ضروب العشق بقلم ندي محمود توفيق
نظرها لأعلى تتطلع لمبنى الشركة الضخم ثم التفتت له برأسها مغمغمة في استغراب
إنت ليه جايبني الشركة
احتضن كفها الرقيق بين كفه هاتفا في مشاكسة جميلة
قولتلك مفاجأة .. يلا
قاومت الشعور الغريب الذي راودها بمجرد لمسته ليدها وسارت معه ناحية الباب بدون أن تلفظ ببنت شفة فرأت ابتسامة الحراس على الباب الرئيسي بمجرد رؤيته وسارعوا في فتح الباب لهم وقادت هي خطواتها معه للداخل ثم استقلوا بالمصعد الكهربائي ووصلوا للطابق الأخير ومازالت مستمرة في السير معه وهي تتلفت حولها في خوف من الظلام الذي يعم أركان الشركة بأكملها ولا تستطيع حتى رؤية كل شيء بوضوح فغمغمت في نظرات مرتعدة
الخائڤة وإخبارها من خلاله أنه معها فلعنت نفسها بأنها تفوهت بهذه الكلمات ووضعت نفسها في هذا الوضع المحرج وأكملت السير معه بصمت حتى توقفوا أمام باب إحدى الغرف وابتعد هو عنها ثم أخرج المفاتيح الخاصة به من جيبه ووضع المفتاح المخصص لهذا الباب ثم لفه عدة مرات وبعدها انفتح ودخل هو أولا ثم هي خلفه فتلفتت حولها تحاول رؤية أي شيء ولكن الظلام كان أشدة من أن يساعدها على الرؤية وحين لم تشعر به بجوارها تلفتت حولها بارتعاد حتى سكنت روحها المرتعدة لما انفتح الضوء وتجولت بنظرها في أرجاء الغرفة التي هي عبارة عن مكتبة صغيرة جميع حوائطها ممتلئة بالكتب فتحركت هي نحو أحدهم تتلمسها بابتسامة منذهلة ثم استدارت حول نفسها تحدق في كل هذه الكتب بانبهار ولكن صوته الدافىء من خلفها جعلها تلتفت له فورا وتستمع لما يقوله وابتسامتها لا تزال على شفتيها
بتتكلم جد هتبقى عندنا اوضة في البيت زي دي
كان صمته وابتسامته إجابة توكد لها سؤالها فوضعت كفها على فمها تكتم ضحكتها التي انطلقت من فرط سعادتها بما أخبرها به للتو وبعد ثواني تهتف من بين ضحكاتها بعفوية لما تتحدث بها معه من قبل
أجابها مشاكسا بنظرة
اربكتها كثيرا
هعتكف معاكي !
تلاشت ابتسامتها تدريجيا من نظرته وحاولت الفرار منه عن طريق تجولها في جميع أركان الغرفة تتفحص كل الأرفف المقسمة بانتظام إلى قسم يحوي كتب الدين والسيرة النبوية وإلى قسم الفلسفة وعلم النفس وإلى قسم العلوم البيئية المختلفة وغيره كثيرا من الأقسام ولكنها توقفت حين رأت القسم الذي يضم كتب باللغة الإنجليزية فالتفتت له برأسها وقالت باسمة
ضحك بخفة وأردف بخفوت يسرد لها قصة هذه الغرفة
مكنتش بحب آجي الشركة هنا أبدا كان عندي حاولي عشرين سنة وأنا من صغرى بحب الكتب فبابا الله يرحمه عشان يحببني في الشغل وإني آجي هنا عملي المكتبة دي ومن وقتها وأنا مبقتش اتأخر على الشركة يوم واحد ولغاية دلوقتي بخلص الشغل في المكتب وباجي أقعد هنا وأحيانا برجع البيت بعد الفجر بكون ماخد الليل كله هنا ولما بيأذن الفجر بروح اصلي في الجامع وبعدين برجع البيت ومش عايز أصدمك وأقولك إني قريت الكتب دي كلها أكتر من تلات مرات يعني حافظها
طيب والوقت اللي كنت بتقضية في قراية الكتب دي مكنش بيخليك تقصر في فروضك ولا حق ربنا عليك بما إني أعرف إنك ماشاء الله عليك ملتزم في كل حاجة
أصدر تنهيدة حارة ثم اقترب وجلس بجوارها مجيبا بهدوء
لا بالعكس أنا كنت بفضل الوقت اللي باخده هنا وأغلب الساعات اللي بقعدها هنا مش
بكون بقرأ الكتب لا بستغل الوقت لإن زي ما قولتي إنا مش بحب أقصر في حق ربنا عليا وكنت دايما بقرأ القرآن أو بسبح وبقول أذكار يعني أغلب الوقت اللي بقضيه هنا بيكون للعبادة وفي نفس الوقت بخصص وقت محدد للكتب بس عشر
سنين كتار أوي وكافيين جدا إنهم يخلوني أحلص ده كله وأعيد قرايته من أول وجديد حتى لو مكنتش بستغل كل وقت فراغي في القراية كل ما في الموضوع إني برتاح في القعدة هنا جدا
ذلك الرجل كلما تتحدث معه تنكشف شيء في شخصيته يجعلها تتمسك به ويثبت العكس لعقلها الذي ېصرخ بها باستمرار أنها أخطأت حين سمحت لهذه العلاقة بالاستمرار وفي كل مرة يعلو شأنه لديها ويكبر