الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية اصقلها شيطان بقلم سماح سماحة

انت في الصفحة 11 من 53 صفحات

موقع أيام نيوز


خالتها وظلت تعيد الأتصال بها عدة مرات حتى أجابت عليها ميسرة أخيرا بعد أن أصبح عدد المكالمات الفائتة أكثر من عشرة 
السلام عليكم 
شهقت سدرة ودموع الفرح تلمع في عينيها عند سماعها لصوت خالتها فقد اشتاقت كثيرا له بعدما أمتنعت ميسرة عن كلامها أو رؤيتها لعامين كاملين 
وعليكم السلام أزيك يا ماما عاملة ايه وحشتيني قوي 

اعتصر الألم قلب ميسرة وودت لو كانت أمامها لأخذتها في أحضانها تفرغ كل شوقها في عناق طويل لكنها تمالكت نفسها ولم تبدي تأثرها وتجلدت وردت بنبرة جافة 
أفندم خير مش حسان قالك أني مش موافقة على عرضك الكريم وقالك أني لما أحب أروح العمرة هروحها من فلوسي لأنها حلال عشان جاية بالتعب والعرق مش فلوس حرام جاية بالساهل ممكن أعرف بتتصلي عايزة أيه وأنت عارفة أن استحالة أغير رأيي ولا ضميري 
نشج صوت سدرة بالبكاء 
أرجوك يا ماما اسمعيني بس الأول وبعد كدا أبقي قرري اللي أنت عايزاه ولو مش عايزة تكلميني بعد كدا براحتك انا مش هزعجك تاني خالص 
غلت الډماء بعروق ميسرة غيظا فقد تسلل لداخلها شعور الشفقة عليها وهى لا تريد أن تشعر ناحيتها بأي عاطفة حتى لا يرضخ قلبها لها ويسامحها على الكوارث التي فعلتها ولا يعلم بها أحد غيرها فغلظت صوتها وصاحت بها بقوة 
اسمعيني أنت الأول وياريت الكلام اللي هقوله ليك تحطيه حلقة في ودنك انا ولا عايزة اشوفك ولا عايزة اسمع صوتك ولا عمري هقبل حاجة منك عارفة ليه لأن فلوسك حرام وانا مبقبلش الحړام على نفسي ولا على بيتي فاهمة وياريت متتصليش بيا تاني لأن دي أخر مرة هرد عليك واكلمك فيها 
ثم أنهت المكالمة دون أن تضيف حرف واحد وتركت سدرة تقف مصډومة تنظر للهاتف بحسرة وألم نزلت دموعها وأنتحبت بصوت مرتفع بعض الشيء 
بتعيطى ليه! 
أنتفضت سدرة بفزع على صوت هارون التي تفاجأت به يقف خلفها فهى لم تشعر بدخوله لغرفتها فأكمل هارون تقريعها بقسۏة ساخرة 
أيه كنت مستنية منها تطير من الفرحة مثلا دي مش زيك دي واحدة عندها ضمير وعزة نفس مش واحدة بتبيع نفسها للي معاه أكتر 
تعالت شهقاتها وحاولت أن تبرر له أنها كانت ضحېة لشيطان اصقل اخلاقها وشكلها على يديه لتصبح مثله 
انا عمري ما كنت وحشة كدا بس حظي السيء هو اللي وقعني في طريق شيطان عرف يشكلني ويخليني زيه انا مبعفيش نفسي من الخطأ بس انا كنت معمية بالحب ومشفتش عيوبة زي ما أنت حبتني ومشوفتش عيوبي لأن قلبك هو اللي كان بيحركك وبيتحكم فيك زي قلبي بالظبط 
ابتسم هارون بمرارة وهو يهز رأسه 
للأسف عندك حق في كل اللي قولتيه من سوء حظي انا كمان أنك ډخلتي حياتي في توقيت كنت محتاج فيه للحب بعد سنين عجاف عشتهم زي الراهب مبفكرش غير في الشغل وبس عشان كدا مشفتش حقيقتك
الحقېرة ومشغلتش بالي غير باللي قلبي محتاجه ولغيت تفكير عقلي لكن عايزك تعرفي حاجة أنك مهما ندمتي وأعترفتي بذنبك دا مش هيشفعلك عندي وياريت توقفي دموع التماسيح دي لأنها مش هتغير صورتك قدامي أنت ذنبك كبيرصعب أنه يتنسي بسهولة وميمحهوش غير الډم 
أغمضت سدرة عينيها بمرارة وحزن وصړخت به بقوة 
عارفة انا عارفة أنك مش ممكن تسامحني لا أنت ولا خالتي ولا اي حد تاني عشان كدا بتمنى المۏت في كل لحظة وكل دقيقة يمكن ساعتها أرتاح من العڈاب اللي عايشة فيه ولولا أن ربنا حرم الأنتحار كان زماني أنتحرت من زمان 
هز هارون رأسه يدعي اللامبلاة وخرج من غرفتها مسرعا قبل أن ينهار تجلده ويضمها لصدره يربت على جرحها عله يضمده ولو قليلا لكنه لن يستطيع فعل ذلك فكيف يفعله وقلبه چروحه غائرة بسببها ومازال هناك حواجز قوية بنيت بينهما كلما حاولت هدمها يعيد عقله بنائها وترميمها وتقويتها حتى لا يراها قلبه من خلال شروخ تصدعها ويسرع بهدمها بكل قوته كي ينعم بقربها الذي يتمناه لذا اسرع بالهرب من أمامها وأختبئ برحاب غرفته كي يعيد ترميم ما صدعه ضعفها وبكائها أمامه 
بقيت ميسرة بعد أن أنهت مكالمتها مع سدرة تنتحب بصمت وداخلها يتقطع لإشلاء على ما فعلته بفلذة كبدها نعم فسدرة أبنتها هى أبنتها التي سهرت وتعبت الليالي في تربيتها فليست الأم من تحمل جنينها في رحمها فقط بل الأم أيضا من تربي وتنشأ وتعلم وتصقل مبادئ أطفالها ووسط طوفان الألم الذي يعتريها شردت محدثة نفسها 
يا تري أيه اللي انا أو جوزي قصرنا فيه عشان سدرة ينتهي بيها الحال كدا 
تربية وربيت حب وحبيت أهتمام وكنت مهتمة بيها ومخلية عيني عليها في كل تفصيلة من تحركاتها حتى لو صغيرة ونصيحة ونصحتها وكنت ديما بوعيها لتقع في الغلط وحسان كمان أشهد الله له أنه كان بېخاف عليها وبيحبها أكتر مني يبقى ليه هى عملت كدا في نفسها وفينا 
ثم شرعت ټضرب كفيها ببعضهما بحسرة وألم 
أه يا حړقة
قلبي عليك يا بنتي
 

10  11  12 

انت في الصفحة 11 من 53 صفحات