الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

رواية امرأة العقاپ بقلم ندا محمود

انت في الصفحة 36 من 86 صفحات

موقع أيام نيوز


القرف 
ابتعدت من أمامه وهمت بأكمال طريقها لكنه قبض على ذراعها وهتف بنظرة وضيعة وابتسامة جانبية ساخرة 
بقول المشي البطال ياما بهدل أبطال مش كدا ولا إيه يابطل الحتة 
نظرت ليده القڈرة الممسكة بذراعها ورفعت نظرها له تطالعه بعينان تطلق شرارات ڼارية يمكنها أن تحرقه وتحوله لرماد بلحظة أظهرت عن شراسة الانثى الشعبية التي تكمن داخلها حيث رفعت حقيبتها التي محاطة بالخارج بقطع حديدية تزين شكلها من الجوانب ومن الأعلى ثم غارت عليه تلكمه بها في وجهه ورأسها بكل عڼف وشراسة وتهتف باستهزاء وغل 

بظبط زي ما انا هبهدل دلوقتي ياتربية وژبالة وعرة
كان يحاول تفادي لكماتها بحقيبتها الثقيلة والمؤلمة وهو ېصرخ بها ويده تعبث في الهواء لكي تمسك بها وتوقفها لكنه لم يتمكن من مجابهة هجومها الشرس عليه وبعد لحظات من الضړب المتواصل توقفت ونظرت لوجهه الذي بدأت تسيل من اعلى جبهته وكذلك جانب ثغره فابتسمت بثقة وانتصار لتجيب عليه بنفس طريقته الشعبية في الحديث 
يا تخليك قد كلامك ياتخلي كلامك على قدك هااا
القت بجملتها ثم استدارت وسارت تكمل طريقها للخارج وهي تبتسم بتشفي بينما الآخر فرفع أنامله يتحسس دماء جبهته وثغره وعيناه معلقة عليها تتابعها وهي تسير مبتعدة عنه ثم خرجت منه همسة متوعدة پغضب هادر وغل 
ماشي يابنت رمضان الأحمدي وحياة أمي لأعرفك ريشا مين على حق
توسلات
كثيرة من ميرفت وهي تحاول إقناع أسمهان بالبقاء وعدم الذهاب
لكن الأخرى لا تسمع لأحد ومصرة على الذهاب لرؤية عدنان ولا تتفوه سوى بشيء واحد أنا هروح اشوف ابني مش هقعد هنا وهو قاعد في المستشفى 
توقفت ميرفت وهتفت برجاء ولطف 
يا أسمهان هتروحي تعملي إيه بس هو لسا في العناية ومفاقش وممنوع حد يدخله وآدم موجود هناك أول ما يفوق أكيد هيتصل بينا ويقولنا 
أسمهان بعصبية وإصرار 
أنا قولت هروح يعني هروح ياميرفت 
تنهدت ميرفت بعدم حيلة وتبادلت النظرات مع زينة التي رفعت كتفيها الأخرى مغلوبة على أمرها وقالت 
خلاص ياماما سبيها على راحتها هي هترتاح اكتر لما تروح وتفضل جمبه هناك 
ارتفع صوت رنين ميرفت فأمسكت به ونظرت لاسم المتصل وردت فورا بتلهف 
آدم طمنا يابني مفيش أخبار 
ظهر التلهف المماثل والقلق على وجه كل من زينة وأسمهان بينما آدم فتنهد بأسى وقال نافيا بنبرة صوت مختلفة من فرط الحزن والإرهاق 
لا لسا مفاقش ياخالتو بس الحمدلله حالته احسن شوية من امبارح انا اتصلت عشان اسألك عن ماما عاملة إيه 
ابتعدت قليلا عن أسمهان وردت عليه بخفوت وصوت منخفض 
رافضة تاكل أي حاجة ودموعها موقفتش من ساعة ما رجعت بليل من المستشفى ودلوقتي بتلبس ومصممة إنها هتروح المستشفى
طيب ادهاني ياخالتو هكلمها أنا
عادت ميرفت مرة أخرى إلى أسمهان ومدت الهاتف لها تهتف 
خدي كلمي آدم يا أسمهان عايز يكلمك
صاحت أسمهان بصوتها المرتفع وانفعال بعدما فهمت سبب رغبته في الحديث معه 
مش هتكلم أنا قولت كلمتي وخلاص
ضمت يدها مرة أخرى ورفعت الهاتف
إلى أذنها تجيب على آدم بيأس 
سمعتها طبعا 
آدم متنهدا بتعب 
طيب خلاص ياخالتو خليها تاجي بس تاكل الأول متطلعش من البيت من غير فطار وخلي بالك عليها معلش
حاضر ياحبيب خالتك متقلقش وخلي بالك إنت كمان من نفسك 
رد عليها بالموافقة في نبرة لينة ثم انهى الاتصال وتحرك باتجاه غرفة أخيه ووقف أمام الزجاج يتابعه
هكذا ملازما إياه منذ مساء الأمس دون أن تحيد نظراته عنه ! 
في مساء ذلك اليوم 
منذ الصباح ولا توجد أي أخبار سارة قلبها يتآكل خوفا وحزنا وكل ساعة والأخرى تجري اتصال بآدم تسأله عن إذا حدثت أي تطورات بحالته الصحية فيجيب عليها بالنفي تجاهد بصعوبة في تمالك
دموعها التي تحارب من أجل الأنهمار وصغيرتها لا تكف عن السؤال متي سيعود أبي هيا نذهب إليه إذا وبكل سؤال لها تجيب هي عليها بحجة مختلفة وثبات مصطنع حتى لا ټنهار أمام طفلتها وكانت تود أن تهتف وتخبرها من بين بكائها قلبي يؤلمني على أبيك مثلك تماما ياصغيرتي ولأول مرة أشعر باشتياقي له ! 
تجلس على مقعدها الخشبي أمام النافذة ترفع ساقيها إلى صدرها وتلف ذراعيها حول ساقيها محتضنة نفسها كطفلة صغيرة تائهة وعيناها تحدق في الفراغ بشرود متذكرة إحدى لحظاتهم اللطيفة معا في الماضي 
كفاية ياجلنار خلاص ليه العياط ده كله ! 
أجابت عليه من بين بكائها بصوت متقطع 
أنا خاېفة أوي على دادا انتصار 
عدنان متنهدا بنفاذ صبر وهو مستمر بحركة يده التلقائية على ذراعها ويزيد من ضمھ لها 
احنا مش كنا عندها دلوقتي ولسا جايين
وكانت كويسة الحمدلله خلاص بقى ارحمي نفسك وارحميني 
توقفت عن البكاء ورفعت رأسها قليلا عن صدره وهي لا تزال بين ذراعيه وطالعته بوجه ممتليء بالدموع ونظرات بريئة احس لوهلة أن ينظر لطفلته الصغيرة التي لم تتعدى السنة ونصف فابتسم بتلقائية قبل حتى أن يسمع جملتها الألطف من نظراتها 
بكرا الصبح هروح اطمن عليها تاني 
رد عليها بخفوت هاديء وابتسامة دافئة 
روحي هو أنا قولتلك لا !
اوووووف وبعدين ياجلنار !
هتفت بصوت تمكن من استيعاب كلماتها من خلاله بصعوبة بسبب بكائها الحار 
إنت لما بتحضني أنا بعيط اكتر
فاقت من ذكرياتها ووجهها كله كان ممتليء بالدموع تبكي الآن ليس لمرض الخالة بل من أجله هو الجميع حولها سواه لا تعرف إلى متى سيظل نائما في ذلك الفراش البائس ألا يكفي هذا القدر ليعلم مقدار محبته في قلوبهم ألا يكفيه دموع الخۏف والړعب التي تسيل من عيونهم لا يحق له أن يؤلم قلبها في الخير والشړ ! يكفيه اللآم التي الحقها بها ستثأر
منه عندما يستيقظ لأنهم لم يتفقا على فراق قد يكون ابدي ! 
استقام آدم من مقعده بتلهف فور رؤيته للطبيب وهو يخرج من غرفة أخيه اسرع إليه شبه راكضا وسأل بقلق 
وضعه إيه دلوقتي يادكتور ! 
علت ابتسامة مشرقة فوق ثغر الطبيب أعادت الأمل والروح لوجه آدم العابس منذ يوما كاملا وتابع الطبيب وهو يعطي البشرى المنتظرة بود وسعادة 
الحمدلله فتح عينه وتجاوز الخطړ على حياته 
تهللت أسارير آدم والبسمة ملأت وجهه كله وكأنه ثقلا ازاحه عن صدره بتلك البشرى المنتظرة لمعت عيناه بسعادة غامرة وډفن وجهه بين ثنايا كفيه متمتما براحة مرددا 
الحمدلله ألف حمد وشكر ليك يارب 
رفع وجهه وهتف يسأل الطبيب 
طيب كدا هيخرج من العناية ولا لسا 
لا للأسف لازم يفضل تحت الملاحظة تحسبا لأي تطورات ممكن تحدث بس هو حتى الآن حالته مستقرة ومفيش خطړ الحمدلله 
اماء آدم برأسه في تفهم وعاد يطرح سؤاله الثاني بترقب 
طيب اقدر ادخل اشوفه 
هز الطبيب رأسة بالموافقة وتمتم ببعض للأسف 
تمام بس اتنين بس اللي هيدخلوا ليه و كل واحد ثلاث دقائق بحد أقصى وبدون كلام كتير عشان متحصلش مضاعفات ويتعب 
تمام يادكتور شكرا 
على إيه وحمدلله على سلامته مرة تاني 
الله يسلمك
ابتعد آدم بعد رحيل الطبيب وأجرى اتصال بأول شخص كان في آخر قائمة الاتصالات ووضع الهاتف على أذنه يستمع الرنين بانتظار رده 
التقطت جلنار هاتفها ونظرت لاسم المتصل فقفزت جالسة بفزع وأجابت هاتفة بتلهف وهي تجفف دموعها التي مازالت فوق وجنتيها 
أيوة يا آدم 
لاحظ بحة صوتها وهي تجيب عليه فابتسم بإشفاق وهتف في فرحة 
عدنان فاق ياجلنار وحالته كويسة الحمدلله 
خرجت منها تنهيدة كان
بمثابة عودة الروح لقلبها المنفطر وظهرت على شفتيها الشاحبتين ابتسامة شكر وعادت الدموع تتجمع في عيناها مرة أخرى من السعادة
ثم ردت على آدم بصوت مبحوح 
الحمدلله طيب اقدر ادخل اشوفه لو جيت يا آدم
ابتسم الآخر واردف بوداعة 
انا متصل بيكي عشان كدا أساسا الدكتور قال اتنين بس اللي يدخلوا تعالي عشان تدخلي تشوفيه وكمان ماما هتصل بيها وهتيجي عشان تدخل وتشوفه 
اتسعت ابتسامتها أكثر ثم سرعان ما قالت بريبة
وإنت مش هتدخل تشوفه ! 
ياستي تعالي انتي بس وملكيش دعوة بيا 
هبت من مقعدها واقفة وقالت بحماس وفرحة 
طيب طيب انا هلبس وآجي دلوقتي فورا 
الفصل السابع عشر 
ارتدت الملابس الطبية الخاصة بالزيارة ووقفت أمام
باب غرفته للحظة تسحب أنفاسها لصدرها في راحة ثم تخرجها زفيرا متمهلا وعلى ثغرها ابتسامة سعادة وشوق 
فتحت الباب ببطء شديد حتى لا تسبب إزعاج ودخلت ثم اغلقته خلفها ببطء أشد من السابق استدارت بجسدها له ورأته نائم في الفراش والأجهزة الطبية حول الفراش من الجهتين وبيده إبرة متصلة بانبوبة صغيرة تصل إلى زجاجة المحلول المعلقة بجانب فراشه تلألأت الدموع في عيناها في لحظة لكنها شدت على محابسهم بسرعة واقتربت بخطواتها الهادئة منه وقفت بجانب فراشه بالضبط واستغرقت لحظات قصيرة وهي تمعن النظر في وجهه الشاحب فلم تتمكن من حجز دموعها أكثر فانهمرت على وجنتيها بغزارة مدت يدها الناعمة وامسكت بيده الكبيرة احتضنت كفه بقوة تستشعر لمسة يده التي ترغب بالشعور بها لأول مرة وعيناها لا تتوقف عن زرف الدموع 
توقفت عن البكاء وتجمدت ملامحها حين شعرت به يضغط بوهن على كفها الممسك بيده وباللحظة التالية يفتح عيناه ببطء في تعب وتخرج همسة خاڤتة منه 
جلنار 
تهللت اساريرها وعلت الابتسامة الواسعة شفتيها فور سماعها لصوته ورؤية عيناه طالعته بنظرة دافئة دون أن تجيب فمال هو برأسه بعض الشيء وتطلع لوجهها وعيناها الغارقة بالدموع فلاحت شبح ابتسامته الواهنة على شفتيه وهمس بصوت بالكاد يسمع وهو يزيد من ضغط يده على كفها 
متعيطيش أنا كويس 
ردت عليه أخيرا بصوت ناعم كلمسة يدها تماما بعينان معاتبة ودامعة 
كنت عايز تفارقني واحنا متفقناش على فراق زي كدا 
ازدادت ابتسامته اتساعا وحرك إبهامه بضعف على كفه الصغير يملس عليه متمتما بصوت بدأ يظهر عليه التعب الحقيقي 
مټخافيش طول ما فيا النفس يبقى مفيش فراق 
وضعت كفها الآخر فوق يده وملست
على ظهره بلطف متمتمة باهتمام وقلق 
طيب متتكلمش كتير عشان متتعبش وشد حيلك أنت بس وقوم بالسلامة يلا عشان هنا واحشتها اوي وكل دقيقة بتسألني عليك وعايزة تشوفك 
خرجت همسة خاڤتة بابتسامة جانبية بها بعض اللؤم 
هنا بس ! 
ابتسمت وهي تشيح بوجهها الجانب الآخر في عدم حيلة منه ثم قالت بوداعة 
أنا هطلع عشان مينفعش أفضل وقت طويل وإنت
ارتاح
سحبت يدها من بين يده ببعض الصعوبة كأنه لا يرغب بتركها ثم ألقت نظرة مطولة عليه تبادلا فيها النظرات قبل أن تستدير وتنصرف مسرعة 
خرجت وبدأت تنزع عنها الملابس الطبية فاقترب منها آدم وتمتم يسألها 
كلمك 
هزت رأسها بالإيجاب في ابتسامة وهتفت 
أيوة الحمدلله هو كويس بس طبيعي بيتعب من الكلام الكتير زي ما قال الدكتور فمخلتهوش يتكلم كتير وطلعت علطول
تنهد آدم تنهيدة حارة براحة ثم ابتسم وطالعها بنظرة ذات معنى 
الحمدلله وإنتي بقى 
فهمت ما يرمي إليه فبادلته الابتسامة وقالت بخفوت وهي شبه ضاحكة تعطيه الإجابة المقصود سؤاله من أجلها 
بقيت كويسة المهم إنت مش هتدخل تشوفه 
لا لا أنا تمام وهو حالته مستقرة وكويس الحمدلله يعني ممكن بكرا الصبح يطلع من العناية وهشوفه
ثم استكمل كلامه في شيء من المشاكسة اللئيمة وهو يضحك 
بعدين أنا اخدت ثواب فيكي إنتي وماما حالتكم
 

35  36  37 

انت في الصفحة 36 من 86 صفحات