الإثنين 25 نوفمبر 2024

رواية جوازة ابريل بقلم نورهان محسن

انت في الصفحة 19 من 54 صفحات

موقع أيام نيوز

زر الرد ووضعت هاتفها على أذنها فأتى إليها صوت مصطفى الدافئ الرخيم حبي .. عاملة ايه!!
ابتسمت أبريل لا إراديا وغمغمت بعذوبة الحمدلله .. وصلت بانكوك بالسلامة !!
أتاها منه تنهيدة خاڤتة قبل أن ينطق بهدوء ايوه وبكلمك من الاوضة في الاوتيل
ردت ابريل بصوتها المتحشرج الرقيق حمدلله علي سلامتك حبيبي
جاءها صوته الطرف الأخر متساءلا بتوجس ابريل انتي كويسة!!
ردت ابريل بالإيجاب اه كويسة
عاود مصطفى يسألها بإصرار امتزج بالشك متأكدة!! صوتك مش حاسو تمام .. صحتك بخير .. في حاجة حصلت عندك ومخبية عليا!
تجهمت ملامحها وظهر الضيق عليها فكان أول ما خطړ ببالها هو ذلك الحدث المحرج في المطعم بالإضافة إلى اتصال أحمد بها لكنها حسمت أمرها مسبقا بعدم إخباره بأي شيء فلم تكن هناك حاجة لذلك وعفويا سعلت بخفة ثم تلفظت أخيرا بكذ ب لا ماتقلقش الدنيا تمام .. كل الحكاية حسيت بشوية تعب بسيط ودلوقتي بقيت تمام
سألها بعد أن شعر بقليل من الارتياح عندما تأكد من أنها لم تعرف شيئا عما يخفيه عنها انتي برده روحتي للمطعم مش كدا!
همهمت ابريل بالإيجاب فقط وهى تمسح فوق شعرها بخفة ليتم الرد بنبرة تأنيب طيب مش انا كنت قولتلك ماتروحيش وهخلصلك كل حاجة
اعترضت أبريل علي كلماته برقة مبررة له ممكن ماتكبرش الموضوع يا مصطفي .. انا ماتعبتش من كدا خالص بالعكس اتبسطت اني روحت .. بس يمكن الحر هو اللي ارهقني شوية
بللت شفتيها بطرف لسانها
ثم غيرت مسار الحديث وهى تسأله بهدوء الجو عندك حلو!!
رد مصطفى عليها بنبرة هادئة يتخللها المرح في منتهي الروعة .. كان نفسي تبقي معايا
أخبرته إبريل بنبرة حماسية مليئة بالمرح أنهتها بحنق زائف وانا كمان .. بس يلا تتعوض في المستقبل القريب ولا هترجع في كلامك !!
رد مصطفى ضاحكا ماقدرش طبعا
غمغمت ابريل بضحكة عفوية ايوه كدا انا بحسب .. هتعمل ايه دلوقتي !
أجاب مصطفى على سؤالها ببساطة هاخد شاور ونازل عندي شغل
تثاءبت إبريل وهى تفرك عينيها برفق وهمهمت بصوت نعاسا طيب هسيبك تخلص شغلك وانا هنام
أتاها صوت مصطفى بقوله الجاد الهاديء لكنه لا يخلو من الحنان روبي!! خدي بالك من صحتك ماتزعلنيش منك
ابتسمت ابريل سعيدة بإهتمامه وقالت بتدلل به لمحة شقاوة خلاص ماشي بقي
ضحك مصطفى بخفة مسترسلا همسه الأجش الحانى كلميني لما تصحي .. قوليلي صحيح امتي بروفا الفستان!
اتسعت ابتسامة ابريل وهى تستمع إلى سؤاله ثم أجابته بحماس بكرا هنزل مع البنات نشتري شوية حاجات و اعمل البروفا الفستان
تفوه مصطفى بنبرة رجولية جذابة تمام .. احلام سعيدة يا حبيبتي
أغلقت المكالمة وعلى وجهها ابتسامة عريضة سرعان ما إنمحت تدريجيا حينما ومض في ذهنها سؤال بعد أن تذكرت حديثها مع ريم كيف تشعر بالإرتياح مع مصطفى فى حين أنها لا تستطيع إخباره بكل ما كانت تفكر فيه أو ما يحدث معها
حركت ابريل رأسها بقوة لطرد تلك الأفكار السلبية من عقلها وحصرت تفكيرها فى أنها سعيدة الآن فقط ثم توجهت إلى الفراش لتجلس فوقه بركبتيها وأمسكت بوسادتين ووضعتهما وراء بعضهما في منتصف السرير ثم استلقت على ظهرها مع رفع رقبتها وكتفيها باستخدام الوسادتين حيث أن النوم بهذا الشكل يجعلها قادرة على مواصلة التنفس بسهولة أثناء نومها.
مددت يدها لإطفاء أنوار المصابيح الكهربائية بجانب السرير ثم سحبت من طرفه قطعة قماش سوداء طويلة ذات ملمس ناعم ومستطيل لترفعها نحو أنفها وعيناها مغمضتين تستنشق رائحة الريحان المنبعثة منه بحنين بالغ هذا ليس مجرد شال بل جانب عميق مرتبط عقليا وروحيا بالذكريات القديمة التي تجمعها مع جدها الراحل وجدتها العزيزة صاحبة هذا الشال ولا تنام في الليل إلا إذا عانقته وتحدثت معهم من خلاله بكل ما يعترى قلبها ثم تنام بسلام.
بقلم نورهان محسن
قرابة الساعة الثانية صباحا
فى أحد الملا هى اللي لية التى لا يزورها سوى كبار رجال الأعمال والشخصيات الهامة.
يجلس باسم أمام المشرب برفقة صديقه كل منهم هائما في أفكاره الخاصة وهذا الصمت لا ينقطع إلا بأصوات الموسيقى الصاخبة في المكان حتى قرر خالد الخروج من هذا السكوت وهو ينظر حوله وهو ينفث السي إلى الأعلي بملل لأنه لا يرتاح فى تلك الأماكن لكنه يعلم أنه إذا لم يأت معه سيزلج نفسه في مشكلة وهو ثم ثم دحرج بصره إليه متسائلا خالد بإرتياب سرحان في ايه .. مابستريحش لسكوتك دا!!
بقي باسم على حاله وهو يمرر إصبعه على
حافة كأسه فوق ال ب. ار ممسكا سي بين أصابع يده الأخرى وبصره شاردا في الفراغ فالټفت شفتا خالد بضجر ثم سأل مرة أخرى بنبرة ذات مغزى بتفكر فيها مش كدا!
امتص باسم رحيقها بجمود ثم سأله ببرود متظاهرا بعدم معرفته دون النظر إليه قصدك مين!
ارتفع حاجب خالد ساخرا لأنه يفهمه أكثر من أي شخص آخر فهو ليس مجرد صديق له أنه صندوقه الأسود هاتفا بثقة اللي جت في بالك .. بس انت اللي مش عايز ترسي نفسك علي بر
أطفأ باسم السي ثم فك الأزرار العلوية من قميصه الأزرق الباهت الذي لا يزال يرتديه ليمسح بكفه على جلد رقبته المتعرق على الرغم من جو المكان المعتدل وأطلقوا تنهيدة ساخنة نابعة من أعماقه المحتدمة ثم همس بشبه هذ يان حاسس اني تايه وتعبان .. زي ما اكون ماشي في طريق طويل ملوش اخر واللي مخوفني اني مش شايف حتي نور بسيط من بعيد يدلني علي السكة
أنهى باسم كلامه موجها عينيه إليه بنظرة خاوية كأنه من الصعب عليه أن يرى حتى في اضاءة المكان أما خالد حك حاجبه بطرف إصبعه ينظر إليه مستفهما ثم سأله بتوجس مش دا يمكن عشان عايز ترجعلها .. بس كرا متك مش سمحالك بكدا!!
خفض باسم بصره نحو الكأس لثوان قليلة ثم رفعه إلى فمه متجرعا إياه دفعة واحدة ليعقد حاجبيه من طعمه اللا ذع ثم أخبره بإستخفاف انت ادري حد عارف ان الموضوع دا عملو بلو ك من مخي
تابع باسم حديثه بتشتت ولمحات من الماضي تمر في ذاكرته بس لفت سنين ورجعتلي تاني من نفس الطريق .. لدرجة انها جابت اهلها وسكنوا في نفس الكومبوند وطبعا الكل انبسط .. ما عيلتنا وعيلتها كانوا اصحاب من زمان .. وكنا متربين مع بعض كانت هي قد اختي كارما وانا اصغر منها بأربع سنين ..
استمع خالد له باهتمام ولم يقاطعه حتى أنهى
كلامه ليقول بأسى مقدر اللي انت حاسس بيه .. بس قولتلك قبل كدا رفضها ليك مكنش معناه ابدا ان النقص كان فيك انت!!
ادار باسم رأسه إلى الجانب يجول بنظراته في الفراغ وعاد ذهنه إلى تلك الذكرى السيئة كما لو كانت بالأمس ثم تنهد ساخرا وهو ينظر إلى كأسه الخالى فلم يعد شيء يجدى معه نفعا ثم همس بنفس الجمود لكنه يشعر بالندم يحتدم في أعماقه الاستخفاف بحبي ليها اللي كان باين اوي في كلامها ليا صدمني .. وخلاني غلطت كتير في حق ناس
اختتم باسم حديثه الغامض برفعه إلى الكأس مشيرا للنادل أن يضع له المزيد فيما رد خالد بخشونة ممزوجة بالاعتراض رغم نظرات الثأثر والشفقة مستوطنة عينيه الخضرواتين اللي مريت بيه يا باسم مش سهل علي اي حد .. بس اللي بتخططلو دا مش هو الحل .. و من غير ماتحس علي نفسك لسه مكمل وعايز تضيف رزان لقايمة الناس اللي غلطت في حقهم من غير ذنب
إلتوي فمه فيما يشبه الابتسامة لكنها كانت مليئة بالحسړة والألم ثم تنهد بعمق خدش حلقه وهو ينظر إليه برماديتيه المتلألئة مثل نجمة في سماء مظلمة بينما يجبر نفسه على كبح دموعه متمتما بحدة مهزوزة سهل تقول كدا .. عشان مستحيل حد يحس بالن للي في صدري غيري مابتطفيش .. وكل السنين مابتعدي بحس بالندم والذنب اكتر
زفر خالد الهواء بقوة فكل واحد منهم يعاني بداخله كثيرا ولا يفصح عنما به إلا قليلا ليعاود النظر إليه بجدية وقال بنبرة هادئة لعله يثنيه عما يفكر به صدقني والله حاسس بكل اللي جواك .. بس ذنبها ايه رزان تدخلها في مشاكلك!
شعر باسم بوخز قوي في منتصف صدره يصاحبه ألم جامح فعض شفته السفلية بشدة وامتلأت عيناه بالدموع التي سقطت على وجنتيه جراء إصرار الذكريات المؤلمة على تماوج في ذهنه فأسرع في مسحهم ولكن كيف ينجو من الڠرق في أمواج الذنب العالية ليسأله بصوت عال بغير وعي وبنبرة مشوشة وكان ذنبو ايه اشرف!!! ذنبه ايه يم بسببي..
إحتسى من الكأ س أمامه مجعدا حاجبيه من الألم ثم أردف بهمس السنين اللي فاتت الكل بيحطولي اعذار..
أضاف باسم ساخرا بكمد من ذلك الۏجع الذي يعتمر قلبه ويكاد يفتك به مثل كتاب مغلق لا غلاف له وممتلئا بالخيبات معلش دا عمره .. كانت حاډثة ومالكش ذنب فيها
الكلمة الأخيرة نطقها بمرارة ماسحا فمه بإبهامه يزيل بقايا الشراب اللا ذع الذي يضاهى إحساسه الداخلي كل ما يعلمه أنه منزوع من الشعور بالحياة وما فيها منذ تلك الحا دثة المشؤ ومة ثم اختفى صوته ولم يستطع الكلام متساقطة دموعه من مقل عينيه معلنة هزيمته وضعفه وعجزه ومدى الذنب الرهيب الذي يحمله على عاتقه سنوات عديدة من عمره ثم استطرد بصعوبة عارف انهم كانوا بيقولو كدا عشان امر من ازمتي .. بس برده مش قادر ابرر
لنفسي .. مش هعرف انسي اني كنت انا السبب في مو .. عشان كنت سايق زي المچنون وبفكر فيها .. بفكر في اللي رفضتني وراحت اتجوزت وسافرت .. بعد ما حسستني اني ماليش قيمة .. مجرد شاب مراهق وتا فه قدام عريسها الناضج والدكتور في الجامعة .. راجعة بعد السنين دي كلها تحاول تقرب مني تاني .. ازاي اغفرلها وانا مش قادر اغفر لنفسي !! كل ما بغمض عيني بشوف الحا دثة قدامي..
تلاشى صوته المبحوح تدريجيا وهو يلهث بقوة وشعر بجفاف شديد في حلقه بسبب الكتلة المستعرة فى طيات صدره من مهاجمة ذكرياته المؤلمة إليه فلا شيء أسوأ من أن يعاد شعور قديم جاهدت طويلا لتجاوزه مم جعله يشعر بالاختناق كلما تلفظ أنفاسه فتنهد خالد متأثرا بكل شيء يسمعه منه لكنه هتف مكررا نفس السؤال الذى يدور فى عقله بجدية بعد كل اللي بتحكيه دا .. لسه شايف الحل عشان تخلص منها تدبس نفسك مع وحدة تانية!
همس باسم بضعف وهذ يان وبالكاد يتحكم في أنفاسه معترفا بخزى عشان خاېف اضعف تاني قدامها .. دي الطريقة الوحيدة اللي فكرت فيها عشان ابعدها عني .. مش بعد
18  19  20 

انت في الصفحة 19 من 54 صفحات