رواية حي المغربلين
تأكدت بأنه مستحيل خانتها دمعاتها و سبقت لسانها بالسقوط
على وجهها أبعدت الهاتف عنها لتسمح لشهقاتها بالخروج من أعماق قلبها.
آه و ألف آه على وجعه لا يشاركها به أحد يأكلها بمفردها غصة مؤلمة تحاملت على نفسها و ابتلعتها بحلقها للحظة وصل بها عقلها إلى ليلة زفافه على فريدة و كيف سيكون بقمة سعادته.
هل سيأتي يوم و تحمل به طفل هو أبيه و هي ليست والدته بل نسخة منها بالشكل عاد و همس باسمها لتعود معه إلى أرض الواقع
فراشات ناعمة أثارت كل جزء منها أهو بالفعل يشعر بها و يعرف كيف يفرقها عن غيرها! أخرجت تنهيدة حارة ثم أردفت بصوت حاولت إظهار المرح به
_ أكيد مبسوطة و جدا يا عابد بس أنت عارف أول مرة نقعد مع بعض كلمات الواتس و الكتابة مختلف جدا عن الحقيقة وقتها اتوترت و الكلام وقف مش عارفة أقول إيه أو اعبر إني سعيدة ازاي..
أجابها بمشاكسة
_ عندك حق برضو فكرة إنك تقعدي معايا شرف مش أي حد يطوله عموما سلام لأن الحاج عايز يقفل الوكالة و ينام.. أكلمك تاني لما تكوني فعلا على اسمي يا فريدة و دبلتي منورة ايدك..
بشقة كارم.
جلس المقعد بجوار والدته يجفف لها خصلاتها بعدما قام بغسله ثم بدأ يمشطه مثل عادته اليومية بعد ۏفاة والده مع حركة المشط على شعرها كانت تردد لها الدعاء تتمنى لو تراه أفضل رجل بالعالم.
على الاريكة الأخرى كانت نجوى تتابع الموقف بسخط كبير حنان يجعلها لا تطيق العيش بينهما ابدا كل ما تريده الآن خروجه من المنزل حتى تبدأ تلك السيدة بالأعمال المنزلية و تقوم هي لتتحدث مع أصدقائها و تتابع عملها.
انتهت على صوته الهادي
_ مش ناوية تحضري الفطار من ايدك الحلوين دول يا ام يوسف!..
_ عنينا يا أبو يوسف.
قالت جملتها بسعادة حقيقية بعد الفطار سيذهب من هنا و تستطيع هي التعامل بحرية مثلما تشاء ألقى عليها السيدة صباح نظرة سريعة زوجة إبنها تصرفاتها غريبة.
_ ربنا يرضى و يديك يا كارم يا أبن صباح و لا أشوف فيك يوم يحزن قلبي ابدا.
ابتسم إليها قائلا
_ انتي عارفة يا ست الكل كلامك ده و الكام دعوة دول سبب باب الرزق اللي اتفتح ليا النهاردة..
سألته نجوى بلهفة
_ باب رزق ايه ده يا خويا!
أخذ قطعة من العيش واضعا بها قطعة من الجبن بالطماطم مع القليل من الفول مردفا قبل ان يأكل
أبتسمت السيدة صباح بسعادة كبيرة أخيرا سيبتعد ولدها عن عمله الذي لا يأتي إليه إلا المشاكل قائلة
_ حلوة الشغلانة دي يا كارم أهو باب رزق ليك و لابنك.
اومأ إلى والدته و هو يكمل طعامه و عينه معلقة على زوجته التي تعجبت مردفة
_ و
انت بقى هتقعد معها طول النهار يا سي كارم! بقى طول النهار هتكون مع الست اللي بتلمع في الضلمة دي تقع في شبكها لا يا خويا مفيش احلى من شغل الحارة أنا راضية بيه.
قهقه بصوته كله من غيرتها الدائم عليه بأبسط الأشياء مچنونة بحالات متقلبة أحيانا تعشقه و أحيانا أخرى تفر بلا اي أسباب صمت قليلا ليستطيع أخذ أنفاسه المسلوبة منه ثم اجابها بهدوء
_ هو كارم مهما شاف
ستات يقدر يشوف واحدة ست في جمالك و حلاوتك يا أم يوسف بس ده شغل يا بت اكل العيش حاجة و الحب حاجة تانية في القلب يا بت.
_شيماء سعيد _
عودة مرة أخرى لفارس المهدي.
عليها ثقل لا تعلم مصدره جسدها بالكامل مرهق صداع رأسها ايقاظها من نومتها فتحت عينيها أين هي لا تعلم و ما حدث في الساعات الأخيرة لا تتذكر منه شيء.
حالة من الهلع أصابتها على رؤيتها لرجل ينام بجوارها بكل أريحية دارت بعينيها بالغرفة تتأكد من مكانها إلا أنها لأول مرة ترى تلك الغرفة تعالت أنفاسها و ساب جسدها لا تشعر به.
عتمة الليلة أصابتها بالسكون و كم هذا السكون مخيف قشعريرة قوية على سلسلة عمودها الفقري مع ارتجاف فكها دموعها انحدرت على وجهها لتزيد من البرودة حولها.
نزلت ببصرها على نفسها لتغلق عينيها سريعا لا تصدق أنها بفراش رجل غير قادرة على رؤية ملامحه واضحة مع عتمة المكان.
ضاعت و ضاع معها عالمها الذي تمنت العيش به رفعت كفها تمر به على خصلاتها حتى حجابها الغالي سقط من عليها يعلن عن رحيل كل شيء من هي و كيف وصلت لهنا!..
ضغطت على شفتيها بأسنانها تمنع نفسها من الصړيخ مع تذكرها لجملة قالتها بين الوعي و اللا وعي تحب تكون أول واحد يقرب من عذراء حلوة زيي عرضت نفسها عليه و ألقت بنفسها
إلى عالم النهاية.
قامت من جواره تبحث عن ملابسها تريد الفرار قبل أن ترى بعينيه نظره لن تتحملها أرتدت ملابسها و جسدها بالكامل ينتفض مقتربة من الباب لتجده ضمھا إليه من الخلف قائلا
_ رغم إني مكنتش في وعي بس أنتي مش هتخرجي من هنا بعد النهاردة كلك على بعض بقيتي مختومة بختم المهدي و طريقنا بقى واحد.
أغلقت عينيها مردفة بهمس متقطع
_ سبني أخرج من هنا لو سمحت كفاية أوي اللي حصل.
_ هتروحي فين الساعة اتنين أهدى أنا أكيد بعد اللي حصل مش هتخلي عنك إلا لما أعرف حكايتك ايه بظبط.
بكل قوتها ابتعدت عنه قائلة پغضب
_ ابعد بقى حكايتك إنتهت اسمي بقى .
لم تشعر بنفسها أبدا و لم تجد طريقة أمامها للفرار من هذا الموقف إلا عندما أخذت العطر الموضوع أمامها و سقطت به على رأسه لن تتحمل خوض تجربة اقترابه منها من جديد فهي تعلم كيف يراها الآن أطلقت صړخة قوية قبل أن تركض للخارج.
شيماء سعيد
الفصل الرابع.
بداية_الرياح_نسمة
حي_المغربلين
الفراشة_شيماء_سعيد
تركض بالطرقات بلا هوية أو هدف خائڤة من عتمة الليل و المكان الخالي من المارة لا تعلم أين هي أو إلى أين ستصل أنفاسها تتصارع مع صداع رأسها عينيها غارقة بالدموع.
انتهت فريدة المدللة أصبحت رماد... العالم وقف عند نقطة معينة يرفض التحرك منها كلماتها الأخيرة بعرض نفسها عليه الشيء الوحيد المتكرر برأسها.
عصت الله و أضاعت ثقتها بنفسها و ثقة جليلة بها نظرت للمكان حولها أخيرا هي أمام بيتها و لكن كيف ستدخل.
أزالت دموعها بطرف أصابعها ثم صعدت إلى شقتها حمدت الله ألف مرة على عدم وجود أحد مستيقظ بالحي.
تتقدم خطوة إلى الأمام و ألف خطوة للخلف حتى فتحت باب المنزل لترى جليلة و أزهار و فتون بالصالة.
أغلقت عينيها لا تريد أن ترى نظرة الخذلان بعين إحداهن إلا أنها تفاجأت من عناق جليلة لها مردفة بندم
_ حقك عليا يا نور عيني كدة يا فريدة جليلة تهون عليكي و تروحي تنامي عند أزهار.
إلى هنا و قدرتها على التحمل إنتهت سقطت دموعها أكثر و أكثر مع ارتفاع شهقاتها هذا الحنان يشعرها بالنقص ضمت نفسها إلى شقيقتها أكثر تخفي نفسها من نظرات الجميع بين أحضانها.
زاد شعور جليلة بالندم و أخذت تمرر كفها على ظهر فريدة مردفة
_ أهدي يا فريدة.
ابتعدت عنها قائلة
_ أنتي اللي حقك عليا يا جليلة مش أنا عايزة أكون لوحدي.
دلفت سريعا إلى الحمام دون أن تنطق كلمة واحدة ثم أغلقت الباب خلفها بالمفتاح وقفت أمام المرايا تهمس لنفسها دون وعي
_ كل حاجة راحت في لحظة واحدة يا فريدة بقيتي مش بنت و كمان ممكن يكون ماټ يا رب خدني عندك مش قادرة أتحمل.
أزالت الملابس من عليها و فتحت الماء لتسقط على جسدها ربما تطهره لطالما رسمت أحلام لليلة زفافها و كيف سيكون فارس أحلامها حريق مشتغل بأعماق صدرها يأكلها.
ترتجف تحت الماء الساخن غير مستوعبة لما حدث معها جلست على الأرض تضم جسدها إليها تحتمي من المجهول تعلم مع من كانت فهو فارس المهدي من لا يعرف الممثل المفضل لدى الجميع.
آه و ألف آه عليكي يا فريدة نهاية لو تعلم أنها ستصل إليها لقطعت قدميها قبل الذهاب.
_ كل حاجة راحت فريدة راحت و فتون كمان هتروح و جليلة أبيه فاروق أنا خليت كل الناس تشيل ذنبي معايا يا رب أنا خاېفة أوي و مکسورة.
بالخارج استأذنت أزهار لتذهب إلى شقتها لتقترب فتون من جليلة قائلة
_ فريدة جات أهي و كل حاجة هيكون ليها حل أدخلي نامي دلوقتي و نبقى نتكلم بكرة يا جليلة.
ردت جليلة
_ مفيش كلام خلاص يا فتون أنا وفقت على قرار فريدة الجواز لازم يكون بالرضا عابد أحسن واحد في الحي و أي بنت تتمنى تتجوزه بس فريدة قالت لا يبقى لا.
_ أنا موافقة يا جليلة أتجوز عابد هو فعلا أي ست تتمنى تتجوزه.
كان هذا صوت فريدة التي دلفت لغرفة الضيوف و سمعت حديث جليلة.
_______شيماء سعيد_______
بغرفة فرحة كانت تضع يدها على فمها غير مصدقة ما رأته فارس مع فتاة بالغرفة المجاورة لها أهو نسي دينه و ما تربى عليه ليفعل هذا!
ظلت مكانها صامتة بلا حركة منتظرة الصباح حتى تعود إلى بلدتها بعيدا عن تلك الحياة الغريبة عليها على صوت مرتفع خرجت لترى ما يحدث بالخارج.
شهقت بفزع على هذا المشهد فارس على الأرض غارق پالدماء بحالة لا يحسد عليها بأقل من دقيقة طلبت الإسعاف ثم جلست بجواره باكية.
_ فارس رد عليا أنت حاسس بأيه!
فتح عينيه بتعب شديد على أثر صوتها هامسا بين الوعي و اللا وعي
_ مټخافيش يا فرحة أنا آسف على الصورة الموجودة في عقلك ليا..
ثانية أخرى و فقد الوعي بشكل كلي لا يرى أمامه إلا صورتها و إبتسامتها فرت من بين يديه بعدما كانت تزين احضانه لا