رواية ضروب العشق بقلم ندى محمود توفيق )
جبهته ووجنته لتجد حرارته مرتفعة جدا فتخرج فورا لتجلب دواء للانفلونزا وملأت كوب ماء ثم عادت له وهمست في رفق وهي تهزه بلطف حتى يستيقظ
زين زين قوم خد البرشام ده
فتح عيناه بصعوبة واعتدل نصف اعتدالة في نومته حتى يتمكن من شرب الماء وأخذ الدواء ثم عاد وتدثر مجددا بالغطاء مغمغضا عيناه التي لا يقوي على فتحهما من ارتفاع حرارة جسده بينما
اطلعي ياملاذ وسبيني أنا هنام وهصحى الصبح كويس إن شاء الله
هتفت برفض قاطع وشيء من الڠضب
لا مش هسيبك إنت مش قادر تفتح عينك من التعب
قولتلك اطلعي ملكيش دعوة بيا
امسكت بالمنشفة الصغيرة وعادت تضعها على جبهته مجددا هاتفة في إصرار وحدة
متعاندش معايا لما حرارتك تنزل إن شاء الله هبقى اطلع وأسيبك وممكن تسكت بقى وتسيبني أعملك الكمادات
ليس لديه القدرة لمقاومتها أو الجدال معها فاستسلم لأمره وأغمض عيناه من جديد تاركا إياها تفعل به ما تريد واستمرت لدقائق تضع الكمادات على جبهته حتى هدأت حرارته المرتفعة قليلا فتنهدت هي بارتياح وجعلت تتفرس ملامحه بابتسامة جميلة ومحبة ثم مدت يدها تمررها برقة على شعره الأسود الغزير
سمعته يهمس في صوت خاڤت
اطفي المروحة ياملاذ أنا بردان
مش هينفع اطفيها لازم اشغلها
عشان تجدد الهوا في الأوضة أنا مشغلاها على أقل درجة
فتح عيناه في صباح اليوم التالي بتكاسل وخمول ونظر لها بصمت للحظات وهي نائمة بسكون بجانبه فاعتدل في نومته وانحني
صباح الخير
رد عليها باقتضاب دون أن ينظر لها
صباح النور
اقتربت منه ووقفت بجواره ثم مدت يدها لتتحسس جبهته هاتفة بنعومة
امسك بيدها قبل أن تلمسه وابعدها هاتفا في صلابة
كويس كويس الحمدلله
طالعته بنظرات رجاء أن ينهي عقابه لها فقد بدأت نفسها تتألم من جفائه معها ليخرج صوتها عابسا
هتفضل لغاية إمتي كدا يازين
وضع السكر في كوب الشاي ثم بدأ يقلب بالمعلقة وهو يردف بصوت رجولي أجش
هيفضل حبك لخطيبك حاجز بينا وهيفضل خداعك ليا نقطة سودا في علاقتنا
مبقتش أحبه والله العظيم مبقتش بحبه ليه مش عايز تفهم !! أنا مفيش حياتي حد غيرك ومبقتش بفكر غير فيك وعايزاك تديني فرصة اثبتلك ده واثبتلك إني
مش بفكر فيه نهائي وإني ندمانة على اللي عملته اديني فرصة استعيد ثقتك فيا من جديد
نفسا قويا أخذه وأخرجه زفيرا حارا قبل أن يهتف في غلظة صوت ونظرة ثاقبة كالصقر
طيب هديكي فرصة ولو معرفتيش تستعيدي الثقة دي هيحصل إيه
مفيش لو أنا هصلح كل حاجة عملتها صدقني
امسك بكوب الشاي والقي عليها نظرة قوية قبل أن ينصرف ويتركها تتراقص فرحا من داخلها وتفكر ماذا ستفعل لتتمكن من إعادة المياه لمجاريها فارتفعت لشفتيها ابتسامة مختلطة بمزيج من المشاعر الرومانسية حين تذكرت نومها ليلة أمس وهو بين ذراعيها إحساس داهمها لا تجد الكلمات
لوصفه سوى أنها شعرت بالسلام والراحة النفسية بجواره !!
فتحت الباب ببطء ودخلت حتى توقظه فتجده مازال نائما تنهدت بعمق ثم اقتربت من الفراش وجلست على الحافة بجواره تبتسم بحب لا تعرف سبب تغيره معها منذ آخر شجار بينهم والذي كان من أسبوع كامل لم يكن تغيرا جذريا ولكنه لم يعد يعاملها باحتقار وتقرف بل أصبح عاديا تماما يتحدث بطبيعية مما جعلها تشك بأمره وتتساءل بفضول وحيرة هل خطتها تسير في الطريق الصحيح أم أنه أشفق عليها أم ماذا كانت تسأل نفسها هذا السؤال منذ ثلاث أيام وتخشى أن تسأله فتسمع منه ردا يدخل اليأس لقلبها أو تسمع ما لا تريد سماعه وينفعل فيشب شجار جديد وكانت تفضل عدم معرفتها سبب هذه المعاملة يكفي أنها تسعدها وتعطيها المزيد من الأمل
انحنت نحوه
بتعملي إيه !
ارتدت للخلف فورا في زعر وهتفت بتوتر مع قليل من الخجل
ولا حاجة كنت جاية اصحيك عشان منتأخرش على الشغل
اعتدل وفرك عيناه متمتما بابتسامة مزدردة
وإنتي كدا بتصحيني ولا بتتحرشي بيا وأنا نايم
أشارت إلي نفسها بسبابتها هادرة بدهشة وترفع
أنا !! بيك إنت !! ده على أساس إن إنت ملاك طاهر نازل من السما عشان اتحرش بيك مثلا
أبعدها عن طريقه وهو يقول بضحكة خفيفة
طيب ابعدي
نزل
من الفراش وتوجه للحمام لكي يأخذ حماما صباحي قبل الذهاب للعمل أما هي فقد همست لنفسها في فضول قاټل
لا ما أنا هتحصلي حاجة لو مفهمتش هو بيتعامل معايا كدا ليه !
خرجت وبدأت في وضع طعام الإفطار في الصحون ومن
ثم ترتيبها على الطاولة الأمر الذي استغرق منها ما يقارب العشر دقايق وبعدما انتهت اندفعت نحو غرفتها مجددا حتى تستعجله وفتحت الباب لتجده يلف منشفة على نصفه السفلي وكان سيهم بفكها لولا دخولها الذي اوقفه فاستدارت فورا بجسدها كاملا توليه ظهرها هاتفة بإيجاز
أنا حطيت الفطار يلا عشان ميبردش
ثم خرجت وأغلقت الباب بسرعة وهمت بالرحيل من أمام الباب ولكنها توقفت حين عزمت على أن تحصل منه على إجابة للسؤال الذي تطرحه منذ أيام فانتظرت لدقيقة وطرقت على الباب هاتفة
حسن
اممممم
قالت بترقب لإجابته
خلصت عايزة اقولك حاجة
ادخلي خلصت
فتحت الباب من جديد فوجدته ارتدي بنطاله فقط هل سألته انتهيت أم لا لتقصد البنطال فقط ولكنها لم تركز كثيرا عليه وحاولت أن تثبت نظرها على وجهه فقط ثم اقتربت منه ووقفت بجانبه وتابعته وهو يفتح الخزانة ويلتقط قميصا من اللون الازرق الداكن ويدخل ذراعيه في أذرعته وكان على وشك أن يغلق أزراره ولكن سؤالها جعله ينتبه لها أكثر وينظر لها حيث قالت بوضوح دون أي
مقدمات
إيه سبب تغيرك معايا من ساعة ما اتخانقنا على موضوع الطلاق
اتاها صوته القوي وهو يبتسم ببساطة
أنا متغيرتش بس تقدري تقولي إني لقيت إن شغل القط والفار ده مش هيفيد بحاجة بالعكس هيوجع دماغي أنا والأفضل إني اتعامل معاكي بسلاسة وعادي جدا لغاية ما نتطلق
هذا ما كانت تخشى سماعه ولهذا كانت مترددة في سؤاله وعلى عكس المتوقع منها غمغمت في شيء من السخرية
يعني إنت خلاص قررت إنك هتطلقني
بدأ يزرزر قميصه وهو يقول بمبالاة
إنتي شايفة إننا ينفع نكمل مع بعض !!
قالت بهدوء تام
ومينفعش ليه !
نظر لها وقال ببرود قاسېا وكلمات دخلت في قلبها كالسقم الذي يفتت الأعضاء
عشان احنا مننفعش لبعض وعشان أنا مش قادر أحبك
رفضت الكلمات الخروج ورفض صوتها أن ينطلق من حنجرتها وفقط شعرت بأن دموعها على وشك
التجمع في عيناها وما زاد الأمر سوءا استرساله في الحديث ولكن هذه الأمر ببعض اللين
إنتي مش هتقدري تغصبي حد عشان يحبك يا يسر أنا مش بحبك فعلا بس كمان مش بكرهك أنا بكره تصرفاتك وأفعالك ومش عايز أكرهك فعشان كدا هننصبر لغاية ما تعدي فترة على جوازنا وبعدين هنطلق صدقيني ده أفضل حل لينا احنا الاتنين
لديه الحق في جملة واحدة فقط هي لن تستطيع إجباره على حبها فكل شيء يمكن أن يكون بالإجبار إلا القلب فلا تتمكني من فرض سيطرتك عليه وجعله يخضع لقوانينك ويذعن لك لن تتمكني من جعل القلب يستلطف شخصا أو يكرهه أو يحبه بالإجبار
الآن فقط يمكنها أن تبارك له على الفوز وتتقبل خسارتها النكراء
امتلأت عيناها بالدموع وقالت في انكسار وعجز
موافقة ياحسن
أحاط بكتفيها وتمتم في لطف وحنو مع زرانة وتعقل
من غير زعل يايسر أنا مدرك حبك ليا بس احنا مش لبعض وإنتي أكيد هتنسيني بعدها بفترة وهتلاقي الشخص اللي ينسابك ويحبك إنتي تستاهلي واحد يقدرك ويحبك لكن أنا مش هقدر أكون الشخص ده إنتي محتاجة واحد زيك !
قال جملته الأخير بابتسامة مداعبة لتجيبه بتعجب
زي إزاي يعني !
أكمل بمزيد من المشاكسة حتى يجعلها تبتسم
واحد خبيث زيك عشان تتأقلموا مع بعض لكن أنا طيب وغلبان جمبك وبخاف على نفسي منك أحيانا
ابتسمت بالفعل وأظهرت عن أسنانها البيضاء الناصعة ثم قالت بنبرة عادية تتصنع من خلالها الثبات
طيب خلص لبس وتعالى أنا هستناك برا عشان الأكل
أماء لها بالموافقة لتستدير هي وتنصرف وبمجرد ما خلت بنفسها في الخارج تركت العنان لدموعها تسقطهم في صمت وهي تشعر بتمزق قلبها من الألم والحړقة
يبحث في مكتبه الصغير عن بعض الأوراق الخاصة بالعمل لكي يأخذها معه وبينما هو منشغل بالبحث
عنها دخلت عليه هدى وأغلقت الباب خلفها وهاتفة
رايح الشركة من دلوقتي ياكرم
أهاا إنتي عايزة حاجة ولا إيه !
استغرقت لحظات وهي تجهز الكلمات بذكاء في عقلها حتى تصل لمبتغاها ثم اقتربت منه وهمست في صوت منخفض قليلا
هتعمل إيه مع شفق وأخرة ما تقعد هنا يعني أهو عدي أسبوع وهي ذات نفسها عايزة تمشي
قال يإيجاز وعدم اهتمام وهو لا يزال يبحث في الأدراج عن ما يريد
أنا اتكلمت معاها إمبارح ياماما وفهمتها الموضوع
استفزها عدم اكتراثه للأمر فهتفت في حدة ملحوظة في نبرتها
مينفعش تقعد هنا كتير ياكرم وهي مهما كان فهي غريبة عننا ومش من عيلتنا وملاذ ويسر لما بياجوا هما وإخواتك بحسهم بيضايقوا وبذات يسر ده غير إن جدتك كمان أسبوع ولا حاجة وهتاجي وهتعوز تخلي حسن وزين ياجوا ياخدوا يومين معانا هنا وعيب تقعد وسطيكم وهي غريبة عنكم كلكم
عثر على الأوراق أخيرا ثم القاها على سطح المكتب وهو يجيبها بفتور وشيء من الانفعال البسيط
وأنا أعمل إيه بس أسيبها في بيتهم وحدها ويحصل معاها
زي ما حصل لما جبتها أنا تعبت والله كل حاجة بتضغط عليا !! لو عندك حل وهيخليها في آمان قوليه وريحيني
ابتسمت بمكر وقالت مباشرة دون أي مقدمات
اتجوزها
الجمته الكلمة في أرضه وجعلته يحدق بأمه في دهشة ولا يستوعب ما اخترق سمعه للتو وسرعان ما ضحك ساخرا دون أن يتحدث ويسمع استرسالها في الحديث وهي تقول بحكمة
ده الحل الأمثل إنت هتفضل تحميها كدا لغاية امتي لكن لما تتجوزها هتبقى تحت عينك وهتكون برضوا نفذت وصيت سيف الله يرحمه وهتخلي اخته في كنفك وجمبك علطول وفي حمايتك
استمر في ضحكه المندهش وهمهم في ازدراء
أنا مش مصدقك والله ولا مستوعب اللي بتقوليه
رسمت محل ابتسامتها قسمات الحزم والاستياء البسيط وقالت في شيء من الجفاء
مش مستوعب ليه !! إنت