السبت 23 نوفمبر 2024

فارس

انت في الصفحة 7 من 59 صفحات

موقع أيام نيوز



ضحك الجميع وهم ينظرون إلى بعضهم البعض وقال فارس لعمرو 
كسفتنا يا جاهل فى حد ميعرفش المكياش
هجمت والدتها عليها وأخذت بشعرها وجذبتها منه وهى تقول 
والله ما هسيبك يا مهرة لازم تضربى النهاردة
أبعدتها أم فارس عنها
وخلصت شعر مهرة من بين يدى والدتها وقالت بحسم
والله لتسبيها انا حلفت بالله وأيه رأيك بقى هتيجى معانا يالا خديها ولبسيها حاجة كويسة وسرحيلها شعرها

هتفت مهرة بسعادة وهى تحتضن أرجل أم فارس حاولت والدتها الإعتراض ولكن أم فارس حسمت الإمر بالقسم خرجت أم يحيى بصحبة مهرة لتبدل لها ملابسها بينما نظرعمرو إلى فارس مداعبا وقال
بقولك ايه احنا ممكن نهرب من مهرة ولا دى
محدش بيعرف يروح منها فين
ضحكت أم فارس وقالت
طب والله البنت دى زى العسل محدش يعرفها أدى أنا هدخل اعملكوا شاى لحد ما تنزل
جلس فارس أمام التلفاز وهو يقول 
وادى قاعدة منك لله يا مهرة هتبقى السبب فى طلاقى فى يوم من الايام
ضحك عمرو وهو يقلب قنوات التلفاز فقال له فارس هامسا
مش ناوى بقى تتقدم انت كمان ولا ايه يا عم المهندس انت
جلس عمرو وظهرت علامات الشرود على وجهه قائلا
مش عارف يا فارس أولا لسه فاضلى سنة فى الكلية ثانيا مش متأكد منها خاېف ترفضنى
ربت فارس على كتفه وقال بابتسامة 
خلاص كلها السنة دى وتتخرج وهتبقى مهندس قد الدنيا وبعدين احنا جيران ومحدش يعرف عنك غير كل طيب هترفضك ليه بقى
زفر عمرو بضيق وهو يقول
مش عارف يا فارس قلقان بس مش أكتر
هتف فارس مداعبا
أنت هتعملى فيها بقى عندك ډم وبتحب وكده
قفز عمرو من مكانه ووضع يده على فم فارس ليسكته قائلا
اسكت يابنى انت انت ايه عاوز تسيحلى وخلاص
خرجت أم فارس من المطبخ تحمل أكواب الشاى فتصنع عمرو انه يهندم ملابس فارس قائلا
لالا مظبوط متقلقش
بعد نصف ساعة كانت مهرة تطرق باب الشقة بقوة وأزعاج أنتفض فارس ليفتح الباب وهو يقول
ايه يا بنتى ده ده انت خبطتك ولا خبطت المخبر
نظرت أم فارس لها بأعجاب وهى تقول 
ماشاء الله أيه الفستان الحلو ده وايه الشعر الحلو ده
دارت مهرة حول نفسها بأعجاب ليدور معها ذيل فستانها الوردى الرقيق وهى تقول
ده فستان العيد يا طنطى
وأشارت إلى حذائها بشغف وهى تقول
ودى جزمة العيد
قاطعها عمرو مداعبا 
وطبعا ده شعر العيد مش كده
ضحك فارس ووالدته التى قالت 
أخيرا شفتك مسرحة شعرك يا مهرة 
هتفت مهرة بصياح
يلا بينا بقى أتأخرنا على الفرح
ثنى فارس ركبتيه بمرح وهو يمد يده إليها قائلا 
يلا بينا يا عروستى
ضحكت بسعادة وهى تضع يدها فى يده بيد وتمسك بطرف فستانها باليد الأخرى وتقول
يلا يا عريسى
كان حفل الخطبة صغيرة وبسيطة وكأنها مقابلة عادية باستثناء صخب الموسيقى المرتفعة فى البيت وبعض باقات الورود فى أركان المنزل ودنيا بفستانها الزهرى وزينتها الكاملة مما جعل فارس يشعر بالحرج بسبب وجود عمرو ورؤيته لها بهذا الشكل كان فارس يجلس فى المنتصف بين والد دنيا ومهرة وكان يلتفت إلى والد دنيا ويتحدث معه باهتمام بينما نهضت دنيا وجلست بجوار مهرة وقالت بابتسامة صفراء
قومى يا حبيبتى اقعدى جنب ماما
رفعت مهرة رأسها ونظرت لدنيا وهزت رأسها نفيا ولم ترد حاولت دنيا كتم غيظها وهى تعيد أمرها مرة أخرى
بقولك قومى يا شاطرة
هذه المرة لم تنظر لها مهرة من الأصل وقالت ببرود
مسميش شاطرة
شعرت دنيا بالډماء تغلى فى رأسها وصاحت بعصبية
بقولك قومى
ألتفت فارس على صوت دنيا وقال بتساؤل
فى ايه يا دنيا
قالت بعصبية 
البنت دى بتعند معايا ومبتسمعش الكلام انا كنت فاكراها مؤدبة زى ما كنت بتقول عنها
صاحت مهرة بصوت يشبه البكاء 
انا مؤدبة والشتيمه حرام واللى بيشتم الكلمة بتلف تلف وترجعله
والتفتت إلى فارس وهتفت به 
مش انت قولتلى كده يا فارس
لف فارس ذراعه حول كتف مهرة وهو يقول
ايوا يا حبيبتى صح بس وطى صوتك شوية ممكن
صاحت دنيا 
أنت بتنصرها عليا يا فارس وكمان بتستأذنها
نظرت أم دنيا لمهرة بحدة وقالت پغضب
أسمعى الكلام يا بنت
فركت مهرة عينيها وهى تصيح 
كده حرام ماما قالتلى عيب نشخط فى الضيوف
نهضت أم فارس وأخذت بيد مهرة وهى تقول لدنيا
معلش يا دنيا هى متقصدش
ونظرت لمهرة وهى تجذبها إليها بلطف قائلة
تعالى يا مهرة اقعدى جنبى يا حبيبتى
تشبثت مهرة بذراع فارس وقالت پبكاء 
عاوزه اقعد جنب فارس
نهض والد دنيا ليحل المشكلة ويفض الڼزاع وأخذ بيد ابنته قائلا
تعالى اقعدى مكانى يا دنيا
جلست دنيا بجوار فارس على الجهة الأخرى وهى ترمق مهرة بنظرات ڼارية
نهض عمرو وجلس بجوار مهرة وانحنى على أذنها قائلا
تيجى نتفرج من البلكونة شوية
حركت كتفيها برفض وهى تمد شفتاها پغضب وتتشبث بذراع فارس أكثر فأمسك فارس بأصبعها المحطية بيده وبدأ فى تدليكها لتسترخى وتطمأن ظلت على هذا الوضع فترة من الوقت ومن الحين للآخر يربط فارس على شعرها أو يدها حتى وضعت رأسها على ذراعه المتشبثة بها وأغمضت عينيها ونامت 
حدث أول تنازل منه ووافق على طلب دنيا التى هاتفته وطلبت منه التنزه سويا قليلا رفض فى البداية ولكنه لم يستطع مقاومة ألحاحها المتكرر وحزنها الذى ظهر فى كلماتها وهى تتهمه بالتقصير تجاهها وعدم سعادته بارتباطهما أخيرا
ألتقى بها فى أحدى المتنزهات التى
أعتادا اللقاء فيها وجلسا على المقعد المعتاد لهما أمام النيل مباشرة ألتفتت إليه وهى مبتسمة وقالت برقة
متقدرش تتصور وحشتنى ازاى
أبتلع ريقه وهو يتذكر كلمات بلال حاول السيطرة على مشاعره وهو يقول 
علشان كده يا دنيا كنت عاوز أكتب الكتاب علشان اعرف اعبرلك عن مشاعرى براحتى
نظرت إليه بجرأة وتفحصت ملامحه التى تحبها وكأنها لم تسمعه وقالت برقة وهى تتلمس ذراعه بأطراف أصابعها 
يعنى انا موحشتكش
أختلج قلبه للمستها وشعر بحراره تسرى فى جسده غلبه شيطانه وهواه وهو يستمع لكلماتها
الرقيقة التى تلقيها بدلال 
ياه لمستك وحشتنى أوى
قالت عبارتها الأخيرة بطريقة لم يتحملها أنهار معها كما ټنهار أبواب السدود لتغمر الأرض العطشة بالمياة ونسي ك
ما كان يحذره منه بلال كان محقا هو بشړي وقدرته على الأحتمال محدودة فكانت النتيجة الحتمية هى التنازل واتباع هواه 
أمسك كفيها ببطء وهو ينظر لعينيها وتعانقت أصابعهما بعضها ببعض وذابت ما بقى بداخله من مقاومة ومر عام
الفصل السادس
ومر عام يحمل فى طياته الكثير تتقلب فيه أمزجة البشر وأحوالهم وأحزانهم وافراحهم كما تتقلب فصوله بين رعد الشتاء وهطول الامطار وحرارة صيفه وكآبة خريفه ونسيم الربيع وشذى عبير أزهاره هكذا هى الحياه لا تدوم على حال ولا تستقر على شأن ولا تعطى الا وأخذت ولا تأخذ الا وتمنح ولا تحزن الا وتفرح ولا تسعد الا وتكسن يشوبها دائما بعض الملل بعض الالم بعض الوجوم بعض التنحى عن الحياة ولهذا هى دنيا لا يوجد بها سعادة دائمه متقلبه متحرره متجمده تعلو وجهها ابتسامه ولكنها أبتسامة مودعه أو راحله أو باقيه وقد تكون ساخره
مارس ابطالنا حياتهم كما هى بين العمل نهارا وليلا ولقاءا يوم العطله لا يخلو من التجاوزات والمحرمات مع بعض السعاده احيانا والكآبه وتأنيب الضمير أحيانا أخرى وقرار عدم العوده ثم العوده بلا أدنى مقاومة 
أما فى نهاية العام كان الانتظار هو أصعب شىء حقا بل كان جبلا يجثو على الصدور يكاد يزهق الارواح أنتظار القرار النهائى بعد مقابلات أختبارات وظيفة النيابة والتى كانت تنبأ عن التفاؤل أحيانا واليأس غالبا ولكن يشوبه بعض الامل
وبعد ظهر أحد الايام عاد فارس الى بيته ليجد الباب مفتوحا وسمع من الخارج صوت جارتهم أم يجيى وهى تطلق الزغاريد قرع الجرس ودخل على أثره ليجد مهره فى استقباله هاتفتة بسعاده وهى تسرع إليه مقبلة عليه أنا نجحت يا فارس نجحت وجبت درجات كبيييره أوى اوى وهروح أولى أعدادى
لم يكن يستطيع أن يتفاعل معها كما هو عدها به فى هذه المناسبات ابتسم ابتسامة باهته وهو يقول
الف مبروك يا مهره الحمد لله انها خلصت على خير
توقفت عن القفز وهى تنظر إليه بعينين حائرتين ووقفت والدته وقد تملكت الدهشه هى الاخرى من رد فعله وقالت 
مالك يا فارس فى حاجه ولا ايه
ثم قالت بتردد
هى نتيجة التعين طلعت!
أبتسم فارس وهو يقول بأجهاد
متقلقيش يا ماما لسه مطلعتش ثم ألتفت إلى مهره وهو يحاول أستيعاد روحه السابقة معها قائلا
ها يا ستى عاوزه هدية ايه
أخفضت نظرها عنه وقالت بحزن
مش عاوزه حاجه أقبلت والدتها أم يحيى قائله بعجله
طيب نستأذن أحنا بقى يا استاذ فارس والتفتت الى أم فارس قائله بحرج
عن أذنك يا ست ام فارس
خرجت مهره ووالدتها التى أغلقت الباب خلفها بهدوء وشرع فارس فى الذهاب الى غرفته ولكنه والدته استوقفته قائله
أنت متخانق مع خطيبتك ولا فى حاجه تانيه مش عاوز تقولها
أستدار اليها بنفس الابتسامة الباهته وقال
يا ماما مفيش حاجه والله ولا متخانق ولا فى حاجه كل الحكايه بس تعبان شويه ومحتاج ارتاح
أم فارس مش عادتك يعنى تعامل مهره كده ده أنت كنت بتذاكرلها فى الامتحانات كأنها فى ثانويه عامه
أتجه الى غرفته مره اخرى وهو يقول
معلش يا ماما لما أنام شويه هرتاح وابقى كويس وقبل ما اروح المكتب هصالحها ان شاء الله
دخل غرفته وأغلق الباب خلفه وهى تنظر الى الباب المغلق بدهشه وتقول فى نفسها
لا ده فى حاجه وحاجه كبيرة كمان
أبدل ملابسه والقى بجسده المرهق على فراشه وأغمض عينيه يطلب الاسترخاء قليلا ولكن من اين تأتى الراحه فقلبه غير مستقر أبدا والقلب المجهد يجهد معه البدن دائما لا ينفك الا فى التفكير فى حياته بعد يومين او ثلاثه عند ظهور النتيجه كيف ستكون وماذا سيحدث ان تم رفضه
يجافيه النوم دائما عند الوصول لهذه النقطة الصماء لا يريد التفكير فيما بعدها بل لا يريد التفكير فيها ابدا
فى المساء وهو يغادر ذكرته لعمله ذكرته والدته بمهره فأومأ برأسه قائلا
حاضر يا ماما هصالحها ان شاء الله
ولكنه لم يكن لديه أى حماس للصعود اليها او مداعبتها كما كان يفعل فتوجه للمكتب على الفور
أنهى دبلومته التى عكف عليها والتى أهلته للتقدم للماجستير وبدأ فى جمع ما يلزمه من أوراق وكتب وخلافه للبدء فى الماجيستير ولكنه لم يكن متحمسا بالشكل المطلوب فهو لم يحلم يوما بهذه الدرجات العلميه بل كان حلمه الوحيد هو النيابه
مر شهرين
آخرين والحال هو الحال وهو يكاد يكون منفصلا عن واقعه تماما فكلما قصرت المده كلما بدأ التوتر والقلق والعصبيه الواضحه حتى حانت اللحظه الفارقه وأستدعاه الدكتور حمدى الى حجرة مكتبه بمجرد وصوله للمكتب مساءا 
طرق الباب ودخل بعد الاسئذان نظر الى الدكتور
 

انت في الصفحة 7 من 59 صفحات