رواية كواسر أخضعها العشق بقلم نورهان العشري
ولكن هناك شيء آخر ينغز بقلبها حتى بات ألمه لا يحتمل ألا وهو الشوق !
زفرت بتعب وهي تتوجه إلى
غرفة الملابس لترتدي فستانها الذي كانت قد ابتاعته مع هدى في جولة التسوق الأخيرة وقد نال إعجابها كثيرا حتى أنها حين اشترته لم تكن هناك مناسبة خاصة لترتديه إلى أن جاء ذلك الحفل ..
انقضت نصف ساعة آخرى وها هي تضع اللمسات الأخيرة لزينتها تزامنا مع صوت إغلاق باب الغرفة تخشبت أناملها الممسكة بطلاء الشفاه وهي تشعر باقتراب خطواته من غرفة الملابس و رئتاها التي بدأت تنتشي برائحة عطره النفاذة التي دائما ما تسبقه إضافة إلى ضربات قلبها المتلاحقة تأثرا بوجوده الذي افتقدته طوال الأيام المنصرمة فأغمضت عينيها تحاول استجداء ثباتها الواهي ليقف معها أمام هذا التخاذل الكبير الذي تستقصيه الآن مع جميع حواسها المتلهفة إليه بينما كان هو الآخر يحارب بضراوة لهفة خطواته التي تقوده إليها و كأنها نهرا عذب وهو اللهبان الذي يتوق لقطرة واحدة من رمقها كي يعود إلى الحياة من جديد .. و الذي لدهشته شعر بأنها غادرته حين غاب عنها في الأيام المنصرمة..
قالها فراس بخشونة بينما ترددت أنفاسه الموقدة خلفها لتشتعل تلك الشرارة بداخلها مرة أخرى و خاصة حين شعرت بكفوفه الغليظة تحتويها فأطاعته بصمت لتصطدم بصورتهما في المرأة فهي تبدو كطير صغير يغوص بجانب أسدا جسور .
هل كنت تنتظرينني
بدت لهجته خشنة تتناسب مع وهج عينيه التي كانت تشملها بنظرات حاړقة في المرآة فأجابته بلهجة خافته تعكس اضطراباتها العظيمة في حضرته
ضاقت نظراته وهو يسألها بنبرة جافة
هل هذا فقط ما يجعلك تنتظريني
صارت ضربات قلبها چنونية حتى دوى طنينها في أذنيها و لم تعد تعرف بماذا تجيبه و تخشى هيمنته القوية عليها فانفرطت الكلمات من بين شفتيها دون أن تملك القدرة على إيقافها لذا آثرت تغيير دفة الحديث قائلة بنبرة متحشرجة
لو فكرت لثوان لم تكن لتخرج هذا الاستفهام من بين شفتيها ولكنها كانت تريد الهرب من طلقات الړصاص لتجد نفسها عالقة في حقل ألغام تفجر بصدره حين أعادت انتباهه إلى جمالها الآخاذ و حضورها الطاغي لتجد يده تضغط بطريقة جعلت الډماء تندفع إلى خديها ثم توقف نبضها حين سمعت همسه الخشن بجانب أذنيها
علقت الأنفاس بصدرها ووقعت عينيها أسيرة لنظراته الشغوفة و لكلماته التواقة التي أضرمت الڼار في سائر جسدها و من المؤكد أنه شعر بكل ما يحدث بداخلها فحاولت استجداء بعضا من ثباتها وهي تقول
إذن هل أصبحت أشبه نساء المجتمع المخملي
تراقصت إبتسامة متلذذة على ملامحه قبل أن تديرها يديه لتصبح في مواجهته فازداد الأمر سوءا بالنسبة إلى كليهما و خاصة هي فقد كانت أضعف من مقاومته و مقاومة كل تلك المشاعر المتأججة تجاهه و التي لا تفلح كلماته في إخمادها أبدا
لا يجوز مقارنتك بهؤلاء النساء أبدا
ولما لا يجوز المقارنة بيني و بينهم لا أفهم
جاء صوته الخشن كسيمفونية عذبة زخرفتها نظراته الشغوفة حين أجابها
بإستطاعتي أن أقارنك بالنجوم .. بالمطر ..أو مع شروق الشمس .. تلك الأشياء النادرة هي فقط ما يشبهك نور.
انشرح صدرها بحبور ولم تفلح في إخماد ابتسامتها و التي لا تصف
ما يتأجج به قلبها من مشاعر جياشة لغزله الساحر و الغير متوقع فلم تستطيع منع نفسها من إعتراف المزيد منه فهمست قائلة
أتعني أن المقارنة هكذا ستكون عادلة
التنعم برؤية إبتسامتها التي ضاعفت حسنها أكثر كان أمرا يفوق حتى أحلامه التي أصبحت مؤخرا لا تدور سوى حولها لذا أجابها بخشونة
لا.. فبرأيي النتيجة محسومة من البداية وهذا ليس عدلا .
استفهمت برقة
كيف ذلك
أجابها بشغف يقطر من عينيه قبل نبرته
أعتقد أنت تفوقين كل شيء خيالي و نادر في الوجود
همست بخجل
أعتقد أنك تبالغ قليلا ..
أظلمت نظراته و شابهها لهجته حين قال ويديه تلصقانها به
بإمكاني اقناعك..
حين أوشك على اقتناص جنتها اوقفهما طرق قوى على باب الغرفة و الذي كان للخادمة التي أخبرتهم بأن الجميع في الأسفل بانتظارهم لذا تحمحم بخشونة قبل أن يقول
ستبدأين بالعمل معي بدء من الاسبوع القادم
خرجت شهقة خافته من جوفها فيما نالت الصدمة من ملامحها و لهجتها حين قالت
هل حقا ما تقول
أجل .. سأخبرك بجميع التفاصيل لاحقا .. هيا لننزل الآن ..
أوصد أمامها مقاليد الحديث فلم تجد مفر سوى الامتثال لأوامره ملبية ندائه الصامت حين مد يديه لتتأبط ذراعه فأطاعته بصمت لينزلا الدرج سويا حيث الجميع ينتظرهما.
أحمق يا عزيزي إن ظننت أن قلب المرأة أن أحب لا يكره . فعلى قدر حبها يكون ۏجعها عظيم و انتقامها أعظم . و سلاما عليك إذا ظننت يوما أنك تستطيع الإفلات منه ..
نورهان العشري
خطت أقدامها إلى الداخل بثقة لا تعلم من أين واتتها ربما كان خلفها ۏجع عظيم ولد رغبة هوجاء في الإنتقام الذي جعلها تتفنن في انتقاء كل شيء بدء من هذا الحذاء الأنثوي ذو الكعب العالي الذي يدق بإغواء كلما خطت أقدامها إلى ذلك الثوب الأكتاف بلونه الأسود الذي غير معلوم أن كانت هي من زادت من بهائه أو هو من أضاف إلى حسنها تزينه ألماسات براقه تشبه نجوم متلألئة في سماء حالكة السواد ينعكس بريقها على بحرها الأسود اللامع الذي يظلله سياج كثيف من الرموش الحالكة التي يتماشى سوادها مع سواد حاجباها الكثيفان المرسومان بإحترافيه من صنع الخالق عز وجل يزينان وجها وضاحا دائري كالبدر المنير بوجنتين ممتلئتين يزدهر فوقهم محصول التفاح الشهي يتوسطهما أنف رقيق فوق قوس شفاها مكتنزة بترغيب صبغتهما بلون النبيذ الأحمر المغوي لمن يراه و المسكر لمن يرتشفه .. ثم قامت برفع شعرها إلى الأعلى تاركة بعض الخصل المتمردة تنساب
بنعومة حول وجهها الذي كان يعلو رقبه طويلة مٹيرة زينتها بسلسال رقيق على شكل وردة حمراء جميلة كصاحبتها..
شقت طريقها بين المدعوين برأس مرفوع و أنف شامخ متجاهلة تلك النظرات التي تحاوطها من كل الاتجاهات و أيضا تلك الهمهمات التي منها متعجبة و آخرى معجبة ولكنها لم تهتم فقد كانت تبحث عن نور التي وجدتها تقف وحدها بعد أن انشغل فراس في الحديث مع أحد رجال الأعمال لتشعر بأحدهم يضع يده فوق كتفها فقامت بالالتفات لتقع عينيها على هدى التي كانت تناظرها بإبتسامة جميلة فصاحت نور بانبهار
هدى هل هذه أنت
هدى بسخرية
لا أنا عفريت.. نعم أنا ماذا أصابك نور
نور وهي لازالت على حالتها من الإنبهار
يا إلهي تبدين رائعة .. أين كنت تخفين هذا الجمال يا فتاة
انكمشت ملامحها بسخرية تشوبها المرارة التي اوضحتها نبرتها حين قالت
هل كان مظهري بشعا إلى هذه الدرجة
فطنت نور إلى ما تشير إليه فحاولت أن تجمل كلماتها قدر المستطاع حين قالت
لا .. طبعا لا اقصد ذلك .. أنت دائما جميلة .. ولكن الآن أنت تفوقين الجمال بمراحل .. تبدين .. ماذا أقول تبدين مبهرة .
أثقلت كلمات نور ثقتها بنفسها و عززت من غرورها الذي تفشى في نبرتها وهي تقول
من الآن فصاعدا سأكون هكذا .. هدي القديمة لم يعد لها وجود .
ناظرتها نور بخبث ثم قالت تمازحها
أعترفي أنك أردت تسديد سهم قاټل في مرمى شاهين ! ولكن اعلمي انك هكذا ستتسببين في خسائر فادحة
تجاهلت صخب دقاتها من حديث نور و قالت بجفاء
فلېحترق بنيرانه التي أشعلها و أيضا انا لا أضعه في حساباتي فقد رسمت حياتي بدونه وأنا الآن أفضل بكثير .
لم يكن حبا مستحيلا و لكنه ايضا لم يكن ممكنا. لم تفرقنا الأقدار بل اختارنا الفراق بأنفسنا . اختارته انت و لم اقاومه انا .احتملت من الالم و العڈاب و الحزن ما لم يتحمله أحد و كنت كل ليله أخبر نفسي بأنه لايزال مكاني بقلبك شاغرا إلى أن جائتني صدمة انتمائك لغيري . في البداية لم استوعبها و رفضها قلبي للحد الذي أتى بي جرا اليك لنضحك سويا علي تلك المزحة السخيفة لآراك تعلنها بملء إرادتك دون النظر إلى قلبي الذي تمزق لاشلاء أمام سهام غدرك و الذي لا أعلم أن كتب له الحياه بعدك مرة ثانية ام لا و بالرغم من كل هذا لم اندم علي عشقك يوما
لم يكن بالعشق المر أو القاسې و لكنه كان عشق قتلني بقدر ما أحياني
نورهان العشري
مرحبا أيها الضخم..
هكذا تحدث شاهين بصخب و هو يضرب كتف فراس پعنف فالټفت الأخير يناظره بجمود قبل أن يجيبه بفظاظة
لم تأخرت أيها الوغد ألم أخبرك أن تأتي في الموعد
تململ شاهين بضيق تجلى في نبرته حين قال
بربك هل تحاسبني يا رجل امتلك زوجتان لا تجرؤ إحداهما على محاسبتي هكذا
لم يجيبه إنما لمعت عينيه بمكر قبل أن يقول بتخابث
هل استمتعت بوقتك في المالديف إذن
تشدق ساخرا
وهل يستمتع من يمتلك صديق مثلك ! لقد أفسدت علي شهر عسلي و تسأل أيضا
فراس بفظاظة
يالك من ناكر للجميل لقد أنقذتك ولا يمكنك إنكار ذلك ..
قهقه بصخب قبل أن يقول بسخرية
أجل .. و تستحق أن أشكرك على انقاذك لي فقد كدت
أفقد سمعي من كثرة الحفلات الصاخبة التي تعشقها زوجتي المصون .
كان يتحدث و عينيه تدور في كل مكان بالحفل إلى أن التقمت عينيه نور التي تقف و بجانبها إمرأة تبدو من الخلف جذابة للغاية فوجه حديثه إلى فراس قائلا باستفهام
من هذه الفاتنة التي تقف مع نور
فراس بتهكم
أيعقل أنك لا تعرفها
ضيق عينيه بتفكير بينما نظراته تتفحصانها بدقة و سرعان ما برقت عينيه حين فطن إلى هوية المرأة فأخذت ضربات قلبه تدق كالطبول فصاح پصدمة
مهلا .. مهلا هل هذه هدى زوجتي
ناظره فراس باستخفاف لم يلحظه فقد كان مشغولا بالنظر إليها و إمارات العجب والإعجاب بادية على وجهه حين قال باستفهام
ماذا حدث لها يا ترى هل أصابتها قنبلة نووية حطمت دبابيس شعرها اللعينه و بعثرت خصلاتها هكذا
تعاظمت صډمته حين التفتت هدى لتسلم على أحدى السيدات فرأي وجهها ليهتف بإندهاش
لحظة هل تضع مساحيق التجميل هل ماټت أمي و أنا لا أعرف
ضاق ذرعا من سخريته وقال بجفاء
كفاك سخرية و لتعلم قيمة ما لديك قبل أن تفقده .
امتعض شاهين من كلماته فقد كان يجاهد قلبه الذي أخذ ينتفض بداخله تأثرا برؤيتها هكذا و صاح بإنفعال
اصمت يا غبي أنت لا