديث حتى لا يفقد زمام نفسه
فين رفيف
معاها محاضرة مهمة طلعت من الصبح بدري وبعد ما تخلص هتروح على الشركة
وشفق !
هنا التزمت الصمت للحظات قصيرة ثم التقطت قطعة خيار والقتها في فمها متمتمة في برود وهدوء تام
مشيت الصبح صمتت إنها تمشي وأنا مقدرتش امنعها أصل همنعها بأي حق وهي بنفسها قالت إنها مش مرتاحة هنا يعني رأيها من رأي في موضوع إنها مينفعش تقعد
هتف غير مستوعبا ما قالته وفي شيء من الصدمة
مشيت إزاي يعني !! وليه مصحتنيش ! وإزاي تسبيها تمشي بالسهولة دي !!
هعملها إيه يعني هربطها في السرير مثلا !
هب واقفا وهو يتأفف بأنفاس ملتهبة فلقد نجحت الظروف في إخراج جانبه السيء ورغم كل هذا لازال ينجح في السيطرة على جموحه أمام أمه حيث هتف بهدوء مزيف
وراحت فين !
هزت كتفيها لأعلى بمعني لا أعرف ليخرج هو هاتفه ويتصل عليها فيجد هاتفها خارج نطاق الخدمة ليلقى نظرة معاتبة على أمه قبل أن يندفع لخارج المنزل ظنا منه أنه عندما يذهب لمنزلها سيجدها فيه !!
مرت ساعة منذ استيقاظه وهو يجلس أمام التلفاز ولم يسمع لها صوت فليس من العادة أن يستيقظ ويجدها مازالت نائمة مما أثارت شكوك القلق بداخله فهب
واقفا واتجه نحو غرفتها ثم فتح الباب ببطء هاتفا مناديا عليها بصوت عادي
يسر !!
فسمع صوت رذاذ المياه في الحمام ليدرك أنها استيقظت وتأخذ حمامها الصباحي ولكن فضوله دفعه للدخول وتفحص غرفتها واشيائها والقى نظرة شاملة وعامة أولا
على الغرفة متفحصا جميع أجزائها