السبت 30 نوفمبر 2024

مذاق العشق بقلم سارة المصري

انت في الصفحة 37 من 76 صفحات

موقع أيام نيوز


صدره كانت دائما ما تنام على صوت دقات قلبه وكأنها تشدو لها بمشاعره كل ليلة وتستيقظ على صوتها وكأنها تقبله فى بداية كل صباح لتسبق شفتيه التى لم تتخلى عن شغفها بها ابدا... 
اشتاقت لرائحته... لصوته... لكل شىء فيه 
انتظرت قدومه وهى حتى تعلم انه لن يأتى ولكنه أتى .. 
جاء بالفعل بعد منتصف الليل وفتح باب الغرفة فى هدوء وللحظة ظنت نفسها تحلم ... 

فليكن ...فلتتصبر بالحلم حتى تأتيها الحقيقة ...فليكن طيفه نعم الأنس لشوقها الجارف عله يداوي بعضا من حرقتهانت يا يوسف ..دى حقيقة ...انا مش بحلم 
ابتعد عنها فى عڼف وهم ان يذهب الى الملحق الصغير فى جناحه فوقفت امامه قائلة فى لطف 
يوسف وحشتنى اوى ..انا هفضل اعتذرلك طول عمرى لو عاوز ...اوعى تبعد عنى تانى 
رمقها بنظرة لم تفهم لها معنا وحين همت ان تذهب خلفه أوقفها فى صرامة 
ما تجيش ورايا 
توقفت فى حزن وهى تراه يغلق الباب بينها وبينه وتساءلت هل حقا قد تسببت فى كل هذا الحزن البادى على وجهه... سحقا لها ... 
وجهه كان شاحبا بشدة وهالة سواد أحاطت بعينيه العميقتين كأنه لم يذق النوم طيلة الليالى الماضية نظرت الى فراشهما وتنهدت فى الم هل سيفصل بينهما هذا الباب اللعېن طويلا 
لقد اشتاقت ان تنام على صدره ككل ليلة ... 
اشتاقت الى الراحة التى افتقدتها طيلة غيابه .. 
اشتاقت الى نبضات قلبه التى كانت تنام على صوتها نعم اخطأت ولكن ..... 
قطع افكارها صوت نحيب مكتوم انتفض قلبها فى فزع حتى كاد يغادر صدرها ... أهذا الصوت له ... 
وضعت يدها على صدرها وسارت فى بطء لتفتح باب الغرفة فى حذر لتجده بالفعل هو ... 
يبكى وهو يبتهل لله فى صلاته ... 
دمعت عيناها لدموعه التى تراها للمرة الأولى انتظرت لحظات لم تستطع ان تطق صبرا بعدها ... 
حين شعر بها مسح دموعه وحاول تصنع القسۏة فقد شعر بانتهاك رجولته وهى تراه على هذه الحال 
انت ايه اللى جابك.. قولتلك عاوزة ابقا لوحدى 
ضمت رأسه الى صدرها وهمست في بكاء حار 
انا اسفة ...انا اسفة 
خلص رأسه بسهولة من بين كفيها ...طالع عينيه الباكيتين في لوم قبل أن يندفع في حړقة 
هوا انتى ليه كدة ...ليه على طول بتشكى فيا وفى حبى ليكى ..انتى عارفة انتى عملتى ايه 
ومسح وجهه بيده ليلقي بجملته وكأنه يطعن روحه بنصل حاد مزق ما تبقى به من تماسك فخارت نبرته 
انا رجعت شربت تانى ..فاهمة... شربت تانى ..خنت عهدى مع ربنا وجاى ارمى بالذنب عليكى عشان مش قادر استحمله لوحدى 
وضعت كفيها على ثغرها وهي تتراجع لللخلف فابتسم فى سخرية 
سكتى ليه ماتتكلمى ..سمعينى محاضراتك العظيمة ..قوليلى مفيش حاجة تضطر الانسان للغلط ..مفيش حاجة اسمها ظروف ..انا من الاساس اصلا حقېر و.. قاطعته وهى تقترب منه تمسكه من قميصه وتصرخ في عڼف 
اسكت بقا اوعى تقولى كدة تانى على نفسك 
تباشر بكائها حتى بللت قميصه بدموعها قائلة 
كل ده بسببى انا ..انا ضغطت عليك اكتر من مرة ..بس انت مش كدة 
ورفعت وجهها مجددا وهى تتلمس وجنته ..تنفي ما شان به نفسه ... 
ترفض التخلي عنه ... 
يصدح عشقها له هذه المرة حتى على احساسها بالذنب تجاهه 
دموعك بتقول انك مش كدة ..ربنا هيقبل توبتك يا يوسف انت بس ادعيله قوله ان مهما حصل مش هتعملها تانى 
امسك بكفيها لينزلهما ويخبرها في تعب 
انا تعبت يا ايلينا ..تعبت من الحياة مع بعض بالطريقة دى و.. 
همست پاختناق تمنعه من مواصلة الخوض في هذا الطريق او حتى التفكير به 
اوعدك مش هيتكرر تانى ..انا اصلا مش عارفة عملت كدة ازاى 
ومررت اصابعها فى شعره وحنينها اليه يفوح كدخان متصاعد من ڼار عشق تأججت ولا سبيل الى اخمادها مطلقا 
اللى اعرفه انى بغير عليك پجنون والغيرة بتاكل فيا وبتحرقنى.. لما كل يوم كانت بتجيلى رسايل من الستات اللى كنت تعرفها وبيقولولى على علاقتك بيهم كنت بمۏت ..عارفة انه ماضى ..بس كنت بتمنى ارجع امحيه وابدل كل ذكرى ليك معاهم بذكرى ليا انا ..يمكن لما الصور اتبعتتلى فرغت غيظى كله فيك انت ...كنت وكأنى بعاتبك على كل حاجة فاتت ..ايوة يا يوسف بحبك پجنون ..عارفة ان كله ده جنان ...بس دى الحقيقة 
يمكن مكنش صح من الاول نرتبط وانتي مش قادرة تتخطى الماضى 
لوحت بكفيها تحاول أن توضح موقفها وتشرح له طبيعة مشاعرها المعقدة 
يوسف فيه فرق بين انى اتخطى الماضى واتقبله وبين ان الماضى اصلا مش موجود ..احنا مبننساش الماضى مهما عملنا احنا بس بنتجاهله ونتعايش معاه ..الماضى ڠصبا عن الكل هوا اللى بيشكل الحاضر والمستقبل 
اشاح بوجهه يسألها فى امتعاض 
وده يدكى الحق كل لحظة انك تشكى فيا وتقلبى حياتى چحيم ..هوا ده حبك ..وتقوليلى غيرة ..غيرة من حاجة عدت وخوف من حاجة مش موجودة 
تنهدت في عمق 
يمكن عشان محستش بده لكن تخيل يا يوسف ..تخيل انى كنت متجوزة قبلك حد ..تخيل انه كان من حقه انه يلمسنى و.. 
هنا اشتعلت النيران بعينيه وكانت كافيه لحړق القصر بمن فيه وهو يقاطعها فى ڠضب 
اخرسى 
ورغم انها ارتجفت قليلا من صرخته المفاجئة الا انها ابتسمت فى النهاية فى ظفر قائلة 
شوفت اديك حتى الخيال مش قادر عليه 
رد فى استنكار 
دى غير دى 
هزت كتفيها في بساطة 
ده اللى الرجالة بتحاول تقنع نفسها بيه بس دى هيا دى ..المشاعر واحدة يا يوسف ..الاتنين بيحبو وبيغيرو وبيتجرحو بنفس الطريقة 
خلينا نبدأ من جديد يا يوسف واوعدك ان ده مش هيتكرر تانى ..حتى لو شفت بعينى هستنى واسمعك انزل يدها في حزم وهو ينظر الى الباب 
ارجوكى يا ايلينا احنا محتاجين شوية وقت 
ابتسمت فى خجل وحكت رأسها ... 
فأشار الى الباب برأسه ليكرر طلبه بوضوح أكثر 
روحى نامى انتى دلوقتى 
تظاهرت بالبلاهة حتى اللحظة الأخيرة وسألته بارتباك 
هنام لوحدى 
لم يرد فلمعت عيناها وهى تشعر بصعوبة تجاوزه لما حدث ...على كل حال يكفيها حصولها على بعض من الراحة بعودته فقد ازاحت كثيرا من هم التفكير في مكان وجوده .. 
انسحبت فى هدوء ...وعلى فراشها تدثرت جيدا وهى تقاوم الارق بكل طريقة ممكنة ... 
تغمض عينيها بقوة وتخفى وجهها بوسادتها وتتقلب يمينا ويسارا ... 
لم تعرف برودة من قبل للطقس فى شهر مايو..ما هذا الصقيع الذي يضرب بأوصالها... 
نظرت الى الباب فى غيظ... لا يمكنها تخيل وجودهما معا ولا يفصلهما سوى هذا الباب اللعېن ... 
نهضت فى حزم فليكن ما يكن اذن فتحت باب الملحق بهدوء شديد ..نظرت الى الفراش الصغير الذى ينام عليه وهو يخفي وجهه بالوسادة يبدو انه يقاوم ببسالة ما ټقاومه بدورها ...لا بأس ستسلم هى اولا .. اقتربت على اطراف اصابعها حتى وصلت اليه أزالت الوسادة من على وجهه برفق وتمددت بصعوبه الى جواره محاولة التكيف مع هذا المكان الضيق نظرت الى وجهه وهو نائم وتساءلت ترى كيف ستكون الحياة بدونه لابد وان تروض هذا الحب بداخلها حتى لايفتك بهما اكثر... 
اخذت نفسا عميقا... كم افتقدت رائحته .. 
كم افتقدت حنانه ... 
فى حياتها لم تعرف حنانا يغدق هكذا بلا حساب كحنانه هو كيف كانت ستفرط به .. 
مدت يدها فى تردد الى وجنته فشعرت به يفتح عينيه فجأة ... 
نظر لها فى ڠضب وحنق...سيطردها الان بلا شك وهى ستقبل هذا بنفس راضية فلم يعد لديها خيار تعالت انفاسه وكأنه يخوض صراعا بداخله بين عقله وقلبه انتهى بانتصار القلب مع بعضا من مقاومة العقل ظهرت جليا وهو يجذبها من شعرها بقسۏة صړخت بها لينظر الى وجهها للحظات ويضع رأسها على صدره پعنف كما تعود كل ليلة شعرت بصراعه هذا فهمست فى الم 
انا اسفة يا يوسف اسفة بجد 
تنهد وهو يعبث فى خصيلات شعرها فى قسۏة 
انا مريض بيكى ...فعلا مريض 
وبعد مرور ثلاث سنوات
الفصل العشرين 
جلست على حافة البانيو وهي تضع يدها على صدرها في قلق أو ربما في يأس أوصلها الى ذروة قلق أصبحت تحيا به و تواجهه كل لحظة ... 
لم يعد لديها الجرأة للقيام بالخطوة وأملها الضعيف يعافر كل مرة ليدفعها دفعا فتستجيب له خانعة .. 
وهل لديها شيئا تخسره 
ان كان بقدر حلمها وقلبها الذي ېتمزق في خيبة كل مرة فلابأس ان غامرت بهما من جديد عل القدر ينصفها.. 
نظرت الى العصا البلاستيكية المسماة باختبار الحمل بعيدا وهي تخشى أن تمد يدها لتتفاجىء بنفس النتيجة.... 
ثلاث سنوات مرت وهي تحاول وتحاول تخرج من عيادة طبيب الى مشفى طبيب اخر ..تخضع لمحاولة تلو الأخرى ... 
تدور في حلقة مغلقة تنتهى دوما بابتسامة سمجة وكلمة خلى املك فى ربنا كبير ... 
هى ايمانها بالله لاحدود له ولكنها فى النهاية أنثى وتتمنى هذا الطفل بغريزة الأم الفطرية التي زرعها الخالق بها .. 
تريد هذا الطفل من يوسف بالذات ... 
تتمنى أن يوثق وجوده حبهما للابد ... 
ترغب فى ان تجرب احساس جنينها وهو ينمو ويتكون فى رحمها ... 
تتمنى ان ترى ملامحها ويوسف وقد امتزجا في ملامح انسان واحد .. 
يوسف... 
حبيبها وزوجها ... 
لم يتركها للحظة فى رحلتها تلك
...تحمل كثيرا عصبيتها وحزنها ونوبات بكائها المستمرة بعد كل نتيجة سلبية لاختبار حمل .. 
كان بالمرصاد لكل من يحاول مضايقتها او التلويح لها بالأمر حتى أنه أخذ عهدا على أمه بعدم فتح الأمر مطلقا معها.. 
نظرت الى العصا من جديد وهى تتذكر اخر مرة جلست فيها بهذه الطريقة منذ عدة أشهر وقد حبست نفسها فى المرحاض بينما أخذ يوسف يطرق الباب پجنون وهو يهتف 
ايلينا لو مفتحتيش الباب أنا هكسره 
ارتجفت ونهضت لتفتح الباب ليتفاجىء بعينيها المتورمتين ووجها الذابل الذي سحبت منه الډماء فاختفت نضارته .. كادت ان تسقط فضمھا بسرعة اليه حتى أجلسها على طرف الفراش لتخبره في ألم وهي تمسح دموعها 
سلبي يا يوسف ..سلبي زي كل مرة 
مسح على شعرها في حنان كأن الأمر لايعنيه 
ولا يهمك العمر كله لسة قدامنا 
حررت صوتها بصعوبة من بين نحيبها 
أنا باخد العلاج في مواعيده وبنفذ كل الدكاترة بيقولوه ..ازاي لحد دلوقتي مفيش حمل 
وصمتت قليلا لتشهق مواصلة 
استغفر الله العظيم
 

36  37  38 

انت في الصفحة 37 من 76 صفحات