مذاق العشق بقلم سارة المصري
من صديقاته القدامى ...تحاول كل منهن دائما ايهامها باستمرار علاقتها به ...
فتحاول هي بالمقابل التشبث بكل ذرة ثقة وضعتها فيه واقناع نفسها بنظرية الوقيعة التي تتبناها مثلهن للظفر به من جديد ...
ولكن الأفاعي لعبن على اضعف وتر لديها ..
الغيرة ...
ان لم ينجحن فى اقناعها بخيانته فعلى الاقل اوصلنها الى التفكير فى علاقاته العابثة من قبل كادت فى كل مرة ان تفقد عقلها وهى تتخيله مع اخرى قبل ان تدخل هى حياته ...
دائما يذكرنها انها حرمت هذا الحق وأن قلبه يحمل صفحات من
ذكريات طويلة له مع أخريات ..
سؤال خبيث يكاد يفقدها عقلها تماما.. هل من الممكن ان يحن الى ماضيه فى يوم ما حين يكتفى منها ويخفت شغفه بها
استغرقت فى أفكارها تماما حتى عادت الى واقعها بقبلته على شعرها ..
تبادل معها حوارا عاديا وهو يبدل ملابسه حتى تفاجىء بسؤالها
يوسف انت ليه مش عاوزنى ارجع شغلى
توقف لحظة وهو يضع ملابسه فى الخزانة والټفت لها قائلا فى هدوء
انا مرفضتش انك ترجعى الشغل ..بس لو هترجعى هترجعى مديرة لقسم التصميمات مش مديرة لمكتبى فاجئها بما قاله فسألته فى حيرة
تمعن بها للحظات... هل يخبرها انه اعتاد دوما ان يفصل بين حياته الخاصة وعمله وانها بالذات ستفقده تلك العادة تماما.. فان بقيت امامه لن يهتم حينها بشىء مطلقا سواها ..شغفه بها قد وصل حد الهوس واذا عادت الى عملها فربما فقد اعصابه فى أي لحظة وقبلها او ضمھا... ليس ربما بل مؤكد هذا سيحدث ليراهما اى موظف فى وضع غير لائق ..
قالتها ايلينا وهى تعقد ساعديها فى مواجهته سامحة لكل شياطين الكون ان تتناول عقلها بالشك كما تشاء وأضافت بسخرية
ولا عايز تكون على راحتك
رد فى حدة وقد ازعجه ما رمت اليه
قصدك ايه
قطبت جبينها تجيبه في ڠضب
انت فاهم قصدى كويس ..شكلك كدة حنيت لمغامراتك القديمة
يبقى الحكاية بقا مش حكاية شغل ..سيادتك عايزة تراقبينى ...مش مكفيكى التلفون اللى كل ليلة بتقعدى تفتشى فيه عاوزانى اكون تحت عنيكى على طول
حاولت الرد فاوقفها بكفه قائلا وهو يحتد بنبرته اكثر
احنا قبل ما نتجوز وانتى عارفة ان كان عندى ماضى وخلاص انا رميته ورا ضهرى ومش عايز ارجعله تانى ..لكن انتى مصرة كل مرة ترجعينا ليه ..مش قادرة تثقى فيا وفى حبى ليكى وتقتنعى انى اتغيرت
اعمل ايه يا يوسف بغير عليك ..كل ما اتخيل انك كنت مع واحدة قبلى ببقا هتجنن ..انا عارفة انه ماضى وانتهى عارفة انى ممكن اكون مچنونة بس كتير كنت بتمنى اكون اول واحدة فى حياتك ..الغيرة بټقتلنى يا يوسف
نظر الى اناملها التى تحيط كفيه وابتسم في حزن
يا ريتها كانت غيرة يا ايلينا لكن ده شك ..وانا طول الوقت اللى فات وانا بحاول اقنع نفسى بالعكس بس هيا دى الحقيقة ...وانا مش هستحمل كتير شكك فيا ولا نظرة الاتهام اللى على طول بشوفها فى عنيكى اللى ساعات بتحسسنى انك ندمانة انك ارتبطتى بيا
سارعت تنفي ما قاله بسرعة
يوسف لا اوعى تقول كدة ....انت اجمل حاجة حصلت فى حياتى
نظر لها فى تمعن ليجد ان عينيها لازالت تحمل الكثير الذى يرفض لسانها البوح به فاقترب ليقبل جبينها فى بطء قبل ان ينسحب الى فراشه قائلا
مش بالكلام يا ايلينا ....مش بالكلام
شهر قد مضى عليها وهى تقيم فى منزل ايلينا القديم فقد رفضت العودة معها الى القصر بعد كل ما تسببت لها هذه العائلة من الم ..أخفت الأمر برمته عن صديقتها وأخبرتها فقط بحاجتها الى البعد لتعييد تقييم علاقتها بزين من جديد ...لم تشأ ان تقحم ما فعلته به هذه العائلة ليفسد ما بين ايلينا ويوسف فهي تعرف أن صديقتها لن تمرر ما حدث ان علمت به مرور الكرام .. فى البداية شعرت بڠضبها على زين فهو لم يهتم بالسؤال عنها كأن لم يجمعهما شيئا ذات يوم ..
هل تضايق لأنها طردته من غرفتها يوم ان ظنت انه من فعل تلك الفعلة الشنيعة
ام تضايق هو من سوء ظنها به
من من حقه ان يغضب من الاصل
هى من اهماله
ام هو من رد فعلها
قضت اغلب اوقاتها فى الرسم وانتظمت ايلينا في زيارتها يوميا لتقضى معها بعض الوقت مكررة محاولاتها لاعادتها الى القصر دون جدوى .. اتخذت قرارها ذات لحظة بالعودة من حيث أتت ورأت ان هذا افضل للجميع ولكنها تحججت بحالتها الصحية التى لم تستقر بعد لترجىء الأمر قليلا ...حجة واهنة ساقتها مشاعرها المعذبة واستجاب الجسد وأعلن ضعفه بالفعل ليثبت مصداقيتها أكثر ..فهي لاتحتمل البعد ..لا تحتمل الفراق ..
مر الوقت ..
خفت صوت العقل تماما ..
تمكنت المشاعر من كل شىء ..
احتل زين وشوقها اليه كل ذرة من تفكيرها ..
شوق عارم محا كل قسوته فى لحظة واتخذ له كل الاعذار بل وضعه فى مكان الضحېة ..
مبررات كثيرة اتخذها قلبها له ورفضها عقلها ليثور القلب ناثرا فوضاه بكل ذرة من احساسها .. فيرفع الكيان بأسره رايته البيضاء مهزوما فلم يعد لشىء سلطان عليه ..
فتحت هاتفها وطالعت بعض الصور التى التقطتها لهما سويا ..
كم منعت نفسها من مطالعتها حتى لا يتغلب الشوق عليها وبما أن المعركة قد حسمت فلا ضير أبدا أن تراهما مرة واثنان وعشرة .
ابتسامات وديعة ..نظرات تحطها بالدفء والأمان .هذا لم يكن وهما مطلقا ..بل كانت حياة بأسرها ..حياة عاشت كل لحظة بها وانتظرت ما لم تعشه بعد منها
هي لم تحتج صورة على هاتف لتدرك هذا ..
لم تحتج أن تتذكر ما لم تنساه من الأساس ..
زين الدين في كل شىء تحط نظراتها مرساه عليه ..بل بين جفونها ان أغلقتها عن العالم ..
بين ألوانها التي تمزجها لتصنع لوحة وفي أوراقها التي لم تمسها أقلامها بعد .....
تنهدت بعمق وهي تستسلم تماما و تدير رقمه ليدق قلبها وترتعد يدها وهى تشعر ان ما يفصلها عن سماع صوته هى تلك الرنات السخيفة ..
كادت ان تنهى المكالمة حين اوشك الرنين على الانتهاء ليقطع صوته كل شىء وكأنه يأتيها من داخلها وليس عبر الهاتف
صوفيا
ازدردت ريقها وحاولت التحكم فى ارتعادها حتى لا يسقط الهاتف منها ...لحظات من الصمت استمعت فيها فقط الى أنفاسه فتتهدت في عمق وكأنها تسحب هذا الهواء الذي يخرج منه الى صدرها ..عله يحمل بعضا من رائحته وكثير من ذكراه ..حملت نبرتها بما تبقى بها من تماسك وهي تهمس
زين ...ممكن اشوفك ضرورى
وفى المكان والموعد المحدد جلست أمامه محاولة الحفاظ على ثباتها وهى تتأمل هدوئه الذى ازعجها واقلقها ..
تبا له الا يشعر بشىء من شوقها الذى كاد ان يجعلها تضمه امام الجميع حتى لو رغما عنه متناسية كل ما حدث لها بسببه ..
تأملت ملامحه للحظات وهو يعبث بكوب العصير امامه فى شرود دون ان ينظراليها فهمست فى عتاب
هنت عليك يا زين طول الفترة اللى فاتت دى متسألش عنى
تنهد وهو يرفع رأسه ببطء اليها
كنا محتاجين فترة نبعد يا صوفيا عشان نقدر نفكر كويس
واضاف بشبح ابتسامة واهنة
لو مكنتيش اتكلمتى انتى النهاردة كنت هكلمك انا بكرة او بعده بالكتير
ابتسمت وهي تمد كفها في تردد تتمنى لو لامست أنامله ولكنها قبضته وأعادته في منتصف الطريق تسأله ان كان لازال هذا حقها أم لا
يعنى وحشتك
أرادت ان تطمئن نفسها باجابته....ارادت ان تحصل منه على اقراره بهذا ..
نظر لها طويلا قبل ان يعود بظهره الى مقعده فى استرخاء
صوفيا اسمعينى ...انا فكرت كويس الفترة اللى فاتت ووصلت ان انا وانتى مينفعش نكمل مع بعض بأي شكل
تصلبت عضلات وجهها تستوضح منه ماقاله
انت قولت ايه
تابع وهو يقطب حاجبيه ويتحاشى النظر اليها لا يتحمل ابدا ان يرى صډمتها فيه
انا وانتى غير بعض فى كل حاجة مستحيل نقدر نتجمع فى نقطة واحدة ..انتى انسانة متهورة مبتديش فرصة لعقلك انه يفكر.. مبتعمليش حساب لاى حد ولا اى حاجة ..مهما احذرك ومهما احاول معاكى برضه بت..
قاطعته بعينين التمعت فيهما دموع القهر هاتفة
انا عملت كدة عشان ايتن ...عارفة انى اتصرفت بتهور بس مكنش قدامى حل تانى
رد فى قسۏة متعمدة وهو يضرب المائدة بكفه ..وضع نفسها في خانة الذنب يذبحه وهو الجاني والمذنب والمشتت
وانا مش هقدر استحمل تهورك ده ..انا كنت انسان ماشى بعقلى عارف انا عاوز ايه كويس من ساعة ما ظهرتيلى وانتى خلتينى اقبل بحاجات عمرى ما كنت اتخيل انى هقبلها ...انا مش عارف هقدر مستحمل ده ولا لا ..بس اللى متأكد منه ان اختلافنا ده فى يوم هيقضى على اى مشاعر جوانا
هزت رأسها في الم تحاول أن تجمع شتات أمرها بأي كلمة ..ما يخبرها به ليس مجرد عبارات ينهي بها عاشق علاقته بمعشوقته بل أنه ينهي حياتها بأسرها التي لخصت كل معانيها به..يشوه حبا راهنت عليه بعمرها كله
لا يا زين ارجوك حبى ليك مش بالضعف ده ابدا ..حبك غيرنى... غير فيا حاجات كتير.. بلاش تسيبنى زيهم يا زين ..انت غيرهم
نظر لها لحظات وبعدها اشاح بوجهه وهو يقول بصوت متهدج بعض الشىء
خلاص يا صوفيا انا خدت قرارى وكل حاجة بينا انتهت
تمتمت وهى على وشك الاڼهيار كأنها لم تعد تسمعه
لا ..لا ..انت لا ..انت مش زيهم ...انت مش زيهم
اغمض عينيه بقوة محاولا اضفاء التماسك على عبارته
الحب لوحده مش كفاية ...كل حاجة بينا انتهت ومسح وجهه بكفيه قبل ان يتابع وكأنه يطلق رصاصة مباشرة الى قلبها لينهي أي أمل لديها
انا وسمر فرحنا اخر الشهر الجاى
هل ما سمعته كان حقيقيا زفافه على اخرى للحظة طنت ان الأرض قد توقفت عن الدوران وان اللغة ربما تبدلت حروفها ومعانيها او هى