بين الحقيقة والسراب بقلم فاطيما يوسف
انت في الصفحة 1 من 180 صفحات
البارت الأول
صباحا في مدينة الإسكندرية عروس البحر المتوسط ومنبع العشق للعاشقين ومأوى السحر والجمال للمحبين
تجلس ريم في منزلها ممسكة بقلمها ودفترها تصمم رداء جديدا من تصاميمها الرائعة التي تحلم أن تنفذ ولو تصميما واحدا منها بيدها
ولكن زوجها يرفض دائما فهو لايريد أن يتعبها أبدا مهما حاولت معه أنها تحب بل تعشق التصميم وتريد أن تجسده علي الحقيقة
ورأي تصميماتها مدير أكبر مصانع الملابس في الإسكندرية وتواصلوا معها عبر رقمها ومضوا معها عقدا بتلك التصاميم الرائعة
وهاهي منذ عامين تتعامل معهم دون أن يروها أو يعرفوا عنها إلا أشياء بسيطة
أكملت التصميم بحرفية ونظرت له بانبهار وهي تحادث نفسها بفرحة
الله الله عليكي ياريما إيه الحلويات دي
والله إنتي خسارة في البلد دي
وأثناء جلوسها في شرفتها وهي سعيدة بتصميمها سمعت جرس شقتها يعلن عن وصول ضيف
ارتدت حجابها وخرجت لتفتح الباب ووجدتها صهرتها
ابتسمت بوجه بشوش وأفسحت لها المجال كي تدلف مرددة بترحيب
اتفضلي ياهند عاملة إيه
أجابتها الأخري بابتسامة خفيفة
أشارت إليها أن تجلس في الشرفة مكان جلوسها ورددت بعفوية
معلش بقي ياهنودة كنت مشغولة في تصميم من بقالي يومين مع شغل البيت ومسؤولية الأولاد والله بحس إن الوقت مش بيكفيني .
تأففت الأخري من ذلك الحديث الذي دائما تسمعه من تلك الريم وأردفت بسخرية
ده إنتي جوزك ماشاء الله عليه مش محتاج
وأكملت بتقليل من شأنها وهوايتها
علشان إيه يعني توجعي إيدك وعينك وهما كام ملطوش بتاخديهم آخر كل شهر وتهملي في بيتك وولادك وصحتك .
هتفت ريم بتعقل شديد وباتزان دون أن تفقد أعصابها من تدخل تلك الهند بشؤونها وهي تحاول الاستهزاء من عملها دائما
أنا بصمم وأنا قاعدة في بيتي ووقت فراغي
ثم أشارت بيدها علي شقتها مسترسلة حديثها
وبعدين بصي حواليكي كدة وشوفي إذا كنت مهملة ولا لأ واديكي طلعتي علي فجاة من غير ماأكون مرتبة لحاجة يعني
واستطردت حديثها لكي توصل لها الصورة صحيحة
وكمان أنا مش بصمم علشان العائد المادي
اصلا باهر مش مخليني محتاجة حاجة ومش بياخد من فلوسي حاجة خالص
بس أنا بحب التصميم والأزياء وعندي شغف الإهتمام وإني أنفذ أفكاري علي الواقع
وميضرش إني أستفاد من حاجة شكل كدة ماديا طالما مش مقصرة في بيتي ولا ولادي .
بهتت ملامح هند من رد ريم الراقي المهذب وأكملت حديثها تسألها عن والدتها كي تنسيها الكلام في ذلك الموضوع التي لم تمل من تردادها له كل مرة تجلس معها .
أحيانا يواجهنا أشخاص عقولهم فارغة وكل مايشغلها بث الطاقة السلبية التي يعيشونها في آذان غيرهم
وهؤلاء التعامل معهم نجعل أصابعنا في آذاننا ولا نضعها ڼصب أعيننا ونرمي بها عرض الحائط حتي لو استكبروا علينا استكبارا .
في منزل مالك الجوهري ظهرا
يقف في غرفته الواسعة ذات الطلاء الهادئ اللون والذي يبعث في النفس الراحة والهدوء كصاحبها فمالك يعشق الجلوس في تلك الأجواء الهادئة بالرغم من طبيعته العصبية
انتهى من ارتدائه لملابسه الكاجوال فهو قلما يرتدي الملابس الكلاسيك إلا في الاجتماعات المهمة
ثم مشط شعره بحرفية ونثر عطره المفضل إليه بسخاء
وجمع أشيائه وأخذ مفاتيح سيارته وهبط للأسفل
وجد والدته السيدة عبير تجلس وتضع السبرتاية أمامها وتصنع قدحا من القهوة و التي تطهيها كل يوم في هذا الوقت خصيصا لولدها مالك
والتي تعلم مواعيد ذهابه يوميا فهي امرإة تمتاز بالطيبة الشديدة والحب لأبنائها
ولم تفكر يوما من الأيام أن
تتزوج بعد ۏفاة زوجها العزيز وتعيش حياتها فقط ترعى أبناءها
أحست بخطوات مالك تهبط الدرج فوجهت أنظارها إليه بإبتسامة مشرقة وأردفت بنبرة حنون
صباح الخير يا مالك تعالي ياحبيبي اشرب قهوتك
واسترسلت بمحبة نابعة من قلبها الجميل
عاملة لك بقي فنجان قهوة متعرفش تشربه من إيد حد غير عبير .
قبل أن يرد عليها الصباح احتضنها وقبل يداها ورأسها بإحترام وود ورد عليها الصباح قائلا بدعابة
أحلي صباح علي أحلي بيرو في حياتي وأحلي بيرو في الدنيا بحالها
واستطرد متسائلا باهتمام
ها أخدتي دوا الضغط قبل ماتفطري ولا نسيتي زي
امبارح
أفسحت له المجال كي يجلس بجانبها وأجابته وهي تفرغ محتوي القدح في الإناء بعناية قائلة
أيوة ياحبيبي أخدته متقلقش عليا أنا زي العفريت قدامك أهو بسبع أرواح
متشغلش بالك بيا إنت أنا عايزاك تركز
في حالك وتهتم بنفسك شوية
ثم أخرجت تنهيدة من صدرها محملة بالهموم وتابعت بخفوت
ياحبيبي إنت من ساعة ما طلقت إللي ما تتسمي نهال وأنت حياتك كلها شغل في شغل ونسيت نفسك خالص ونسيت إن العمر بيجري وكل لما أقول لك تابع مع دكتور علشان خاطر ربنا يشفيك تتابع شوية وترجع تهمل في نفسك .
ضيق عينيه بملل من حديث والدته الذي لاتنفض عنه يوما ودموعها التي تشق قلبه شقا كلما رآها تهبط علي وجهها بسببه وأردف بعتاب محب وهو يضع إناء القهوة علي المنضدة واحتضنها وهو يربت علي ظهرها
ياماما ياحبيبتي كل يوم ټعيطي وتكلميني في الموضوع ده وتاعبة نفسك علشاني دموعك دي بتنزل علي قلبي تكويه وبتحسسني إني السبب في ضيقتك دي كل يوم
واسترسل بتوضيح كي يطمأنها
أنا متابع والله ياست الكل مع الدكتور وهو أكد لي خلاص إن كلها شهور وأبقي تمام بإذن الله وهفرح قلبك ياحبيبتي .
انفرجت أساريرها واطمئن قلبها وربتت علي فخذه بحنان مردفة بفرحة
بجد يامالك يابني ولا بتقولي كدة وخلاص علشان تريحني !
ياحبيبي أنا نفسي ومني عيني أطمن عليك وأفرح بيك وأشيل ولادك علي إيدي قبل ماأموت .
وضع يده علي فمها قبل أن تكمل حديثها الموجع لقلبه مرددا
لأ ياحبيبتي متقوليش كده ربنا يديكي طولة العمر وتفضلي منورة حياتي ياأمي ده من غيرك ماأقدرش اعيش ولا أكمل ياست الكل وست قلبي .
واستطرد يطمأنها بحفاوة أكثر
متقلقيش ياأمي أنا مسافر ألمانيا كمان شهرين علشان أشوف مكن جديد وحاجز مع مركز عالمي هناك من يومين
وبعت لهم التحاليل وطمنوني جدا وقالو لي إن حالتي أصلا مش صعبة ولا حاجة وإن ليها كورس علاجي هاخده بانتظام وعلي فترات وإن شاء الله هبقي تمام وزي الفل
طمني قلبك ياأمي .
ارتاح بالها واطمئن قلبها ونظرت له قائلة بدعاء
ربنا يكمل شفاك علي خير ياحبيبي ويرزقك من الخير أعلاه ومن السعاده أقصاها .
أمن علي دعائها وأكمل قهوته وقام مستأذنا منها كي يذهب إلى عمله
وتركها وغادر وهي تدعي له أن يسدد خطاه ويجعل السلامة تحالفه أينما كان .
في البنك الأهلي بمدينة الإسكندرية حيث يتجمهر في البنك المئات من الأناس
ينتظرون أدوارهم بنظام عالي وترتيت ويرجع ذلك النظام لمدير البنك الأستاذ جميل فكم هو جميل حقا قلبا وقالبا
فهو يدير البنك بحرفية ونظام يشهد له الجميع فهو نابغة في إدارة الأعمال بشكل عام وفي الحسابات بشكل خاص
يجلس جميل في مكتبه وأمامه جهاز اللابتوب الخاص بالبنك ويجلس معه أيضا مهندس الألكترونيات المسؤول عن إدارة الالكترونيات وأجهزة الحاسوب ومسؤول أيضا عن تأمينها ضد الهكر
فجميل اختار موظفينه بدقة وعناية فائقة لأجل المسؤلية العظيمة التي تقع على عاتقه تجاه البنك
تحدث جميل بجدية إلي المهندس نادر وهو يعمل على حاسوبه دون أن ينظر له مرددا
ها يابشمهندس عملت إيه مع الهاكر إللي حاول يخترق حسابات البنك ومفكر نفسه ذكي ومحدش هيكشفه
استمع إليه نادر بآذان صاغية وأجابه بثقة وتأكيد
متقلقش يافندم أنا مقفله كل الطرق إللي يقدر يخترق بيها الحسابات وعايز أفرحك كمان وأقول لك إني خلاص قدرت أوصل لمكانه برغم كل الاحتياطات اللي عاملها
واسترسل حديثه بإيضاح
ابن الذين بيتكلم من أرقام برايفت ومن أماكن عامة يعني كافيهات مثلا مختلفة من كل بلد شكل يعني مرة