الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية أوتار الفؤاد بقلم منال سالم

انت في الصفحة 15 من 29 صفحات

موقع أيام نيوز

من حدة التوتر المتمكن منها عاودت فتحهما لتردد مع نفسها پخوف مفهوم
أنا بأعمل إيه هنا معاه!!
على الجانب الآخر لم يكن ليتركها تنفذ ما تريد دون أن يتخذ تدابيره اللازمة لحمايتها من إيذاء نفسها هو كان شبه متيقن من كون بقائها بالمشفى يخدمها بكافة الطرق لذا لجأ إلى الطبيب المتابع لحالتها الصحية طالبا منه إعطائها دواء مهدئا ليحجم من عصبيتها ويجبرها على الاستسلام لقواعد علاجها السليمة بالطبع وافق الطبيب على طلبه دون مناقشة فقد كان الخيار الأفضل لصالح المړيضة العنيدة. تنحنح يامن متسائلا في اهتمام
طيب وبالنسبة للتشوهات اللي في رقبتها ودراعها هل ليها علاج
أجابه بمنطقية
أكيد طبعا.
ارتسمت علامات الارتياح على تعابيره في حين أضاف الطبيب موضحا
هي لما هتتعرض على دكتور تجميل متخصص هايقدر يفيدك ويقول خطة العلاج هتمشي إزاي وفي أقرب وقت هاتكون الهانم بقت أحسن ومافيش أثر للتشوه ده
أحس بإزاحة ذلك الثقل الكبير عن صدره ثم أومأ برأسه معلقا عليه
تمام أنا بقى عاوزك تشوفلي أشطر حد نتابع معاه.
رد الطبيب قائلا بلباقة
تحت أمرك يا فندم حضرتك تتفضل تنتظرني في مكتبي وأنا هاديك الكارت الخاص بأحسن دكتور تجميل ومعاه كارت توصية مني و...
قاطعه بضيق ظهر في تعبيراته
أنا مش محتاج توصية!
تفهم الطبيب على الفور تلميحه الصريح بكونه منتسبا لعائلة الجندي فاعتذر على الفور
أكيد يا فندم أنا أسف جدا.
وبلطافة مصطنعة أكمل
هستأذنك هاروح أشوف الهانم عن إذنك يا باشا.
قال له يامن
اتفضل.
راقبه وهو يلج لداخل الغرفة ونظراته لم تتركه تنهد محدثا نفسه بعزيمة قوية وهو يستند بظهره على الحائط
كل حاجة هترجع زي الأول يا هالة وأحسن
..........................................................
كانت الضربات المؤلمة الموجعة تعرف الطريق جيدا إلى مواضع الإصابة في جسده لتضاعف من إحساسه بالألم صړخ مستنجدا بمن ينقذه من بين أياديهم القاسېة ولكن لا حياة لمن تنادي فهو في معزل عن الجميع في ذلك المستودع المهجور مكبلا إلى أحد الأعمدة الخرسانية بعد أن تم
اقتياده إليه لكمة أخرى سددت في وجهه المتورم لتضاعف من وجعه زاد ڼزف الډماء من بين أسنانه المحطمة توسله الرجل منتحبا
ارحمني يا باشا
أشار أوس بيده لفرد حراسته الأمني ليأمره بالتوقف عن الاعتداء عليه اقترب من الرجل ليحدجه بنظرة ڼارية قاټلة تود الفتك به كان يعلم في قرارة نفسه أن أسلوبه الشرس العڼيف سيأتي بنتائجه في الأخير مع أمثاله من المجرمين وسيخضعه له. قست عيناه نحوه وهو يسأله
ها.. مين وراك
أجابه الرجل بتأويهة مټألمة وجسده المقيد يتأرجح في إنهاك شديد
م.. معرفش
رد عليه بلهجة قاسېة لا تبشر بأي خير
شكلك مش ناوي تجيبها لبر معايا وأنا مش بأكرر سؤالي مرتين!
هتف الرجل يستعطفه
يا باشا أنا ادفعلي فلوس من حد من الكبرات واتطلب مني اتأكد إن كانت البت اتغدغت ولا لأ!
كان من الحماقة أن يتفوه بما لا يعرف ردة فعله استفزته جملته الأخيرة فغمغم من بين أسنانه المضغوطة بوعيد أرعبه
أهوو البت دي.. تبقى أختي!
صړخ الرجل مدافعا عن زلته الجسيمة يتوسله
مكونتش أعرف يا باشا حقك عليا
لم يشعر إلا بلكمة أخرى عصفت بفكه وحطمت سنته الأمامية لتقابل أختها التي سبقتها واستقرت بجوار قدمه صړخ مستغيثا بما تبقى من صوته المبحوح
هاموت حد يلحقني أنا معملتش حاجة!
انهال عليه أوس بلكمات متعاقبة متتابعة في أنحاء صدره حطمت ضلوعه وصرخات الرجل تزداد هياجا وانتحابا بكى الرجل وامتزجت دمائه مع عبراته ولعابه. صړخ يرجوه بعد أن توقف عن ضربه
أسف يا باشا ارحمني أبوس رجليك
تراجع أوس للخلف ماسحا دمائه العالقة بين أصابعه بالمشنقة التي أحضرها له أحد أفراد حراسته ثم تابع أمرا بنبرة لا تعرف للشفقة معنا
خلصوا عليه وارموه للكلاب اللي برا
جزع الرجل على الأخير وتيقن أنها نهايته الحتمية بهيسترية مړعوپة صړخ مهللا لينجو ببدنه خاصة حينما أولاه أوس ظهره
لألألأ خلاص هاقول اللي أعرفه
توقف عن السير ليستدير نحوه وهو يطالعه بنظراته القاسېة هتف الرجل بنبرة متلهفة لينقذ نفسه من براثنه الممېتة
هي واحدة هانم كلمتني وكيشتني بالفلوس وكان ده كل دوري
سأله مباشرة
حلو.. مين الهانم دي
أجابه بصوته المهتز
بالله ما أعرفها
رد عليه بتهكم
مالهاش اسم بتشتغل كده عمياني!!!
أجابه بتردد وأنفاس شبه مقطوعة
كان.. باين اسمها.. رغدة!
التوى فمه بابتسامة جانبية متهكمة بعد أن تأكددت شكوكه التي تكهن بها منذ بداية الأحداث تمتم معلقا عليه
إنت كده جيت دوغري معايا
سأله الرجل وكأنه استشعر في كلماته طوق النجاة
يعني هتسامحني يا باشا
أجابه بعد تفكير استنزف أعصابه وقد اتسعت بسمته المخيفة
طبعا بس لما أخد حقي الأول
وقع قلب الرجل في قدميه هلعا وقد شخصت نظراته على الأخير بل وتضاعف إحساسه المذعور أضعافا مضاعفة حينما نطق من بين شفتيه يأمر رجاله
اتعاملوا
لأ ارحمني يا باشا أنا قولت كل اللي أعرفه
كانت تلك آخر كلمات صړخ بها الرجل يرجوه أن يمنحه العفو قبل أن يتحرك تاركا إياه يتلقى عقوبته نتيجة جريمته التي اقترفها في حق من يخصه اشتعلت عينا أوس بوهج مرعب وتوحشت نظراته قائلا عن نبرة لا تعرف للمغفرة مفهوما
كده إنتي كتبتي نهايتك بإيدك يا رغد .............................................. !!!
كانت مرغمة على وضع النظارة القاتمة على عينيها بعد أن نجحت جراحتها الخطېرة وأتم الله شفائها على خير عادت إلى أرض الوطن بصحبة زوجها وأختها وذلك الرجل الغريب الذي لازمهم كظلهم طوال مدة إقامتهم بالخارج. ترجل ثلاثتهم من السيارة التي أتت خصيصا لإيصالهم لمنزلهم من المطار لتلقي فردوس نظرة مطولة متأنية على كل شبر وزاوية في منطقتها الشعبية ورغم علامات الامتعاض والتأفف الظاهرة على تعبيراتها إلا أن سعادتها باستعادتها لبصرها كانت تفوق أي إحساس آخر راودها في حياتها بالطبع انعكس تأثير المشاهد المتحضرة والأماكن الراقية التي رأتها عليها ودت لو عاشت ما تبقى من عمرها في نفس الأجواء الثرية التي تتناقض كليا مع واقعها البائس والمرير عادت من أحلامها الوردية لأرض الواقع ملتفتة لأختها تشتكي لها بتذمر ساخط الأوضاع من حولها تجاهلتها تهاني وسارت بتؤدة نحو مدخل البناية صاحت فردوس من خلفها بنبرة متبرمة
البت تقى دي معندهاش ډم مش كانت تيجي تشوف أمها ولا خلاص هي خدت على عيشة العز وأكل الوز!
توقفت أختها عن السير لتستدير نحوها رفعت حاجبها للأعلى في استنكار كبير لتنمر أختها الذي لا ينتهي وعدم تقديرها لمواقف الآخرين الشهمة معها بالرغم من أخطاء الماضي الجسيمة نفخت قائلة لها بحدة طفيفة
يا شيخة حرام عليكي بعد كل اللي عملتيه عشانك بتقولي كده عليها!
قالت فردوس ببرود غير مكترثة لحنق أختها البادي على قسماتها
ما هو كان المفروض تكون في استقبالنا هي والمحروس ابنك.
علقت توبخها بغلظة علها تتوقف عن التفوه بسخافاتها المستفزة
احمدي ربنا إن ابني اتحمل تكاليف علاجك وأديكي شوفتي بنفسك الألوف اللي اتدفعت.
مصمصت شفتيها مرددة بسخط
الله! مش حقنا ولا هيستخسر يصرف قرشين زكاة عن نفسه
ثم التفتت إلى زوجها لتسأله
ما تقول حاجة يا عوض ولا إنت عاجبك اللي حاصل ده!
أخرج زفيرا يائسا من صدره ليرد عليها بصوته الخشن
ربنا يهديكي يا فردوس!
اغتاظت من سلبيته
التي دوما تستثير دمائها فهتفت قائلة
هو أنا قولت حاجة غلط ما هي دي الحقيقة ولا عشاني صريحة مش عاجبكم!
نظرت لها تهاني شزرا وهي ترد
خسارة الكلام معاكي خلينا نطلع بيتنا ونرتاح من مشوار السفر.
تابعتها فردوس بنظرات حادة من خلف نظارتها القاتمة لتضيف بأسلوبها المستفز المنفر
والله المفروض يخلي في عينه حصوة ملح ويشوفلنا حتة تانية نضيفة غير الهم اللي هانعيش وڼموت فيه ده ولا أنا أقل منها
رد عليها عوض وقد فاض به الكيل من تذمراتها التي لا تنتهي
هتفضلي زي ما إنتي مهما حصلك عمرك ما هتتعظي يا فردوس!
صاحت فيه بنبرتها المتهكمة
هو حرام نقب على وش الدنيا يا عوض ولا إنت عاجبك الفقر اللي هرى جتتنا ده حتى بيقولك الأقربون أولى بالمعروف!
رد باستياء وهو يضرب كفا بالآخر قبل أن يتركها ويسير بخطواته البطيئة في اتجاه المسجد القريب
لله الأمر من قبل ومن بعد
تمتمت مع نفسها بتذمر
وش فقر!
أبعدت عينيها عنه بعد أن اختفى لتعاود التحديق في الأوجه البائسة التي تمر بجوارها بدت نظراتها أكثر تأففا عن ذي قبل لتخطو بعدها في اتجاه بنايتها القديمة وهي تمني نفسها بأيام قادمة تحمل لها من زهو الحياة ورغدها ما سينتشلها من ذلك الفقر المدقع.
عملتي إيه في هالة ردي عليا!
صړخت بطة بتلك الكلمات الغاضبة في وجه والدتها الهادئ على الرغم من جدية الموقف وتأزمه بعد أن علمت بما صار بأختها. طالعتها الأخيرة بنظرات عادية فاترة وخالية من العواطف لا تنم عن اهتمام أمومي بها أشاحت بوجهها بعيدا عنها لتقول بعد تنهيدة مطولة وكأنها تستدعي الكلام على لسانها
ولا حاجة يا عين أمك.
صاحت متسائلة في انفعال
أومال هي فين والكلام اللي داير بين الخلق!!
أجابتها على مضض وعبوس واضح يكسو ملامحها
هي اللي عملت كده في نفسها وجابتلنا الجرس والفضايح
ثم تركتها لتتجه إلى المطبخ غير مبالية بالحالة العصبية المسيطرة على بكريتها اندفعت بطة في اتجاهها لتعترض طريقها سدت عليها المدخل توبخها في حنق
إنتي مش هترتاحي يامه غير لما تقضي علينا واحدة ورا التانية ومابتتعلميش أبدا من اللي بيحصلك
قست تعابير أمها لترد مدافعة عن نفسها
وأنا كان بإيدي إيه يعني
ثم أخفضت نبرتها لتتصنع الحزن الممتزج بلؤمها الخبيث عل خدعة اهتمامها بفلذة كبدها تنطلي عليها
كنت هاقف لوحدي قصاد العالم القادرة دي ده احنا حيالله ناس غلابة لا لينا في التور ولا الطحين الرك على أختك ده بدل ما تاخدي بخاطري وتقولي اجمدي يامه!
تمالكت ابنتها أعصابها المستفزة كي لا ټنفجر فيها فمن يتعامل مع امرأة قاسېة مثلها عليه أن يكون صلدا متبلدا في مشاعرخ وقادرا على التحكم في انفعالاته وردود أفعاله. أدركت أنها لن تصل معها في جدالها المحموم إلى شيء فوالدتها ستتظل على موقفها المتخاذل سواء معها أو مع إخوتها. تنفست بعمق لتستدعي هدوئها حتى لو كان زائفا ثم سألتها بصوت بدا أكثر تشنجا
وهي راحت فين على كده
أجابتها بوجه ممتقع التعبيرات
الله أعلم
هنا انفلتت أعصابها فهدرت صاړخة
يعني إيه الكلام ده أختي فين يامه رد عليا وريحيني!
أجابتها بنفاذ صبر مستخدمة يدها في التلويح
أهي راحت مع

واحد تبع الباشا جوز المحروسة بنت فردوس.
سألتها بإلحاح محاولة الضغط عليها لتبوح لها بكل ما تعرفه
مين ده
ردت بزفير مستاء
واحد من اللي كانوا بيجوا مع الباشا حد شوفناه كذا مرة بس أنا معرفش هو مين!
رمقت بطة والدتها بنظرة احتوت على الكثير من المشاعر الناقمة على أسلوبها الجاف في تقدير الموقف ثم أشارت لها بسبابتها تهددها
أنا هاكلم تقى وهاعرف مين ده اللي خد أختي من هنا بس صدقيني لو حصلها حاجة فأنا مش هاسامحك ومش هاسكت!
ردت بتبرم
اعملي ياختي اللي عايزاه هو أنا هاحوشك!
ضاقت عيناها بنظرات مغلولة تحمل من العتاب واللوم ما قد يفتت الصخور
14  15  16 

انت في الصفحة 15 من 29 صفحات