رواية اصقلها شيطان بقلم سماح سماحة
خالتها وظلت تعيد الأتصال بها عدة مرات حتى أجابت عليها ميسرة أخيرا بعد أن أصبح عدد المكالمات الفائتة أكثر من عشرة
السلام عليكم
شهقت سدرة ودموع الفرح تلمع في عينيها عند سماعها لصوت خالتها فقد اشتاقت كثيرا له بعدما أمتنعت ميسرة عن كلامها أو رؤيتها لعامين كاملين
وعليكم السلام أزيك يا ماما عاملة ايه وحشتيني قوي
أفندم خير مش حسان قالك أني مش موافقة على عرضك الكريم وقالك أني لما أحب أروح العمرة هروحها من فلوسي لأنها حلال عشان جاية بالتعب والعرق مش فلوس حرام جاية بالساهل ممكن أعرف بتتصلي عايزة أيه وأنت عارفة أن استحالة أغير رأيي ولا ضميري
أرجوك يا ماما اسمعيني بس الأول وبعد كدا أبقي قرري اللي أنت عايزاه ولو مش عايزة تكلميني بعد كدا براحتك انا مش هزعجك تاني خالص
غلت الډماء بعروق ميسرة غيظا فقد تسلل لداخلها شعور الشفقة عليها وهى لا تريد أن تشعر ناحيتها بأي عاطفة حتى لا يرضخ قلبها لها ويسامحها على الكوارث التي فعلتها ولا يعلم بها أحد غيرها فغلظت صوتها وصاحت بها بقوة
ثم أنهت المكالمة دون أن تضيف حرف واحد وتركت سدرة تقف مصډومة تنظر للهاتف بحسرة وألم نزلت دموعها وأنتحبت بصوت مرتفع بعض الشيء
أنتفضت سدرة بفزع على صوت هارون التي تفاجأت به يقف خلفها فهى لم تشعر بدخوله لغرفتها فأكمل هارون تقريعها بقسۏة ساخرة
أيه كنت مستنية منها تطير من الفرحة مثلا دي مش زيك دي واحدة عندها ضمير وعزة نفس مش واحدة بتبيع نفسها للي معاه أكتر
تعالت شهقاتها وحاولت أن تبرر له أنها كانت ضحېة لشيطان اصقل اخلاقها وشكلها على يديه لتصبح مثله
ابتسم هارون بمرارة وهو يهز رأسه
للأسف عندك حق في كل اللي قولتيه من سوء حظي انا كمان أنك ډخلتي حياتي في توقيت كنت محتاج فيه للحب بعد سنين عجاف عشتهم زي الراهب مبفكرش غير في الشغل وبس عشان كدا مشفتش حقيقتك
أغمضت سدرة عينيها بمرارة وحزن وصړخت به بقوة
عارفة انا عارفة أنك مش ممكن تسامحني لا أنت ولا خالتي ولا اي حد تاني عشان كدا بتمنى المۏت في كل لحظة وكل دقيقة يمكن ساعتها أرتاح من العڈاب اللي عايشة فيه ولولا أن ربنا حرم الأنتحار كان زماني أنتحرت من زمان
هز هارون رأسه يدعي اللامبلاة وخرج من غرفتها مسرعا قبل أن ينهار تجلده ويضمها لصدره يربت على جرحها عله يضمده ولو قليلا لكنه لن يستطيع فعل ذلك فكيف يفعله وقلبه چروحه غائرة بسببها ومازال هناك حواجز قوية بنيت بينهما كلما حاولت هدمها يعيد عقله بنائها وترميمها وتقويتها حتى لا يراها قلبه من خلال شروخ تصدعها ويسرع بهدمها بكل قوته كي ينعم بقربها الذي يتمناه لذا اسرع بالهرب من أمامها وأختبئ برحاب غرفته كي يعيد ترميم ما صدعه ضعفها وبكائها أمامه
بقيت ميسرة بعد أن أنهت مكالمتها مع سدرة تنتحب بصمت وداخلها يتقطع لإشلاء على ما فعلته بفلذة كبدها نعم فسدرة أبنتها هى أبنتها التي سهرت وتعبت الليالي في تربيتها فليست الأم من تحمل جنينها في رحمها فقط بل الأم أيضا من تربي وتنشأ وتعلم وتصقل مبادئ أطفالها ووسط طوفان الألم الذي يعتريها شردت محدثة نفسها
يا تري أيه اللي انا أو جوزي قصرنا فيه عشان سدرة ينتهي بيها الحال كدا
تربية وربيت حب وحبيت أهتمام وكنت مهتمة بيها ومخلية عيني عليها في كل تفصيلة من تحركاتها حتى لو صغيرة ونصيحة ونصحتها وكنت ديما بوعيها لتقع في الغلط وحسان كمان أشهد الله له أنه كان بېخاف عليها وبيحبها أكتر مني يبقى ليه هى عملت كدا في نفسها وفينا
ثم شرعت ټضرب كفيها ببعضهما بحسرة وألم
أه يا حړقة
قلبي عليك يا بنتي