رواية عزلاء أمام سطوة ماله بقلم مريم غريب
أقولك بالود و المعروف كده قدامك يومين مافيش غيرهم تلمي عزالك و تاخدي إخواتك و تدورولكوا علي سكن تاني
سمر بجزع
ليه بس كده يا عم صابر إحنا مش مقصرين معاك انت بالذات و بندفعلك الإيجار أول بأول !
يا ستي الله الغني عن الكام ملطوش اللي بيطلعولي منكوا و إن كان علي آجرة الشهر ده أنا مسامح فيها الله الغني بس تمشوا من هنا
تقلص وجه سمر و هي تتسائل بإنكسار
طب بس نمشي نروح فين ده بيتنا طول عمرنا ماطلعناش منه أبدا و مانعرفش مطرح تاني نروحله
و الله مش مشكلتي يا أنسة دبروا حالكوا أنا السكان إبتدوا يطفشوا من البيت بسببكوا ديك النهار البشمهندس علاء اللي جمبكوا جه رمالي مفتاح الشقة و مشي الراجل ماكنش عارف ينام من صوت الأمورة اللي علي ايدك دي كل يوم بتصحيه من احلاها نومة
طب بس هعملها ايه يا عم صابر ما أنت عارف إنها عيانة من يوم ما إتولدت و مش بإيدي إللي هي فيه
أجابها صابر بإسلوبه الفظ
يا ستي ربنا يشفيها و يعافيها بس بعيد عن هنا شوفي أنا عملت بأصلي و جيت نبهتك بالإخلا في ساكن جديد هيجي يشوف الشقة بعد بكره يا ريت تكونوا سيبتوا المطرح قبل ما أجيبه عشان في يوميها لو الراجل جه و إنتوا لسا هنا هلم صبياني و هرميلكوا عفشكوا في الشارع
إنت إزاي بتكلمها كده يا راجل إنت
هتف بها فادي لدي وصوله أمام باب الشقة و أردف پغضب
و بعدين أنا مش نبهت عليك قبل كده ماتهوبش ناحية الشقة و أنا مش موجود إيه إللي جابك أول الشهر لسا بكره و كنت هاجيلك أنا و أديلك الإيجار زي كل مرة
لا يا سيدي مش عايز منكوا حاجة و الله ما عايز أنا عايزكوا تحلوا عني بس و تشوفلكوا مطرح تاني بعيد عني أنا و السكان
نطق فادي بعدائية مفرطة و هو يحاول ضبط نفسه قدر الإمكان حتي لا يضربه
و إنت مابتعرفش تتكلم بآدب يا راجل يا مهزأ إنت
الله يسامحك يا أستاذ فادي و أنا عشان راجل محترم مش هرد عليك ثم أعلن بصوت قاطع
بس من بكره بقي هعلق ورقة علي باب البيت من تحت و هعرض الشقة للإيجار و أول زبون هيجي هسلمه المفتاح
أحمر وجه فادي بصورة خطړة و كاد يهجم عليه إلا أن سمر سارعت بإيقافه و هي تقول ممسكة بساعده
ماشي يا عم صابر إعمل إللي أنت عايزه إحنا هنلم حاجاتنا و هنسيبلك الشقة بكره
إبتسم صابر ببرود و أدار ظهره و ولي تاركا الأشقاء الثلاثة دون صوت
نظرت سمر في إمعان و حنان إلي وجه شقيقتها البرئ فأغرورقت عيناها بالدموع ليلمحها شقيقها و يصيح بعصبية
إنتي بټعيطي ليه دلوقتي ماتعيطيش تحبي أنزل أفرجلك عليه الشارع كله دلوقتي
سمر و هي تمسح دموعها بظهر يدها بسرعة
لأ طبعا إنت إتجننت خلاص يلا إدخل جوا
و شدته معها إلي الداخل ثم سألته لتذهب به عن النقاش حول المشادة الفائتة
أجابها عابسا
و لا حاجة قالولي مش هينفع تستلم الكتب إلا بعد دفع المصاريف
سمر بملامح حزينة و هي تربت علي كتف شقيقها
معلش ليها حل إن شاء الله ماتقلقش
فادي بعصبية
ليها حل إزاي يعني هنضرب الأرض تطلع فلوس إحنا بالشكل ده هنتشرد يا سمر و ملك ھتموت مننا مافيش قدامنا حلول مافيش إلا هو حل واحد بس و إنتي ماعرفتيش تتصرفي
سمر بوهن
يعني كنت عايزني أعمل إيه أنا فضلت وراهم طول الشهور إللي فاتت و ماطلعتش بأي نتيجة مش هيرضوا يصرفولنا المكافأة يا فادي
ليه يعني هو مش بابا كان زيه زي أي موظف في الشركة الهباب دي طب خليهم يعملوها كده و الله لأرفع عليهم قضية و أوديهم في ستين داهية
إبتسمت بمرارة و قالت
إحنا هنروح فين جمب الناس الكبار دول يا فادي مش هنعرف نعمل معاهم حاجة
لأ بقي أنا هعرف و أديني نازل رايحلهم دلوقتي أهو و يا أنا يا هما
و إبتعد خطوتين لتلحق به سمر صائحة
إستني يا فادي إستني !
و قبضت علي كفه و غمغمت بخفوت
خلاص أنا هروح تاني
أدار عينيه قائلا بضيق
هتروحي فين بس إنتي بترجعي زي ما بتروحي مابتعرفيش تتصرفي
جادلته بتصميم
هروح هروح و مش هرجع إلا بنتيجة !
في قصر آل بحيري
يضرب يحيى البحيري الطاولة بيده الغليظة و هو يصيح پغضب شديد
الكلب مابيردش عليا طب بس لما أشوفك يا عثمان الحيوااااان !
و لفظ كلمته الأخيرة و هو ېصرخ بضراوة في هاتفهه فتبادل أفراد الأسرة نظرات متوترة بينما تحركت فريال صوب زوجها و هي تقرل بلطف علها تهدئه
إهدا يا يحيى مش كده يا حبيبي كفاية صحتك إهدا عشان خاطري
يحيى بصياح أشد
ماتقوليش إهدا دي أهدا إزاااي أهدا إزاي بعد ما ورطنا الباشا إبنك مع رشاد الحداد ده راجل لو حب هيقعدنا كلنا في البيت ده إذا عاد لينا بيت بعد عملته السودا
إنت بتبالغ أوي علي فكرة قالت فريال بضيق ثم أكملت مدافعة عن إبنها
و بعدين إنت كنت عايزه يعمل إيه بعد إللي إنت حكيتهولي ليلة إمبارح بنفسك أنا مش شايفة إنه غلطان بالعكس دي أقل حاجة عملها
يحيى بإنفعال
إنتي عايزه تجننيني إنتي كمان هتعومي علي عومه
و هنا تدخل رفعت بهدوء
عثمان غلط يا فريال ماكنش لازم يتصرف بإندفاع كده دلوقتي الجرايد و المجلات مالهمش سيرة
قولها !
هتف يحيى پعنف من شدة حنقه لتنضم إليهم صفية في اللحظة التالية حيث ولجت إلي الصالون الضخم حاملة بين ذراعيها جريدة و هذا الأسد الشبل الذي ترعاه ريثما يشفي من مرضه
صباح الخير يا جماعة !
لم يرد أحد تحيتها إلا عمها و إبنه صالح فقط فتساءلت بهدوء و هي تلوح بالجريدة
هو صحيح إللي مكتوب في الجرايد ده
تطوع صالح بالإجابة عليها عندما لاحظ إشتداد التوتر بالأجواء أكثر عقب سؤالها
أيوه يا صافي صحيح
شهقت پصدمة
طب ليه إيه إللي حصل
يحيى و قد عاود الصړاخ بعصبية مجددا
أنا مش عايز أسمع رغي كتير إخرسوا كلكوا الساعة دي
أدارت صفية عينيها في لامبالاه و قالت
طيب عن إذنكوا
و إنسحبت مغادرة فإنتظر صالح لدقيقة قبل أن يتنحنح و يقول
طيب أنا هروح أدور علي عثمان هشوف يمكن راح علي مكتبه
و إنصرف مسرعا ليلحق بصفية
بينما تكلم رفعت مخاطبا شقيقه بلهجة خفيضة
معلش يا يحيى أنا مضطر أطلع علي باريس الليلة مقدرش أسيب هالة لوحدها هناك أكتر من كده و آاا
قاطعه يحيى بعدم إهتمام
سافر يا رفعت سافر
داخل كراچ القصر
الذي حوى مجموعة سيارات خرافية
همت صفية بركوب سياراتها و لكن أوقفها صوت صالح و هو يركض نحوها
صافي صافي إستني !
تأففت بضيق و وقفت بمكانها إنما لم تلتفت نحوه فإضطر هو أن يدور حول السيارة ليصبح في مواجهتها
إيه يا صافي علي فين من بدري كده سألها بإهتمام بينما نظرت للجهة الأخري و هي تجيبه بجفاف
رايحة أودي عنتر للتطعيم
نظر صالح إلي ذاك الشبل تتناقض مع طبيعته و قال بجزع
أنا بجد مش عارف إيه سر حبك للحيوانات المفترسة أوكيه عارف إنك دكتورة و بتهتمي بالحيوانات كلها بس لسا مش قادر أفهم إشمعنا الأسود تحديدا إللي بتحبيهم أوي كده ! بتحبيهم أوي كده ليه يا صافي
أجابته بإسلوب صارم
بحبهم عشان بيحموني من إللي زيك
إيه ده إيه ده إيه ده ! إنتي بتكلميني كده ليه إنتي زعلانة مني
ردت بحدة
حل عني يا صالح و أوعي من سكتي
تغيرت ملامح وجهه المنفرجة و هو يقول بجدية
لأ ده إنتي زعلانة مني بجد بقي في إيه يا صافي
قالت ماطة الأحرف بتهكم
مش عارف في إيه ! روح إسأل البنات إللي كنت بترقص معاهم إمبارح و هما يقولولك أو روح لفريدة بنت طنط زيزي أحسن دي كانت لازقالك طول الفرح و ماسبتكش إلا علي الأخر
إبتسم صالح بفهم و قال و هو يغمز لها
إنتي بتغيري يا حبيبتي ماتغيريش يا قلبي ده إنتي ستهم كلهم
أنا أغير ! لأ يا حبيبي سبتلك إنت الغيرة
قهقه بخفة و قال
يا صافي يا حبيبتي اطمني و لا واحدة منهم تقدر تملي عيني بدليل إني سيبتهم كلهم و إختارتك إنتي الكل عارف إنك خطيبتي
و إنت عملت حساب لخطيبتك ده إنت مسحت بكرامتي الأرض
هز رأسه نفيا و هم بملامسة وجهها بكفه لتصيح بغلظة
شيل إيدك ياض
جحظت عيناه من الصدمة و قال
ياض ! إيه ياض دي إتعلمتيها فين يا بنت البحيري
إوعي من قدامي يا صالح أحسنلك !
هتفت بصرامة فإستند بمرفقه إلي سيارتها و قال متسليا
و لو ماوعتش يعني هتعملي إيه
هتوعي من قدامي و لا أسيب عليك عنتر
و رفعت الشبل ذا الفراء الذهبي أمام عينيه لينتفض مرتدا إلي الخلف من فوره و هو يقول بسرعة
لا لا لا خلاص خلاص ياستي مع السلامة إنتي و عنتر
نظرت إليه بتكبر و وضعت الشبل في المقعد الخلفي من السيارة ثم إستقلت بدورها أمام المقود و إنطلقت بها مخلفة غبارا طار كله في وجه صالح
في صبيحة ليلة عرسه
يدخل عثمان البحيري شركة عائلته و تبدأ همسات الموظفين عليه و بخاصة الموظفات
فواحدة تقول
شايفين جاي رايق إزاي و لا كأنه طلق عروسته إمبارح !
فردت عليها الأخري
يا تري طلقها ليه و في ليلة الډخلة كمان !
وبختها الثالثة
و دي محتاجة فقاقة يا ذكية أكيد فيها حاجة أومال هيكون عمل كده ليه
تمتمت رابعة
خلاص بقي يا بنات الله أعلم الحقيقة فين ربنا يستر علينا كلنا
إلتقط عثمان حوارهن كله أثناء مروره من جانبهن ليزداد شعوره بالسرور فها هي خطته قد أثمرت و أصبحت القصة كالعلكة في أفواه الجميع و هذا ما أراده أن يفضح زوجته السابقة هي و والدها ليعاقبها علي خيانتها و يرد كرامته أيضا
دخل عثمان إلي مكتبه و طلب سكيرتيرته الخاصة و أمرها بتجميع حاجياته كلها و بفرز الملفات المهمة بالنسبة له ثم كلفها بعد ذلك بإرسال كل هذا إلي مقر شركته الجديدة مع أفراد الأمن و الحراسة
إنصرفت السكيرتيرة بعد تلقي الآوامر بينما رن هاتف عثمان ليتأفف بضجر إذ إنه يعلم جيدا من المتصل
و رغم هذا ضفط زر الإجابة و رد
ألو !
أتاه صوت والده الحانق
إنت فين يا باشا و مابتردش عليا ليه دي عاملة تعملها يا غبي !
عثمان ببرود
إهدا بس يا بابا مافيش حاجة حصلت و بالعكس أنا نفذت كل إللي إتفقنا عليه
يحيى بإستنكار
تبعت البت لأبوها في إنصاص الليالي بفستان الفرح و تكون مصلت الصحافة عليها يستنوها عند بيت أبوها و تقولي عملت إللي إتفقنا عليه إنت فضحتنااا
تخيل عثمان الصورة التي رسمها والده بمخيلته لينفجر ضاحكا و يقول بغبطة
بس إيه رأيك بذمتك مش ضړبة قاضية رشاد الحداد هيلبس طرحة تداريه في مجلس الشعب من هنا و رايح
و تابع ضحكه ليصيح والده بغيظ
إنت يا غبي مش مقدر حجم الکاړثة إللي وقعتنا فيها إنت ودتنا في داهية
أهمل عثمان حديث والده و عبس فجأة حين وصل إلي سمعه أصوات عراك في الخارج
أنهي مكالمته سريعا ثم مشي پغضب صوب الباب و جذب المقبض بقوة صائحا
إيه الدوشة إللي هنا دي
يتبع
_ عرض ! _
توهجت عيناه و هو ينظر إلي سكرتيرته في ڠضب مطالبا إياها بتفسير ذلك الضجيج الغريب لتتلعثم الأخيرة و هي تجيبه بإرتباك
مستر عثمان ! الأنسة دي دخلت عليا فجأة و مصممة أنها تدخل تقابل حضرتك قولتلها ماينفعش لازم تاخدي ميعاد الأول بردو مصرة و مش راضية تفهم
إنتقل عثمان ببصره إلي تلك الضئيلة التي تقف بجانب السكرتيرة بوجه محتقن و أعين حمراء
شملها بنظرة فاحصة حيث عاينها من أعلي إلي أسفل بمنتهي الدقة و الجرأة
إستفزته لأقصي درجة فقد إجتذبه شكل وجهها الصافي المستدير و ملامحها الرقيقة التي تشي بالبراءة رغم تآججها لكنه لم يستطع رؤية المزيد منها بسبب ذلك الوشاح الداكن الذي إرتدته فوق رأسها كحجاب يحظر علي الناظر إليها رؤية شعرها و أيضا تلك الثياب الطويلة الفضفاضة التي منعته من تبين قوامها
أثارت فضوله و غضبه معا فزم شفتيه في شيء من الحنق ثم توجه إليها بصوته الخشن
إنتي مين يا شاطرة
تفاجأت كثيرا من رعونته الواضحة للعيان دون خجل إسلوب لا يتناسب البتة مع مظهره الراقي
لكنها تغاضت عنه و أجابت بثبات
أنا سمر حفظي بنت الأستاذ شريف حفظي والدي الله يرحمه كان موظف عندكوا هنا
أهلا وسهلا رد بفظاظة و أكمل
إنتي بقي جاية عايزة إيه
سمر بحدة
جاية عايزة أقابل المسؤول عن الشركة دي و تحولت بحديثها إلي السكرتيرة
من فضلك تبلغي أي حد مسؤول هنا إني طالبة مقابلة مستعجلة
عثمان رافعا حاجبيه بدهشة
و أنا مش مالي عينك و لا إيه
سمر و هي تعود لترمقه بإزدراء
إنت مين !
و هنا تدخلت السكرتيرة بسرعة قائلة بحرج
مستر عثمان البحيري مدير الشركة و كمان يبقي واحد من أصحابها
أهلا وسهلا قالتها سمر منتهجة نفس إسلوبه السابق معها
حدجها بنظرات ڼارية فأدركت أنها نجحت في إغضابه سرها هذا لكنها قالت بنبرة رسمية حازمة
حضرتك أنا بقالي حوالي شهرين باجي هنا و بحاول أوصل لأي مسؤول أكلمه في حاجة ضرورية تخص شغل بابا بس للأسف كل مرة برجع زي ما باجي مابطلعش بنتيجة فلو أمكن يعني تساعدني إنت يبقي كتر ألف خيرك
رمقها بنظرة خاوية مطولة ثم