رواية امرأة العقاپ بقلم ندا محمود
ثم أشارت للفتى الصغير أن يترك الأكياس ويذهب اقتربت من نافذتها ووقفت أمامها تقول بلهجة كوميدية
نعم ياخالة سميحة
نظرت سميحة لشعر مهرة الناعم والذي يعطي لونا بنيا بعض الشيء وترفعه بذيل حصان ثم قالت
بتحطي إيه لشعرك ده أنا شعري جربت فيه كل حاجة ومفيش فايدة
انحنت برأسها عليها وهمست في جدية ظنتها حقيقية
هتفت بنظرات متشوقة ومتحمسة
قولي
احلقيه وسبيه ينبت من أول جديد
ألقت بجملتها ثم هرولت مبتعدة عنها لتحمل أكياسها وتتجه بهم نحو شقتها فتسمع صوت جارتها وهي تهتف بغيظ ممكسة بخصلات شعرها المعقدة تفك العقد
احلقه قال ده أنا شعري حرير !
كان عدنان جالسا على مقعده أمام المكتب في شركته وينهي بعض الأعمال المهمة ويرتدي نظارته الطبية الخاصة بالقراءة ولم يرفع نظره عن الأوراق إلا عندما وجد الباب ينفتح ليظهر من خلفه شاب في اوآخر عقده الثالث طويل البنيه ولديه جسد رياضي مع عينان عسلية وبشرة قمحية
المرة دي اعتبر
نفسك مرفود لو قولتلي مخلصتش الملف لسا يابشمهندس
ارتفعت صوت ضحكته العالية وتحرك باتجاه المقعد المقابل لمكتبه ليجلس عليه ويلقى بالملف أمامه على سطح المكتب وهو يقول بغرور
عيب عليك يا بوص هو أنا برضوا بتاع الحركات دي
بنظرة ماكرة
من أسفل نظارته
متنفخش نفسك أوي كدا لما اشوف الأول هببت إيه بس
قطع حديثهم دخول آدم المكتب ولكن بمجرد رؤيته لصديق أخيه المقرب في العمل وهو يجالسه تقوست معالم وجهه ورسم الابتسامة المتكلفة على وجهه بصعوبة وهو يهتف بحزم
عايز اتكلم معاك شوية ياعدنان على انفراد !
نبقى نكمل كلامنا بعدين
ثم تحرك باتجاه الباب ومر من جانب آدم ثم رتب على كتفه وقال بابتسامة كانت تماثل الابتسامة التي أرسلها له منذ قليل
مبروك على المعرض يا فنان
إيه الطريقة اللي بتتكلم بيها دي يا أستاذ
سار باتجاه الأريكة المتوسطة في منتصف المكتب ليجلس عليها ويقول بقرف
ده بني آدم مستفز مش عارف أنا أنت مستحمله إزاي
اخلص يا آدم عايز إيه
كان ردا عڼيفا من أخيه يوضح له استيائه من مجرى الحديث وإشارة له بأن لا يتخطى حدوده أكثر من ذلك فقال ببرود ونبرة تحمل المشاكسة
أه أنت جاي تستظرف بقى !!
أصدر ضحكة عالية ليقول بمرح
ده جزاتي إني بحاول افرفشك يعني
ابتسم عدنان ونزع نظارته عنه ثم هتف بلؤم يرمي بتلميحاته الوقحة
لا أنت كدا بتحاول تعمل حاجة تاني
استغرق الأمر ثلاث ثواني بظبط حتى فهم مقصده فاڼفجر ضاحكا وهتف
ولد عيب في أخ يقول
لأخوه الصغير حجات مش لطيفة زي كدا عايز تبوظ أخلاقي
ضحك عدنان وقال بمشاكسة
أنا برضوا اللي هبوظها ولا هي جاهزة
يإما تقعد محترم ومتستفزنيش بأفشاتك واستظرافك ده يإما تمشي
ماشي هقعد محترم يا عم المحترم هااا !
انهي جملته بغمزة خبيثة منه فيجد صوت أخيه الصارم وهو يهتف محاولا إخفاء ابتسامته
اظبط يا آدم بدل ما اظبطك
تعالت صوت ضحكته الرجولية ثم استكملوا حديثهم في أمور مختلفة وتجنب
آدم تماما الحديث عن جلنار وهنا حتى لا يعيد العبوس على وجه أخيه مرة أخرى حيث أنه جاء إليه لكي يخرجه من حالته الغريبة هذه !
خرج نشأت من الحمام بعد أن أخذ حماما صباحي دافيء واتجه نحو المنضدة الصغيرة ليتلقط الهاتف الذي لا يتوقف عن الرنين منذ دقائق ويجيب على المتصل بانفعال
في إيه يا متخلف أنت رن رن رن طالما مردتش يبقى مش فاضي
أجابه الآخر باعتذار وخوف
حقك عليا ياباشا مقصدش أنا اتصلت بس عشان اقولك على الأخبار اللي تخص بنت حضرتك
جذب كامل انتباه عندما هتف باسم ابنته وأجاب عليه بغلظة صوته الرجولي متلهفا
ومستني ايه اخلص اتكلم !
هتف الطرف الآخر يطلعه بكافة المعلومات التي توصل إليها
شكك طلع في محله ياباشا هي فعلا قاعدة مع اللي اسمه حاتم الرفاعي ده في أمريكا
لاحت الابتسامة السعيدة على شفتيه وقال بلهجة آمرة
خلال أربعة وعشرين ساعة عايز اعرف كل حاجة عن حاتم بيته فين ومكان شغله كل التفاصيل والأهم تعرفلي عنوانها
حاضر يا باشا بكرا هتكون كل المعلومات عندك
انهي معه الاتصال والقاه على الفراش والإبتسامة لا تزال تزين ثغره هاهو أخيرا سيجد ابنته بعد رحلة بحث مرهقة لمدة شهرين عنها لا يعرف كيف لم يفكر بذلك الشاب من البداية واحتمالية وجودها معه التي ثبتت بالفعل كانت والدته صديقة زوجته من سنوات طويلة منذ أن كانت ابنته تبلغ من العمر الخامسة عشر وتعرفا على بعضهم واصبحوا اصدقاء مقربين منذ ذلك الوقت ولكنه الآن حين كان عليه أن يفكر به هو أول شخص ويضع احتمالية اختباء ابنته معه لم يخطر على ذهنه إلا مؤخرا !
بمنزل جلنار في أمريكا
تمسك بهاتفها تتصفح مواقع التواصل وهي جالسة على الأريكة في الصالون وبيدها كوب اللبن الصباحي الخاص بها ترتشف منه القليل ثم تضعه على المنضدة الصغيرة التي أمامها وتكمل تصفحها ومن ثم تعود وتلته لترتشف منه مرة أخرى وهكذا على هذا الوضع الوضع حتى ظهرت أمامها فجاة على الهاتف صورة لفريدة على متن مركبة صغيرة يخت ومن حولهم المياه توقفت أصابعها عن التقليب وبقت تحملق بالصورة بوجه خالي من التعابير
فقط قسمات وجهها تشجنت وعيناها ثابتة على الصورة تتفحص كل تفصيلة بها ابتسامتهم العريضة والطريقة التي يضمها بها واحتوائه لها بحب يظهر في عيناه نزلت بعيناها على تاريخ نشر الصورة فوجدتها في صباح اليوم ! ارتفعت ابتسامة ساخرة على ثغرها وهي تهتف باستنكار
واضح أوي غضبه وزعله على بعد هنا عنه واختفائنا
كانت على وشك أن تعود وتستكمل تفحصها للصورة لكنها نزلت بأصبعها
لأسفل على شاشة هاتفها اللمس حتى تمر هذه الصورة وهي تهتف پغضب
بلا قرف أنا مالي كدا كدا هطلق ڠصب عنه
خرجت هنا من غرفتها وهي تركض باتجاه أمها وتمسك بالمجسم الصغير الذي صنعته بمكعابتها الخاصة وترفعه أمام أعين والدتها تقول بفرحة طفل أنجز عملا مبهرا بالنبسة له
بصي
مامي الهرم اللي عملته
اطالت النظر في المجسم الذي ترفعه ابنتها أمامها بشرود للدرجة التي جعلتها لم تراه حتى فقط تحدق به بعدم وعي لكن شعرت بكف صغيرتها وهي تهزها في قدمها وتهتف
مامي
عادت لواقعها ونظرت مرة أخرى للمجسم وهذه المرة أدركت الشكل البسيط التي صنعته صغيرتها فارتفعت الابتسامة لشفتيها وقالت بانبهار حتى تعلي من معنويات طفلتها
الله جميل أووي ياحبيبتي عملتيه إزاي
جلست هنا على الأرض وبدأت بفك المجسم وهي تهتف بحماسة لتعلم أمها الطريقة التي فعلته بها
هوريكي
تابعتها وهي تعيد بنائه من أول وجديد وتبتسم بحنو أمومي ومن دون أن تشعر وجدت عيناها تذرف الدموع لا تعرف لما بكت ولكن هناك غصة مريرة بحلقها وقلبها يؤلمها بشدة لم تكن يوما تتوقع أن جلنار الرازي سيحدث فيها هكذا تلجأ لبلاد غريبة هي وابنتها هربا من ظلم أبيها وزوجها لها لم يعد لديها أحد هي فقط بمفردها بصحبة حاتم
رفعت الصغيرة رأسها لأمها بعد أن انتهت حتى ترى ردة فعلها فوجدت وجهها مملتيء بالدموع اختفت ابتسامتها وډفن حماسها في لحظة لتهب واثبة من الأرض
وتجلس بجوار أمها تقول بعينان حزينة
انتي بټعيطي ليه يامامي الهرم اللي عملته وحش !!
جففت دموعها فورا ونظرت لها تقول بحب وهي تحتضن وجهها
الصغير بين كفيها وتلثم وجنتيها
لا بالعكس ده رائع ياقلب مامي أنا تعبانة شوية ياحبيبتي بس
ارتمت الصغيرة عليها تتعلق برقبتها وتقول بعبوس وضيق
طب مش ټعيطي نروح الدكتور عشان تبقي كويسة
ضحكت ببساطة وزدات من ضم صغيرتها إليها لتقول بمداعبة
حاضر مش هعيط تاني أنا كويسة إيه رأيك نعمل آيس كريم
ابتعدت هنا عن أحضان أمها وهي تطالعها بملامح وجهها الحزينة وعندما رأت جلنار الدموع متجمعة في عيني ابنتها استقامت واقفة وحملتها على ذراعيها وهي تلثم كل جزء في وجهها وتقول بمشاعر جياشة محاولة التحكم في زمام دموعها
حبيبة قلبي أنا مقدرش اشوف دموعك أنا كويسة والله وهنروح نعمل آيس كريم جميل دلوقتي أنا وإنتي هاا إيه رأيك
بحبك أوي يا مامي
وأنا كمان بحبك أوي ياروحي
ثم اتجهت بها نحو المطبخ وبدأت جلنار في تحضير الآيس كريم بمساعدة هنا بالتأكيد التي عادت إشراقة وجهها بسرعة إليها وضحكتها الساحرة
كانت هي تقف بالمطبخ تقوم بتحضير الغذاء وترتدي بنطال منزلي أسود اللون وأعلاه تيشرت رجالي لا يناسب فتاة مطلقا وترفع شعرها الحريري بمعلقة خشبية !
وتتمايل على الحان اغنية شعبية وتردد معها
صك سمعها صيحة عالية باسمها انبعثت من الغرفة الخاصة بجدتها فتركت ما بيدها فورا وركضت باتجاهها لتقول بسخط مزيف
في إيه يا ولية سرعتيني هو أنا في الشارع التاني
لم تبالي فوزية بردها وقالت بحدة وهي تشير لها أن تقترب منها
خدي هنا يا بنت الهبلة
ضړبت مهرة على صدرها وأجابت بامتنان على إهانة جدتها لها
طالعة زي العسل من بوقك والله يا زوزا
يابت قربي متتعبنيش عايزة اتكلم معاكي في موضوع
اقتربت وجلست بجوارها وهي تقول بتصنع الرقة والأدب
قولي يانينا أنا كلي آذان صاغية
طالعتها فوزية بنظرة مستنكرة وتمتمت بسخرية
نينا !! طيب ركزي ياختي معايا ابن ممدوح الأعور طلب إيدك وأنا وافقت وجايين بكرا بليل عشان يتقدموا
انحنت على جدتها وقالت بهمس ساخر
انهي واحد في ولاده العبيط
ولا الاهطل !
صاحت بها فوزية مغتاظة
طاب عليا النعمة الشريفة مافي حد اهطل غيرك ده ابنه اللي اسمه صابر الله اكبر عليه طول بعرض وحلاوة وكمان حالتهم مرتاحة ماشاء الله يعني هيريحك
مهرة بنبرة مخټنقة تحمل المزاح
لا أنا عايزة واحد اسمه مراد عشان اقوله مراد بيك لا تتركني هيك زي المسلسل التركي اللي بسمعه
استشاطت فوزية غيظا ومالت على الأرض وجذبت الشبشب وقبل أن تلقيه عليها كانت الأخرى قد وثبت واقفة وركضت نحو الباب وتفادت ضړبة الشبشب وهي تتلاعب بحواجبها وتقول متعمدة إثارة جدتها أكثر
كبرتي وخيبتي يا زوزا
لو مش عارفة تنشلي عليا قولي وانا اعلمك
صړخت بها بعصبية
خلاصة الكلام عارفة يامهرة ما تعملي حركة من حركاتك اللي علطول بتعمليها كل ما ياجي عريس وتطفشيه لاطفشك أنا من
البيت
وقفت وعقدت ذراعيها في خصرها وتقول باحتجاج ولهجة كوميدية
طيب انتي ترضهالي اتجوز واحد اسمه صابر الأعور وبعدين اخلف عيل ويعايروه العيال يقولوله يا أعور يا ابن الأعور وشوية كمان ويبقى اسمي مهرة العورة
مالت للمرة الثانية على الأرض تلتقط الفردة الثانية وتقذفها بها وهي تصرخ بانفعال
امشي يابت غوري من وشي هتجلطيني وجهزي نفسك لبكرا قال